خبر تجار الخوف- معاريف

الساعة 09:01 ص|12 يونيو 2012

 

تجار الخوف- معاريف

بقلم: عوفر شيلح

        (المضمون: في الوقت الذي تتعاطى فيه دول العالم مع مسألة مهاجري العمل واللاجئين باهتمام شديد، القيادة في اسرائيل تنشغل اساسا في نشر التحذيرات والمخاوف - المصدر).

        لا توجد حلول بسيطة في المسألة المعقدة لمهاجري العمل في اسرائيل. صرخة سكان عراد أو حي هتكفا تعبر عن ضائقة حقيقية، ولكن من يتحدث عن الطرد يفترض أن يعرف بانه لا يمكن طرد معظمهم. كل الضجيج حول مهاجري العمل من جنوب السودان لا يتناول حتى ألف من اصل خمسين الف مهاجر غير قانوني في اسرائيل. الآخرون لن يكون ممكنا اعادتهم الى دولهم. الجهاز الذي يعالج في هذه اللحظة هذا الشأن صغير، إذ أنه لكل السياسيين يوجد حل على الورق، ولكن ليس لدى أحد ميزانية في الجيب. كل ما سيحصل اذا ما استمرت حملات الاعتقال المغطاة اعلاميا وتصل الى أكثر من بضع عشرات – هو أن المعتقلات ستحشر، وعندها الكثيرون منهم سيفرج عنهم ليعودوا الى الشارع.

        الحل هو على ما يبدو خليط من الكثير من الامور: استكمال سد الحدود، الامر الذي يعمل عليه الجيش الاسرائيلي في هذه اللحظة بنشاط؛ الاعادة الطوعية (أو غير الطوعية) لاولئك الذين يمكن طردهم؛ وبداية ترتيب بالنسبة لاولئك الذين لا يمكن. إذ بينما تنشغل اليد اليمنى بتردد في وقف الهجرة غير القانونية، تواصل اليد اليسرى جلب عشرات الاف العمال الاجانب الى اسرائيل في كل سنة، بعضهم في فروع يمكن للمهاجرين من السودان أو ارتيريا العمل فيها.

        لا يقل عن هذه المشكلة الحقيقية، خطاب الزعماء يدل على الضعف. الهجرة هي مسألة عالمية، تتحدى الطبيعة الاجتماعية والاقتصادية لدول عديدة. ولكن القيادات في هذه الدول تتعاطى معها كأمر عملي، يجب التصدي له بوسائل مختلفة دون هستيريا. اما في اسرائيل فالمعالجة العملية المخلولة تترافق وكلمات تثبت فقط لنا مرة اخرى كم هو ضيق عالم من يدعون قيادتنا أو كم هم يعتقدون بان عالمنا ضيق. ولا، أنا لا أتحدث عن النائبة ميري "سرطان" ريغف.

        رئيس الوزراء جند لهذا الموضوع، وكيف لا، التهديد على طبيعة اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. مشوق أن نرى كم من المخاوف يعبر عنها بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاول الذي ولد في اسرائيل المستقلة. لا شيء عنده ليس موضوعا لمعالجة بسيطة ولازمة، بل فقط تهديد وجودي على مستوى تاريخي. نتنياهو حتى ليس حساسا للنبرة التي نشأت حين يقول رئيس دولة عن جمهور من الناس فروا من وطنهم انهم يهددون الطابع العرقي لدولته. واحد من اثنين: إما انه متهكم مقتنع – وربما عن حق – بان التخويف بالتهديد الوجودي يجند اجماعا لكل فعل حكومي؛ أم أنه حقا رجل مصاب بالمخاوف، باستثناء أنه مع قوة عظمى في ايد وحكومة مع 94 نائبا. من الصعب أن نعرف اي تفكير أكثر تشويها.

        وزير الداخلية تحدث عن نهاية "الحلم الصهيوني". غير قليل من الناس في اسرائيل يرون في أفعال وايديولوجيا شاس تهديدا على الحلم الصهيوني. اعتقد أنهم مخطئون، ولكن من الصعب التعاطي بجدية مع التحذيرات عن نهاية الحلم من جانب من يدافع بحماسة عن حق الناس في عدم الخدمة في الجيش وعدم العمل.

        الكلام ليس أمرا فارغا. فهو يقرر الاجواء والصورة، التي تصبح حقائق ملموس، أهم بكثير من الاقتحام الجريء من رجال سلطة الهجرة لمنازل المهاجرين من جنوب السودان. وهو هام ليس فقط لانه في العالم بدأوا ينظرون الينا كدولة عنصرية، بل قبل كل شيء تجاه الداخل – فهو يملي الطريقة التي نفهم فيها أنفسنا، موقفنا من الحكم والدولة. أفترض أن في نهاية المطاف ستوجد رزمة حلول توازن الوضع في ما يتعلق بطالبي العمل. ليس واضحا متى يوجد الحل للاتجار الدائم بالخوف، والذي يشكل في اسرائيل بديلا للقيادة.