خبر حق السكن وحق العودة -يديعوت

الساعة 08:56 ص|12 يونيو 2012

بقلم: سيفر بلوتسكر

قبل بضع سنين اشترت بضع عشرات عائلات اسرائيلية شققا مدعومة في محل سكن جديد في طرف حي قائم. وتبين في المدة الاخيرة ان مقاول البناء استعمل مواد بناء خطيرة ولهذا وجب هدم المسكن. وعُرض على أصحاب الشقق التي تم تأجير بعضها بايجار شقة حسن، عُرضت عليهم شقق جديدة واسعة ومؤثثة تأثيثا خاصا تُبنى لهم في قطعة ارض اخرى في الحي، لكنهم رفضوا الاقتراح بشدة قائلين لن نُخلي شققنا ولن نتخلى عن حقوقنا، وقالوا ان شققنا الحالية مغروسة في قلوبنا عميقا، فهذه ارضنا ولهذا فاننا مصممون على عدم الانتقال الى شقق جديدة حتى لو كانت على مبعدة 500 متر من الشقق القديمة.

لا يبدو هذا منطقيا، أليس كذلك؟ ولا يبدو معقولا، أليس كذلك؟ لكن هذه هي خلاصة القضية المعروفة باسم بيوت الاولبانه مع فرقين، الاول ان بيوت الاولبانه مرشحة للهدم لا بسبب خلل هندسي بل بسبب حكم من المحكمة العليا الاسرائيلية يعارض البناء على ارض عربية خاصة. والثاني أنها في المناطق. ولما كانت في المناطق ولما كان الحديث عن ارض عربية تحول شأن تقني بسيط الى عاصفة وطنية.

نشأ حول قضية بيوت الاولبانه نتيجة هياج الغرائز طائفة من الدعاوى التي لا تحتاج الى ان تثبت لامتحان التحقيق، وهي تصدر عن ناس مشحونين بالايمان ولهذا فانهم معفيون من الحاجة الى البرهان على صحتها ومن الحاجة الى مواجهة آثارها؛ واليكم عددا من الأمثلة.

تقول الدعوى: "لو أن حالة تشبه بيوت الاولبانه وقعت في كفار سابا لما طلب أحد هدم البيوت ولأعطوا صاحب الارض تعويضا فحسب".

ويقول الواقع انه ما كانت لتقع حالة تشبه بيوت الاولبانه في كفار سابا لأن بناء مساكن في هذه المدينة أو في كل مكان آخر داخل دولة اسرائيل مشروط بالبرهان على ملكية الارض المخصصة للبناء أو استئجارها. وما كان أي بنك ليعطي مشروعا كهذا القرض المالي المطلوب بحسب القانون بغير فحص دقيق عن ترتيبات الارض ومن غير نظر لقرارات ملائمة عن لجان التخطيط والبناء. وان عدم وجود كوابح بيروقراطية – مكتبية لزخم الاستيطان في اراضي يهودا والسامرة مهد الطريق لقضية بيوت الاولبانه.

وتقول الدعوى: "ما كان أحد ليتجرأ على هدم بيوت في قرية عربية بُنيت على ارض خاصة يهودية؛ وكان العرب يصرخون فورا لأن اليهود يصادرون منهم ارضا مقدسة".

ويقول الواقع انه يحدث ان يستولي عرب اسرائيل ولا سيما البدو على اراضي الدولة – لا على ارض يهودية خاصة – ويبقون فيها، لكن هذه الحال المعتادة تعاكس قضية بيوت الاولبانه لأن اليهود يصادرون اراضي كانت مملوكة لعرب اسرائيليين وعرب فلسطينيين ويسكنونها مع موافقة سلفا من جهة حكومية اسرائيلية وبغير موافقة. وبرغم ذلك لم يُهدم الى الآن بيت يهودي واحد بُني على ارض عربية بغير مقتضى القانون حتى من غير استيضاح ما هو القانون. وهُدم فقط (القليل جدا) من مباني القرصنة على ارض عامة.

وتقول الدعوى: "ان الشقق كانت ملكنا بضع سنين ولهذا نملك حقا فيها فلنا حق السكن واذا اضطررنا الى مغادرتها سنصبح لاجئين".

ويقول الواقع ان "استعمال حق السكن" تسويغا لعدم اخلاء بيوت الاولبانه يعطي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة قوة جديدة وتعزيزا. لأنه اذا كان ينشأ ليهودي من اسرائيل حق في سكن دائم أبدي في ارض عربية خاصة استولى عليها قبل ثماني سنين أو تسع كان للاجيء عربي من ارض اسرائيل الانتدابية حق أقوى في العودة الى اماكن سكنتها عائلته عشرات السنين أو مئات السنين. واستعمال كلمة "لاجيء" لنعت حال مستوطن يهودي يُطلب اليه ان ينتقل الى شقة على مبعدة نصف كيلومتر هو تزوير اخلاقي (ويشمل هذا الاخلاق اليهودية) وإهانة للاجئين مهما كانوا.

ان من يقدس حق اليهود في السكن في ارض خاصة فلسطينية يقدس ايضا بفعل المنطق البسيط حق عودة اللاجئين الى اراضيهم في اسرائيل اليهودية. صحيح انه حينما يتحدث الايمان يسكت المنطق، لكن أصح من ذلك انه حينما تنام الحكمة تستيقظ الغيلان.