خبر 'تعددت السيناريوهات والكابوس واحد' عشية حسم 'الدستورية' بمصر

الساعة 06:10 ص|12 يونيو 2012

وكالات

تعددت السيناريوهات والكابوس واحد، يقول لسان حال كثير من المراقبين للمشهد المصري الذي يقترب من نقطة فارقة، حينما تصدر المحكمة الدستورية بعد غد الخميس حكمها المرتقب بشأن دستورية تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية، المعروف اعلاميا بقانون العزل السياسي، وقانون مجلس الشعب الذي جرت بناء عليه الانتخابات البرلمانية الاخيرة.

وسيكون لهذا الحكم اثر حاسم في كتابة المشهد الختامي لفترة انتقالية، اصبحت 'فوضى انتقالية' في رأي البعض، ومفترض ان تنتهي بتسليم السلطة الى رئيس منتخب بنهاية الشهر الحالي، حسب تعهدات المجلس العسكري الحاكم.

وتتعدد السيناريوهات التي يمكن ان يطلقها الحكم المرتقب، الا ان الاضطراب السياسي القابل للانفجار عنفا سياسيا ومجتمعيا، بل و'ثورة ثانية' يبقى القاسم المشترك الذي ستؤول اليه. وتكرس القلق من عواقب عدم التوصل لوفاق سياسي، بعد ان تراجعت امس حالة التفاؤل التي افرزها الاتفاق المبدئي على تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، اذ انسحبت ستة احزاب ليبرالية من الجمعية احتجاجا على استحواذ حزبي الحرية والعدالة، التابع للاخوان، والنور السلفي على خمسين بالمائة من مقاعدها.

واذا كان البعض اعتبر ان وصول المرشحين محمد مرسي واحمد شفيق الى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية 'سيناريو كابوسي'، فإنه قد لا يكون الكابوس الاخير او الاسوأ الذي ينتظر المشهد السياسي. اذ يتوقع كثيرون حالة من الرفض الشعبي لنتيجة الانتخابات ايا كانت، فيما ينذر حل البرلمان بالعودة الى المربع صفر، ما قد يكون مبررا لبقاء المجلس العسكري الى حين انتخاب برلمان جديد.

كما ان حكم المحكمة الدستورية قد لا يخلو من مفاجآت مثل الاقرار بدستورية قانون العزل ما سيؤدي الى الغاء الانتخابات. وهذه ابرز السيناريوهات المتوقعة:

اولا: ان تحكم المحكمة الدستورية بشأن قانون العزل، برفض الدعوى شكلا لعدم شرعية قرار لجنة الانتخابات احالة قانون العزل اليها، وان تحكم موضوعا بعدم دستورية القانون.

وهنا سيرجع الامر الى اللجنة التي تتمتع بحصانة ضد الطعن على قراراتها. فإما ان تسمح باستكمال الانتخابات، رغم شبهة البطلان التي طبعت احد قراراتها وهو قبول طعن احمد شفيق على شطبه، واما ان تقرر الغاء الانتخابات واعادة قتح باب الترشيح مجددا، وهذا قد يفتح باب جهنم معه، اذ ان البلاد ستواجه فراغا في السلطة مع الرحيل المتوقع للعسكر بنهاية الشهر.

والبديل ان يتم تشكيل مجلس رئاسي مدني عسكري مشترك يتكون مناصفة بين المدنيين والعسكريين من ستة اعضاء، الا ان الاتفاق على اسماء هؤلاء الاعضاء سيكون كابوسا مستقلا. وهكذا تعود البلاد الى حافة المجهول، في وضع مشابه ليوم الحادي عشر من شباط فبراير في العام الماضي عندما تم خلع الرئيس السابق.

ثانيا: ان تحكم المحكمة موضوعا بعدم دستورية قانون العزل، والتغاضي عن الشكل خاصة ان القانون قد احيل مرة ثانية اليها من جهة قضائية اخرى بطريقة صحيحة قبل عدة ايام، وهنا تستكمل الانتخابات التي ستؤدي نتيجتها الى مزيد من الاستقطاب السياسي على اي حال.

وتوقع مراقبون ان يؤدي فوز الفريق احمد شفيق الى مظاهرات قد تنقلب الى احتجاجات شعبية بمشاركة كاقة القوى الثورية والوطنية بينها 'الاخوان' الذين قد يقومون باعتصامات منظمة تصيب الحياة بالشلل، كما قد تندلع اعمال عنف وهجمات على مقار شرطية وحكومية في انحاء البلاد.

اما فوز الدكتور محمد مرسي، وحسب القيادي السابق في جماعة 'الاخوان' الدكتور محمد حبيب، فقد يؤدي الى حالة انفلات امني، مع رفض القوى الثورية للنتيجة، ويشهد ميدان التحرير انقساما بين من سيحتفلون بسقوط شفيق ومن سيتهمون 'الاخوان' بسرقة الثورة، والاستيلاء عليها.

ثالثا: ان تحكم المحكمة بعدم دستورية انتخاب ثلث اعضاء البرلمان فرديا، ما يعني ضرورة حل البرلمان بالكامل، او اعادة الانتخابات جزئيا. وعلى الاغلب سيتوجب حل المجلس بالكانل تفاديا لعدم الدستورية. واثارت تصريحات للدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب حول الحكم المرتقب مخاوف من ان جماعة الاخوان تنوي التقاعس عن تنفيذ حل البرلمان حتى لا تخسر الاكثرية التي تتمتع بها فيه، وهو ما سيزيد عمق حالة الاستقطاب السياسي، وقد يستفز حالة من الاحتجاج السياسي والشعبي ضد الجماعة، خاصة اذا تزامن مع فوز مرسي بالرئاسة، ومحاولته قمع المظاهرات بالقوة.

رابعا: يبدو ان موقف المؤسسة العسكرية سيتعزز مع كل من هذه السيناريوهات، مع الاخذ في الاعتبار انها جميعا تنتج رئيسا ضعيفا تلاحقه، اما شبهة عدم الدستورية او نقص الشرعية الشعبية، خاصة في حالة الاقبال الضعيف على التصويت مع انتشار دعوات المقاطعة. وهكذا يبقى الرئيس الجديد محتاجا الى المجلس العسكري للاحتفاظ بمنصبه، وغير قادر على الدخول في مواجهة للحصول على صلاحياته كاملة.

ومع كون المؤسسة العسكرية جادة في الوفاء بتعهدها بترك السلطة في التاريخ المحدد، الا انها في الوقت نفسه لن تستطيع ان تغض النظر اذا تدهورت الاحوال الامنية او انتشر العنف المجتمعي الناتج عن الاستقطاب السياسي، ما يجعل البعض يعتقد انها قد تتدخل لاعادة الامن عبر فرض احكام عرفية. ومع انعدام اليقين الذي يبقى سيد الموقف دون منازع، يبدو المخاض المصري الطويل والعسير من اكثر نماذج التحول الديمقراطي بطءا وايلاما دونما ان يجادل احد في مدى اهميته.