خبر ذاكرة مشوهة -معاريف

الساعة 08:27 ص|11 يونيو 2012

ذاكرة مشوهة -معاريف

بقلم: عاموس جلبوع

(المضمون: من كثرة الاحاديث عن الاخفاقات والقصورات والشرور لحرب لبنان الاولى نسي أمر واحد بسيط هو أن الجيش الاسرائيلي انتصر في تلك الحرب في نهاية المطاف - المصدر).

        أنا معني بالوقوف عند تشويهين جوهريين شديدين برأيي وقعا في جملة الاحاديث عن حرب لبنان الاولى. الاول يتعلق بمدى الحرب. يكاد يكون في كل الاماكن تبدأ الحرب في 6 حزيران 1982 وتنتهي بالخروج من لبنان في 24 ايار 2000. ولهذا فانا تسمى حرب الـ 18 سنة، الاطول في تاريخ اسرائيل. وأنا ادعي بان هذا تشويه، ان لم يكن زور وبهتان مقصودان.

        حسب كل منطق الانسان العاقل يمكن أن نرى نهاية حرب سلامة الجليل في حزيران 1985، حين أكمل الجيش الاسرائيلي خروجه من لبنان حسب قرار لحكومة المعراخ. من هذه اللحظة لم تعد هناك حرب. دولة اسرائيل كفت عن كل تدخل في ما يجري في بيروت وفي باقي لبنان، وهي تسمح لسوريا بالسيطرة على لبنان، بل وباستخدام سلاحها الجوي ضد أهداف في بيروت. اسرائيل من هذه اللحظة تهتم بشيء واحد – حماية وجودها والدفاع عن بلدات الشمال. وهذا تفعله من خلال حزام أمني ضيق في جنوب لبنان. أساس عبء هذا الحزام يتحمله جيش لبنان الجنوبي، بينما يبقي الجيش الاسرائيلي هناك 12 استحكاما.

        من 1985 وحتى 2000 ما يجري في الشمال هو قتال للامن الجاري على طول الحدود. ليس حربا في أي حال من الاحوال هي استمرار لتلك التي بدأت في 1982. من يقول هذا يخطيء ويضلل ولا أريد الدخول الى دوافعه. بالمناسبة، حتى قبل حرب سلامة الجليل كان هناك حزام امني في المنطقة الجنوبية من جنوب لبنان. وكانت تسمى منطقة جنوب لبنان، تحة قيادة الرائد سعد حداد المسيحي اللبناني. و"تجول" الجيش الاسرائيلي هناك بحرية. يمكن الجدال فيما اذا كانت هناك حاجة الى اقامة استحكامات للجيش الاسرائيلي في الحزام الامني، ولكن ان نجعل قتال الامن الجاري استمرارا لحرب سلامة الجليل هو تشويه تاريخي واضح

        التشويه الثاني يتعلق بنتائج حرب سلامة الجليل. من كثرة الاحاديث عن القصورات والاخفاقات وشرور الحرب، وقد كانت هذه وتلك، نسي أمر صغير واحد. الجيش الاسرائيلي انتصر فيها في نهاية المطاف. في الجو – انجاز تدمير صواريخ أرض جو السورية كان ذا معان استراتيجية بعيدة الاثر، سواء على المستوى الاقليمي أم على المستوى العالمي؛ في البر – القوة المقاتلة للفلسطينيين في جنوب لبنان سحقت، واولئك الذين بقوا اضطروا الى مغادرة لبنان، في اغلبيتهم الساحقة. كانت هذه أول حرب للجيش الاسرائيلي ضد منظمة وليس ضد دولة؛ كانت هذه المرة الاولى التي يقاتل فيها الجيش الاسرائيلي ضد مخيمات اللاجئين؛ كانت هذه الحرب غير المتماثلة الاولى للجيش الاسرائيلي (الى جانب حرب كلاسيكية ضد الجيش السوري في لبنان). وللعجب، فلم ينتصر فقط، بل ان الانتصار وجد رمزه الواضح عندما صعد عرفات الى آخر سفينة في ميناء بيروت نقلت بقايا جيشه الى اطراف العالم العربي. البواقي الهزيلة لهم اعيدت الى "المناطق" في اطار اتفاق اوسلو. تصوروا أمرا مشابها مع حماس وقيادتها.

        اذا كانت هناك أمور يتميز بها الجيش الاسرائيلي في 1982 مقارنة مع الجيش الاسرائيلي في حرب لبنان الثانية، فانها تجد تعبيرها في الاقوال التي قالها اللواء احتياط دورون روبين: "مع لوائي اجتزت 80كم في اربعة ايام، في أرض جبلية، ووصلت الى الهدف الذي تحدد لي، طريق دمشق – بيروت. في حرب لبنان الثانية بصعوبة تقدمت القوات بضعة كيلو مترات في أكثر من ثلاثين يوما دون أن تعرف ما هو الهدف".