خبر استيعاب دروس سلامة الجليل- هآرتس

الساعة 08:00 ص|07 يونيو 2012

بقلم: أري شبيط

        (المضمون: قد تواجه اسرائيل في السنين القريبة أو في الاشهر القريبة حربا تحتاج معها الى وحدة داخلية وشرعية دولية لكنها تفقد هذين الأمرين اليوم - المصدر).

        نشبت حربان في مستهل حزيران. ففي صيف 1967 نشبت حرب الايام الستة وبعد ذلك بـ 15 سنة بالضبط نشبت حرب لبنان الاولى. وقد بدأت اسرائيل هاتين الحربين؛ وقامت الحربان على خطة عسكرية أُعدت قبل ذلك بسنين؛ وفي الحربين كان عدد القتلى متشابها.

        لكن في حين كانت حرب حزيران 1967 حادثة عجيبة تقريبا لنصر اسرائيلي ساحق، كانت حرب حزيران 1982 حادثة صعبة لفشل اسرائيلي كئيب. وكانت حربا حزيران مختلفتين اختلافا تاما.

        انتصرت اسرائيل في حرب الايام الستة لأنها كانت دولة أخوة اشتراكية ديمقراطية، مجتمعها موحد وسياستها الوطنية معتدلة وعادلة. ولهذا فبرغم ان المجتمع الاسرائيلي في 1967 كان في ازمة اقتصادية صعبة، توحدت حينما لاحظت تهديدا واضحا لحياتها لتواجهه فجابهته وغلبته. ولهذا وبرغم ان المجتمع الدولي لم يهب لمساعدة اسرائيل، أبدى عطفا عميقا على اسرائيل. فالوحدة الداخلية والشرعية الدولية هما اللتان مكّنتا من النصر في الايام الستة.

        وفشلت اسرائيل في حرب لبنان الاولى لأنها كانت دولة احتلال سمينة، وكان مجتمعها منقسما وكانت سياستها الوطنية حمقاء وعدوانية. ولهذا فبرغم ان المجتمع الاسرائيلي في 1982 كان مجتمع وفرة زاهرا لم تصمد في الحرب التي عرفت أنها حرب اختيارية. ولهذا فبرغم ان العالم نظر الى اسرائيل نظره الى قوة من القوى العظمى الاقليمية، ندد بها خلال الحرب وضاق بها ذرعا بعد الحرب. فالانقسام الداخلي والعزلة السياسية هما اللذان سببا اخفاق حرب لبنان.

        استخلص اريئيل شارون الدروس الصحيحة من الحربين، فحينما أصبح رئيس الوزراء في 2001 حرص على ان تكون في اسرائيل في كل آن وفي كل حال وحدة داخلية وأن يكون لاسرائيل تأييد امريكي. وهذان المبدآن الأساسيان هما اللذان مكّنا اسرائيل من صد الهجوم الارهابي الفلسطيني الكبير في سنوات الألفين، وهاتان القاعدتان البسيطتان هما اللتان مكّنتا شارون من قهر ياسر عرفات والقضاء على العنف. وينبع الهدوء النسبي في الضفة الغربية في العقد الاخير من ان مهندس حرب حزيران 1982 تعلم دروسها وامتنع عن تكرار أخطائها في خلال الانتفاضة الثانية.

        في السنين القريبة – بل ربما في الاشهر القريبة – ستواجه اسرائيل امتحانا. ومهما يكن الامر فان قضية ايران الكبرى ستبلغ الى قرار حاسم. ومهما يكن الامر فان الثورة الاسلامية الكبرى ستقرع الأبواب. ولا يعلم أحد ماذا سيحدث وكيف سيحدث ومتى سيحدث – لكن من الواضح للجميع ان شيئا كبيرا صعبا سيحدث. ولهذا توجد اليوم أهمية عظيمة لدراسة دروس حزيران واستيعابها.

        نسيت حكومة بنيامين نتنياهو حربي حزيران كما يبدو أو لم تتعلم منهما شيئا. من الصحيح ان الحكومة الحالية هي حكومة وحدة وطنية، على نحو رسمي. لكن الدولة التي تحكمها هذه الحكومة ليست دولة أخوة، والمجتمع الذي تقوده الحكومة ليس مجتمعا موحدا، والسياسة الوطنية هي سياسة متشددة ومتحرشة.

        لم تبادر الحكومة في السنين الاخيرة الى خطة سياسية جريئة تقوي مكانة دولة اسرائيل في العالم، ولم تخرج بمبادرة اجتماعية شاملة تعزز وحدة المجتمع الاسرائيلي. ولم يتم تعزيز الحلف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة بل بلغ الى الهاوية. ولم يُعرض على مواطني اسرائيل عقد اجتماعي مدني أو رؤيا للمستقبل تثير الالهام.

        لهذا قد تجد اسرائيل نفسها ساعة الامتحان منقسمة في الداخل معزولة في الخارج. وبغير وحدة داخلية وبغير شرعية دولية قد تكون نتائج الحرب القادمة مشابهة لنتائج حرب لبنان الاولى أكثر من مشابهتها لنتائج حرب الايام الستة.