خبر غمزة وشوكة فيها- معاريف

الساعة 09:10 ص|05 يونيو 2012

 

غمزة وشوكة فيها- معاريف

بقلم: عوفر شيلح

(المضمون: 45 سنة واسرائيل تفعل ما تفعله في المناطق، وعلى اليافطة التي في الخارج ترسم ساعة سويسرية من النظام، القانون والقضاء. قانون التسوية يهدد باستبدال هذه اليافطة برسم للامر الحقيقي - المصدر).

        النائب يعقوب كاتس (كاتسيلا) تحدث أمس عاليا في صالح قانون التسوية. يصعب علي أن اصدق بان في داخله كاتس بالفعل يؤيد هذا القانون: فمن مثله يعرف بان الاستيطان في يهودا والسامرة قام وازدهر بالذات لانه هو ورفاقه وأسيادهم السياسيين، من شمعون بيرس وحتى بنيامين نتنياهو، حرصوا على الا يسنوا ولا يسووا. قدر أكبر من المنازل بنيت لان أريك غمز كاتسيلا، الذي نقل الغمزة هاتفيا الى زمبيش، الذي ارسل الشباب الى التلال لتثبيت حقائق على الارض، باسناد أو بتعاون بلا مفر من الجيش الاسرائيلي. هذا فقط ينقص كاتسيلا وزمبيشيه أن يبدوا بتسمية الولد باسمه. اليسار الاسرائيلي، بمعنى القليل مما تبقى منه، تمتم ضد.

        اذا كان يوجد يسار في اسرائيل، واذا كانت تبقت فيه قطرة استقامة وفهم، يتعين عليه أن يؤيد قانون التسوية بصوت عال. فلاول مرة بعد 45 سنة سيزيل هذا القانون نهائيا الادعاء بالشرعية عن المشروع الاستيطاني. لاول مرة ستقر دولة اسرائيل، باغلبية كبيرة في البرلمان ما هو واضح لكل العالم بانها تفعله: تأخذ اراضي العرب، بل هذه المرة اراضي شخص هي بملكيته الخاصة، وتنقلها بالقوة الى اليهود. اليسار الاسرائيلي، لو كان لا ينشغل باحصاء السقوف في الضفة، لكان عليه أن يسارع الى مثل هذا الوضع.

        على جهاز القضاء الاسرائيلي أيضا ان يؤيد هو الاخر. منذ أربعة عقود ونصف وهو يحاول تربيع الدائرة: الاحتفاظ بالمناطق المحتلة – التي لم يطبق القانون الاسرائيلي فيها – مع التظاهر بوجود قانون وعدل؛ إقامة جهازين مختلفين بالتأكيد حسب معايير القومية والعنصرية – دون أن يسمي العالم هذا أبرتهايد. هذا انجاز دولي غير مسبوق. نوع من الرقم القياسي الاسرائيلي في التذمر القانوني، الذي يعتمد على مكانة القضاة في القدس، ولكن كلفهم هم أنفسهم ثمنا هائلا من المساومة مع مفاهيم الجهاز الذي يتحملون المسؤولية عنه. قانون التسوية سيسوي أيضا هذا الوضع. من الان فصاعدا لن تحتاج المحكمة لان تكون ورقة تين للحكومة. الجيش الاسرائيلي وكل نائب يسعى الى جمع الاصوات من معسكر فايغلين. لو كنت رئيس المحكمة العليا، لهاتف سرا رئيس الوزراء وناشدته السماح لهذا بان يقر.

        لا غرو بان نتنياهو، الرجل الفهيم وصاحب الالاعيب الذكي، يحاول صد القانون. ست سنوات كرئيس وزراء في ولايتين علمته بان اسرائيل تعيش فقط في المجال الرمادي: المجال الذي يمكن الحديث فيه عن سمو القانون ومحكمة العدل العليا والابقاء بالتوازي على الواقع في المناطق، المجال الذي كل قيمة فيه هي بين هلالين والخلطة هي التي تسود. بيبي يفهم ما لا يفهمه المتحمسون من اليمين ومن اليسار: خذ من اسرائيل غمزة العين، حاول تحويلها الى دولة مسوية، وكل شيء هنا سينهار.

        الحجج التي أطلقها أمس تدل كم هو لم يتغير شيء هنا. فهو لم يتحدث عن العدل بل عن المحكمة الدولية في لاهاي. في المجتمع الخائف مع الجيش العظيم الذي يعيش في صهيون لا توجد قيمة تقف بحد ذاتها إلا الخوف من الاغيار اللاساميين. القانون الدولي والاسرائيلي ليسا أساس المجتمع السليم بل الطاغية الذي يهدد بان يأتي ليأخذنا اذا لم نحسن الاختباء. لقد أجاد نتنياهو في الحديث الى اليمين والى اليسار، لانه يعرف بان كليهما يقولان شيئا ويقصدان شيئا آخر، كلاهما يخافان تحقق ما يروجان له.

        نكتة يهودية قديمة تروي عن شخص يسير في الشارع في البلدة ويرى يافطة رسمت عليها ساعة. عندما يدخل ويسعى الى اصلاح ساعته، يرد الرجل الذي في الداخل: "انا لست ساعاتيا، أنا أبيع الشراب". "إذن لماذا ترسم ساعة على يافطتك؟" يتساءل الزبون. "ماذا تريدني أن أرسم هناك؟" يجيبه بائع الشراب.

        45 سنة واسرائيل تفعل ما تفعله في المناطق، وعلى اليافطة التي في الخارج ترسم ساعة سويسرية من النظام، القانون والقضاء. قانون التسوية يهدد باستبدال هذه اليافطة برسم للامر الحقيقي. لا احد – لا كاتسيلا ولا مجلس يشع، لا نتنياهو ولا السلام الان – يريدون لهذا أن يحصل حقا.