خبر محكمة المستقبل -هآرتس

الساعة 08:27 ص|03 يونيو 2012

محكمة المستقبل -هآرتس

بقلم: أسرة التحرير

المحكمة في مصر، والتي حكمت على الرئيس المخلوع حسني مبارك وعلى وزير الداخلية المتشدد بالمؤبد، بينما برأت ساحة نجلي مبارك، انهت بذلك جزءً جوهريا من عملية المحاسبة للماضي، عملية تمر بها كل ثورة. فالرئيس لم يخلع فقط، بل وعوقب أيضا.

        الى جانب قرار الحكم عرضت أمس مصر، على عادتها، نموذجا مميزا لتلك المحاسبة. جثة الرئيس لم تسحل في شوارع العاصمة مثلما في حالة القذافي، مبارك لم يفر من وطنه مثل زميله التونسي ولم يواصل قتل ابناء شعبه مثلما يفعل الاسد. مبارك قرر البقاء، والوقوف امام المحاكمة وتحمل عقابه.

        وكما هو متوقع، فان قرار المحكمة أثار ردود فعل غاضبة، إذ عرض على الجمهور المصري معضلة عسيرة. فهل يقبل بالقرار الذي أصدرته المحكمة التي تشكلت بعد الثورة، المحكمة التي تمثل الجمهور ولم تعد تمثل السلطة، أم يثير عصيانا جديدا ضد المحكمة؟ إذ بينما درست المحكمة الادلة التي عرضت عليها عن جرائم محددة، أدلة صيغت بلغة قانونية جافة، اراد الجمهور "محاكمة القرن" مثلما وصف الامر في وسائل الاعلام. محاكمة تحاسب مبارك على ثلاثين سنة قمع وفساد. محاكمة تظاهرية.

        هذه المعضلة ترمز الى طبيعة الثورة المصرية، ثورة تسعى الى إعادة بناء الدولة في اطار المؤسسات القائمة، بما فيها الجهاز القضائي، البرلمان والرئاسة، وتغيير طبيعة النظام في اجراءات ديمقراطية. وفي نفس الوقت، فان هذه الاجراءات بحكم طبيعتها لا يمكنها أن تلبي أماني الجميع. اسقاط مبارك في 2011 سجل نهاية عصر الدكتاتورية، محاكمته كانت اختبارا ناجحا لاجراء ديمقراطي رسمي. رد الجمهور على قرار المحكمة سيحسم اذا كانت مصر مستعدة لان تعطي ثقة في الجهاز القضائي الحالي وتتبناه كعمود نار الثورة وكشخصية غير مشكوك فيها في المستقبل. بعد نحو اسبوعين ستنهي مصر الثورة حين تنتخب رئيس جديدا. ينبغي التمني للدولة العظيمة هذه الا تضطر الى الشوق لعهد حكم رئيسها – سجينها السابق.