خبر محامي الاسد الغربيُّ- يديعوت

الساعة 09:13 ص|31 مايو 2012

بقلم: يوسي شاين

¬في اليوم الذي تمت فيه المذبحة الفظيعة في الحولة في سوريا، نُظمت مظاهرة احتجاج في لندن على مسرح "هبيمه"، الذي عرض مسرحية "تاجر البندقية" في مهرجان شكسبير. وفي مقابل ذلك ظهرت في صحيفة "الغارديان" رسالة لعشرات المخرجين والمسرحيين والممثلين البريطانيين عبروا فيها عن امتعاض من العرض الاسرائيلي واتهموا مسرح "هبيمه" بتعاون مخجل مع الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنات.

بحثت لكنني لم أجد ذكرا احتجاجيا على المذبحة في سوريا، بل وجدت بالعكس مقالة افتتاحية للعلامة والصحفي البريطاني باتريك سيل أوضح فيها بلغة لا اخلاق فيها ان الأحداث في سوريا هي نتاج الاموال التي تحول الى المعارضة المقاتلة والى القوى الاسلامية التي تجعل نظام بشار الاسد يرد احيانا "بصورة شديدة جدا". وزعم انه يوجد في هذه المعارك بالضرورة "ضحايا مدنيون أبرياء".

ان سيل هو الكاتب الرسمي للسيرة الذاتية لحافظ الاسد، وهناك من يقولون انه أقرب انسان في الغرب لعائلة الاسد، وهو يعتبر واحدا من العلماء الأجلاء في العالم الغربي بما يتعلق بقضايا سوريا والشرق الاوسط عامة، بل حظي بأن يكون ضيف شرف في جامعات في اسرائيل. وقد عمل سيل في مدة ولاية اهود باراك لرئاسة الوزراء ناقل رسائل مهما بين النظام في دمشق والقدس وكتب تأبينا للاسد الأب أثنى فيه على الزعيم السوري لكونه ذا شعور وطني عربي وذا رؤية استراتيجية بعيدة المدى في مواجهة التهديدات الاسرائيلية والامريكية.

التقيت سيل اول مرة في جامعة اوكسفورد في مطلع 1995 في الفترة التي ندد فيها في محاضراته تنديدا شديدا بحكومة رابين لعدم استعدادها بحث السلام مع الادارة السورية. وحضر سيل في 2010 محاضرة حاضرتها في باريس عن "التحديات الاخلاقية الاسرائيلية"، وقبل ان أُنهي كلامي صاح قائلا: "أفلست اسرائيل في كل ما يتعلق بالاخلاق في العلاقات الدولية"، قبل ان يندد بالصهيونية تنديدا شديدا.

وسألته هل يرى حكمي الاسد الأب والاسد الابن مثالين جيدين للسياسة الاخلاقية، لكنه زعم ان "هذا السؤال تهربي وتلاعبي وهو انحراف عن القضية الاخلاقية المركزية التي تهدد الشرق الاوسط وهي سلوك اسرائيل الآثم المستعمل للقوة". وزعم ان نظام الاسد في المقابل يبذل جهدا للانفتاح والدفع الى الأمام بحريات الانسان واحراز المطامح القومية للشعب الفلسطيني.

منذ بدأت الأحداث الدامية في سوريا في 2011 أصبح سيل المعتذر الرسمي عن نظام الاسد. ففي مقالات كثيرة وظهور كثير في وسائل الاعلام في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا استعمل لغة الواقعية السياسية ممتنعا تماما عن التعبير عن رأي اخلاقي فيما يتعلق بالمسؤولين عن قتل الجماهير. وفي المقابل يذكر سيل في مقالاته ان سوريا تتعرض لمؤامرة دولية من "قوى الهيمنة" في الشرق الاوسط ومنها اسرائيل والولايات المتحدة، وان الاسد الابن مضطر الى الدفاع عن سيادة بلاده في مواجهة ارادة امريكا واسرائيل تحطيم المحور الايراني السوري اللبناني. ويذكر سيل في تحليل الوضع في سوريا ان أكبر تهديد للشرق الاوسط هو استمرار الجرائم الامريكية التي أفضت الى انهيار في العراق وقد تفضي الى هرج ومرج في الدولة السورية.

حينما ننظر في سلوك سيل في السنين الاخيرة تثور مرة اخرى اسئلة عن نصيب مفكرين ودارسين ذوي صبغة سياسية عقائدية ما في الحديث عن الشرق الاوسط والاخلاق الدولية. تواجه اسرائيل بطبيعة الامر قرارات حاسمة جغرافية سياسية واخلاقية صعبة، لكن الفرق الذي لا يحتمل بين المطالب الاخلاقية من اسرائيل وتجاهل جرائم شديدة جدا في العالم العربي يشوه كل قدرة على البحث والتفكير المثقف ويضر ضررا عميقا بالثقة بالاكاديميا في هذه الموضوعات. وتثور اسئلة مشابهة ايضا تتعلق بمفكر مثل عزمي بشارة وطلابه في اسرائيل الذين أصبح صمتهم الهادر عما يحدث في سوريا أكثر دويا بعد سنين كانوا فيها من أشد المؤيدين حماسة للمستبد القاسي.

اجل، توجد دائما ذُرى نفاق جديدة.