خبر ليست الطريقة أيها الأحمق -يديعوت

الساعة 09:27 ص|29 مايو 2012

بقلم: حانوخ مرماري

هل "سرق" شاؤول موفاز كديما حقا حينما بادر الى الانضمام للائتلاف؟ ألم يسرق اريئيل شارون كديما من الليكود بسبب الاختلاف في الرأي في مسألة الانفصال وأصبح حزبا حاكما؟ اذا كان الامر كذلك فان تسيبي لفني التي فرضت على ممثلي حزبها وجمهور ناخبيها الجلاء الى المعارضة هي التي انحرفت عن الرؤيا وليس موفاز سوى مصحح اتجاه بتلك الأدوات نفسها.

أفضى اجراء موفاز الذي أصبح يُرى انتهازيا وأثار الغضب (الاعلامي على الأقل) لا الى اتهام الرجل والحزب فحسب بل الطريقة ايضا. وينفجر الغضب على الديمقراطية التمثيلية – وهي أهم مؤسسة اجتماعية لتطور المجتمع الانساني – بالزعم المعلوم الذي يقول ان مجموعة ساسة ساخرين لا يمثلون أحدا يفعلون ما يشاؤون وأن الطريقة هي المسؤولة. ويُقرن ضعف الجهاز السياسي القيمي بخطأ الديمقراطية التمثيلية وهناك من هم مستعدون لاستبدال شيء أكثر نجاعة بها قد يكون نموذجا أعماليا قابلا للترويج.

كان هذا الاجراء في مصلحة يئير لبيد. فلبيد إذ يريد ان يُرى أنه يجلب روحا جديدة للجهاز السياسي يصف في واحد من أعمدته الصحفية الديمقراطية التمثيلية بأنها "طريقة نظام حكم العالم القديم التي صيغت في أواخر القرن الثامن عشر". ويعرض في مقابلها "المواطن الشديد النشاط" المعاصر له الذي هو نتاج مجتمع المعلومات والتقنية، "الذي اعتاد ان يحصل على جواب عن كل سؤال في خلال واحد على ألف من الثانية".

وتُفرض على المواطن الجديد صفقة قديمة يجب عليه معها ان يدس قصاصة في صندوق ورقي ويُسلم نفسه لممثلين فاسدين مدة اربع سنين طويلة. وقد جاءت "طريقة" كديما في الوقت المناسب تماما كي تثبت زعمه.

لا حاجة الى رثاء الديمقراطية التمثيلية – وهي بنية الحكم التي نشأت في كل مكان حُطمت فيه تماثيل المستبدين. فالطريقة التي جلبت الرخاء للدول والحرية لمواطنيها ليست متعلقة بالتقنية. وليست قوتها في اسلوبها المنقح بل في قدرتها على التعبير عن كل مجموعة وسلوكها بحسب مواضعات واتفاقات. لو كانت الدولة منظمة ذات نسيج موحد ورؤيا موحدة وادارة هرمية لأمكن ان تُدار كأنها مصلحة بحيث يُقدَّم المواطنون النافعون ويُقال الضعفاء. فليس صدفة ان ناس قطاع الاعمال هم الذين يقودون تحقير هذه الطريقة.

ان المواطنين النشطاء من ذوي الاشباع الفوري يصعب عليهم اذا ان يُكيفوا أنفسهم للفروق بين القدرة التقنية المطورة وبين العمل السياسي المركب. ويُغرى كثيرون منهم باعتقاد أنه يُحتاج هنا الى ديمقراطية مباشرة، ديمقراطية ملايين تتم في الشبكة العنكبوتية بالاعتماد على المصطلح المتملص "حكمة الجماهير".

ان التقنية الجديدة تعرض على المواطن المدني في الأساس قُرب تناول المعلومة وصلة اخرى بممثليه في المؤسسات الحاكمة بما يشبه استمرارا للمحادثة من طرف واحد التي كانت رائجة في العالم القديم، أعني الاحتجاج والشكوى من قبل المواطن ورسالة فخر بالانجازات من قبل المنتخب. ويعرض مجتمع المعلومات على القيادة مجسا آخر لمشاعر الجمهور لكنه ليس بديلا عن استطلاعات رأي تعتمد على عينات وليس بديلا على التحقيق من صوت الاعلام التمثيلي، أعني الصحافة. فلا توجد تقنية تحل محل الصفات البشرية الضرورية لسلطة تمثيلية وهي الاستعداد للمخاطرة واستعمال الكوابح واتخاذ قرارات صعبة لمصلحة المجموع وتحمل المسؤولية ونتائجها.

ليست المشكلة هي الطريقة التمثيلية بل استعمالنا السيء لها والاستخفاف بالسياسة والمستوى الهابط لبعض المنتخبين وعدم اكتراث الناخبين الذين يزعم كثيرون منهم أن ممثليهم في الكنيست لا يمثلونهم ألبتة. حينما يجلس يئير لبيد في الكنيست ممثلا لجمهور ناخبين من المؤكد ان يعود الى انسان القرن الثامن عشر، المفكر وعضو البرلمان البريطاني إدموند بيرك الذي أوضح للمواطن النشيط ما يلي: "ان ممثلك لا يلتزم لك بعمله فقط بل بقدرته على الحكم وسيخونك اذا ضحى بك من اجل رأيك".