خبر المفاوضات التي لم تكن -هآرتس

الساعة 09:26 ص|29 مايو 2012

المفاوضات التي لم تكن -هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

        (المضمون: خلافا للفهم السائد، الرئيس بوش اراد اجراء محادثات مباشرة مع الايرانيين لحل عموم المشاكل في المنطقة. في ايران كان خلاف اذا كان بوسعهم انتاج وقود نووي بأنفسهم - المصدر).

        "كان هذا في آذار 2004. محمد البرادعي (في حينه رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ت.ب) قال ليس انه يريد أن يأتي الى طهران، وهو بالفعل وصل على وجه السرعة. ظننت أنه جاء للحديث في شؤون النووي، ولكنه طلب الحديث معي بشكل شخصي. روى لي بانه زار واشنطن قبل اسبوع من ذلك وقال للرئيس جورج دبليو بوش بان على الولايات المتحدة أن تدخل في مفاوضات مباشرة مع ايران في الموضوع النووي. فأجابه بوش: لماذا في الموضوع النووي فقط؟ لماذا لا نحل كل المشاكل بيننا؟ لا أعرف لمن توجد الصلاحيات العليا في ايرانن ولكن اذا ما وصل الى واشنطن احد ما مع صلاحيات بعقد صفقة، فانا شخصيا سأدير المفاوضات. البرادعي قال لي ان هذه فرصة طيبة وانه من المجدي ارسال أحد ما مع صلاحيات الى واشنطن"."هل الطلب وصل؟" "في نفس الوقت كان قرار النظام عدم اجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة". "بمعنى، الامريكيون اتخذوا الخطوة الاولى؟" "نعم".

        هذا جزء من المقابلة المشوقة التي منحها د. حسن روحاني للصحيفة الايرانية "مهر ناما" بمناسبة صدور كتابه الجديد "استراتيجية الامن القومي الايراني". روحاني كان الامين العام لمجلس الامن القومي في ايران في عهد الرئيسين محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني، مستشار كبير للزعيم الاعلى علي خمينئي، ومن أدار المفاوضات مع الدول الغربية في موضوع النووي في الاعوام 2003 – 2005. اليوم يعمل روحاني كعضو في مجلس الامن القومي وكذا في لجنة الخبراء ولجنة مصالح الدولة، كلاهما من الهيئات الاهم التي تقرر السياسة الايرانية، وحسب تقارير في وسائل الاعلام الايرانية زار ايضا في شهر اذار فيينا بتلكيف من خمينئي كي يعد لقمة اسطنبول.

        ويكشف روحاني النقاب في المقابلة عن أنه في العام 2006 (بعد سنة من صعود محمود احمدي نجاد الى الحكم) تحدث مع يوشكا فيشر، بعد أن أنهى ولايته كوزير خارجية ألمانيا، وروى له فيشر بان الامريكيين هم الذين منعوا الاتفاق الذي تحقق بين دول اوروبية وايران في مسألة منشأة تخصيب اليورانيوم في أصفهان؛ "أنا واثق من أنه كان بوسعنا أن نتوصل الى اتفاق في مسألة المنشأة في اصفهان ولكن الامريكيين كانوا العائق. لم يشاركوا في المفاوضات ومارسوا الضغط من بعيد".

        يمكن التقدير بأن ليس صدفة أن اعطيت المقابلة بالذات الان قبيل المحادثات في بغداد، ويبدو ان النية الايرانية هي ليس فقط الاشارة الى أن احمدي نجاد هو المسؤول عن تغيير الموقف الايراني من الولايات المتحدة (مقابل سلفه خاتمي)، بل وايضا الاشارة الى التغيير الذي طرأ في الاونة الاخيرة، حيث أن ايران مستعدة لمشاركة الولايات المتحدة في الحوار ولا تستبعد حديثا مباشرا معها.

        سبق هذه المقابلة ايضا تصريحات لرفسنجاني، الذي روى في مقابلة منفصلة بانه في حينه اقترح اجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة ولكن كان آيات الله خميني هو الذي رفض الاقتراح. اما الان فيبدو أن ايران تسعى الى الاشارة الى أن الاجواء بدأت تتغير وان خمينئي هو الذي يوجه المفاوضات وهو الذي يقرر "مستوى المعارضة" في العلاقة مع الولايات المتحدة ايضا.

        احد الفصول المشوقة في المقابلة يتناول الشكل الذي اتخذت فيه القرارات لاستئناف النشاط النووي، بعد أن تجمد هذا بين أعوام 2003 – 2005، باوامر من الرئيس خاتمي. يتبين أن من دفع في حينه الى استئناف تطوير البرنامج كانت السلطة الايرانية للطاقة الذرية التي "كانت متحمسة دوما. لديهم منظمة ولديهم طواقم، واستأجروا مهندسين وخبراء فنيين. بحيث أنه عندما توقف النشاط كانوا في مشكلة. نهجهم كان ان على ايران أن تكمل المهمة. وكان الخلاف في مسألة اذا كانوا قادرين على الاطلاق على انهاء العمل الذي بدأوا فيه. ولما قمنا في حينه فقط بخطواتنا الاولى ولم تكن لدينا تجربة، تطلعت السلطة الى أن تثبت بانه يمكنها أن تؤدي المهمة. ولكن كان لها معارضون. اذكر ان مجموعة من البروفيسوريين في الفيزياء التقوا به وقالوا لي أن ايران غير قادرة على اكمال دائرة انتاج الوقود النووي.

        وشرحوا بان اولئك الذين يشتغلون اليوم في المشروع كانوا تلاميذهم وقالوا انهم يؤمنون بان هذا غير ممكن (في ان ينجحوا في انتاج وجود نووي، ت.ب). رجال سلطة الطاقة النووية كانوا يعرفون بالمعارضة، وعليه فقد دفعوا جدا باتجاه اثبات انفسهم ولكنهم لم يرغبوا في أن ينتقل الموضوع الى مجلس الامن".

        روحاني تساءل حول الرد الدولي في حينه ولا سيما في رد فعل الدول الاوروبية التي سارعت الى نقل الموضوع للبحث في مجلس الامن. "فقد عرفوا قبل الاوان باننا نوشك على استئناف النشاط في المنشأة في اصفهان ولا صلة لذلك باحمدي نجاد. المشروع استأنف نشاطه في نيسان 2005، بينما احمدي نجاد صعد الى الحكم في آب من ذات السنة فقط. ابلغنا الاوروبيين، الذين لم يروا في ذلك اي مشكلة، اما الامريكيون فارادوا الانتظار الى أن يتبين من سيكون الرئيس الجديد كي يردوا".

        مشوق أن نعرف ماذا كان سيحصل لو ان المفاوضات مع الولايات المتحدة بدأت منذ عهد بوش، ومشوق بقدر لا يقل ان نعرف ماذا سيقول احمدي نجاد عن مواقف روحاني.