خبر لا تقولوا لم نعلم -هآرتس

الساعة 09:05 ص|28 مايو 2012

بقلم: أري شبيط

        (المضمون: فشلت اسرائيل والمجتمع الدولي مرتين في إفشال ايران عن سعيها الى احراز القدرة الذرية، فلا يجوز لاسرائيل والاسرائيليين ان يفشلوا في الثالثة - المصدر).

        لا تقولوا لم نعلم. استقر رأي دولة اسرائيل قبل عشر سنين على ان السلاح الذري في يد ايران تهديد وجودي. وألقت دولة اسرائيل على الموساد مهمة إفشال التهديد الوجودي. فقام الموساد بعمل مدهش وكسب زمنا ثمينا لكنه لم يفِ بالمهمة في نهاية الامر التي كانت من البداية غير ممكنة. وايران اليوم تملك صواريخ بعيدة المدى وقدرة تقنية عالية ويورانيوم مخصبا يكفي لتركيب خمس قنابل ذرية. وستكون ايران في غضون زمن غير طويل على مبعدة غير كبيرة من القدرة على التحول الى قوة ذرية. فقد انتهت عشر سنين من إفشال غير عسكري للقدرة الذرية الايرانية الى فشل.

        لا تقولوا لم نعلم. قبل بضع سنين التزم المجتمع الدولي ان يوقف البرنامج الذري الايراني بوسائل سياسية اقتصادية. وأجرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين حوارا سياسيا طويلا معوجا مع ايران. وبادرت الولايات المتحدة واوروبا الى عقوبات دولية واستعملتا عقوبات من طرف واحد على ايران. وأثمرت هذه الاجراءات انجازات فتم الاضرار بالاقتصاد الايراني وانهارت العملة الايرانية ودُفع البرنامج الذري الايراني الى صعوبات ما. لكن الايرانيين كانوا في نهاية الامر أكثر حنكة من اولئك الذين أرادوا التضييق على خطواتهم، فاجتازوا سلسلة من الخطوط الحمراء ودخلوا مجال الأمد الاقصى الذري. وانتهت سنين من الافشال السياسي الاقتصادي للمشروع الذري الايراني الى فشل.

        لا تقولوا لم نعلم. ان تثبيط الفشل غير العسكري وتثبيط الفشل السياسي الاقتصادي أحدثا وضعا سياسيا شديد الخطر فقد نفدت الأرانب في القبعة ونفد الرمل في الساعة الرملة. وأصبح يبدو في صيف 2012 انه لم تعد توجد خيارات سهلة في مواجهة القنبلة الذرية الايرانية. فقد جُربت الخيارات السهلة وفشلت وأفضت بنا الى الفشل. وتمكن دائما معجزة اللحظة الأخيرة فربما يحدث انهيار اقتصادي أو انهيار سياسي في ايران وربما يرى علي خامنئي النور فجأة. لكن من الصحيح الى الآن انه ليس أمام اسرائيل سوى ثلاثة امكانات وهي التسليم لحصول ايران على القدرة الذرية؛ أو مهاجمة ايران؛ أو الايمان بالتخليص الامريكي.

        لكن هناك مشكلة هي ان التسليم لحصول ايران على القدرة الذرية هو تسليم لما تُعرفه دولة اسرائيل بأنه تهديد وجودي. ومن المشكوك فيه كثيرا ان نستطيع ان نحيا حياة معقولة في هذا البلد الصعب تحت مظلة تهديد شيعي. لكن مهاجمة ايران قد تكون كارثة. وحتى اذا نجحت ولم تشعل حربا اقليمية فظيعة فانها ستُديم المواجهة بيننا وبين الجمهورية الاسلامية. أما الايمان بالتخليص الامريكي فهو الآن رجاء ليس له أي قاعدة من الحقائق. فاخفاق الامريكيين في باكستان وفي كوريا الشمالية وفي ايران نفسها لا يشهد بأنهم سيمدون أيديهم وقت الحاجة الى النار ليخرجوا منها حبات الكستناء الذرية.

        تغلب على اسرائيل اليوم بلادة الحس. فالكلام الذي لا ينتهي على المشروع الذري الايراني سبب ارهاقا نفسيا ونوعا ما من عدم الاكتراث. وفي حين تحصر القيادة الاسرائيلية عنايتها في ايران بصورة مطلقة لا يفهم الجمهور الاسرائيلي ولا يستوعب التحدي الايراني تماما. وما يزال تهديد نتناز يبدو غامضا ويصعب على الاسرائيليين بصورة تقليدية ان يواجهوا تهديدات غامضة. ولذلك لا يجري هنا نقاش جدي يحلل تحليلا عميقا البدائل الثلاثة الصعبة. ولا يوجد هنا نادٍ وطني واسع يختار بصورة مناسبة من بين البدائل الثلاثة. ويؤمن رئيس الوزراء ووزير الدفاع بامكانية عملية واحدة؛ ويؤمن الرئيس بامكانية عملية ثانية؛ وما تزال المؤسسة الامنية تأمل ان تتحقق الامكانية الثالثة وهي ان تقوم امريكا بالعمل.

        لا تقولوا لم نعلم. ان الواقع هو واقع قاس ويوجب على اسرائيل ان تتخذ قرارا قاسيا. ومع عدم وجود معلومات وافية لا يستطيع كاتب هذه السطور وقُراء هذه السطور ان يعلموا ما هو القرار الصحيح. لكن يجب علينا جميعا باعتبارنا مواطنين أسيادا لدولة ذات سيادة موجودة في مفترق مصيري، يجب علينا أن نُديم النظر الى ما يقف أمامنا، فبعد ان فشلنا مرتين في مواجهة ايران لا يجوز لنا ان نفشل في الثالثة.