خبر المفاوضات التي لم تكن بين الولايات المتحدة وايران -هآرتس

الساعة 09:03 ص|28 مايو 2012

بقلم: تسفي برئيل

        (المضمون: بخلاف التصور السائد، أراد الرئيس بوش اجراء محادثات مباشرة مع الايرانيين لحل مشكلات المنطقة عامة - المصدر).

        "كان ذلك في شهر آذار 2004. وقال لي محمد البرادعي (الذي كان آنذاك رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية) انه يريد ان يأتي الى طهران وقد جاء سريعا. وظننت أنه جاء للتحادث في الشأن الذري لكنه طلب ان يُحادثني بصورة خاصة. وقال لي انه زار واشنطن قبل ذلك بأسبوع وقال للرئيس جورج دبليو بوش ان على الولايات المتحدة ان تدخل في تفاوض مباشر مع ايران في الشأن الذري. وأجابه بوش: "لماذا في الشأن الذري وحده؟ لماذا لا نحل جميع المشكلات بيننا؟ لست أعلم من يملك الصلاحية العليا في ايران، لكن اذا جاء الى واشنطن شخص ما ذو صلاحيات لاتمام صفقة فسأُتم التفاوض أنا شخصيا". وقال لي البرادعي ان هذه فرصة جيدة وأنه يحسن ارسال شخص ما ذي صلاحيات الى واشنطن". "هل قُبل الطلب؟"، "في ذلك الوقت كان رأي النظام قد استقر على عدم اجراء تفاوض مع الولايات المتحدة". "هل يعني هذا ان الامريكيين خطوا الخطوة الاولى؟". "اجل".

        هذا جزء من المقابلة الصحفية الآسرة التي أجراها الدكتور حسن روحاني للصحيفة الايرانية "مهر نامه" بمناسبة صدور كتابه الجديد "استراتيجية الأمن القومي لايران". كان روحاني الامين العام لمجلس الامن القومي في ايران في مدة حكم الرئيسين محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني، وكان مستشارا رفيع المستوى للزعيم الأعلى علي خامنئي وكان هو الذي أتم التفاوض مع الدول الغربية في الشأن الذري في السنين 2003 – 2005. ويعمل روحاني اليوم عضوا في مجلس الامن القومي وفي لجنة الخبراء وفي لجنة مصالح الدولة وكلتاهما من الجهات المهمة التي تبت سياسة ايران، وبحسب تقارير صحفية في وسائل الاعلام الايرانية زار ايضا فيينا في شهر آذار مبعوثا من خامنئي ليُعد قمة اسطنبول.

        يكشف روحاني في المقابلة الصحفية عن انه حادث في سنة 2006 (بعد سنة من تولي محمود احمدي نجاد السلطة) حادث يوشكا فيشر بعد ان أنهى توليه وزارة خارجية المانيا وحدثه فيشر عن ان الامريكيين هم الذين صدوا الاتفاق الذي أُحرز بين الدول الاوروبية وايران في شأن منشأة تخصيب اليورانيون في أصفهان؛ "أنا على يقين من أننا كنا نستطيع التوصل الى اتفاق في شأن المنشأة في أصفهان لكن الامريكيين كانوا هم العائق. وهم لم يشاركوا في التفاوض واستعملوا الضغط من بعيد".

        يمكن ان نُقدر أنه ليس صدفة ان تُجرى المقابلة الصحفية الآن خاصة قُبيل المحادثات في بغداد، ويبدو ان مقصد ايران لا الى ان تشير الى أن احمدي نجاد هو المسؤول عن تغيير الموقف الايراني من الولايات المتحدة (في مقابل سلفه خاتمي)، بل الى ان تشير ايضا الى التغيير الذي حدث في الوقت الأخير حينما أصبحت ايران مستعدة لمشاركة الولايات المتحدة في الحوار ولا ترفض المحادثة المباشرة معها.

        سبقت هذه المقابلة الصحفية ايضا تصريحات رفسنجاني الذي تحدث في مقابلة صحفية منفردة عن انه عرض في حينه اجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة لكن كان آية الله الخميني هو الذي رفض الاقتراح. ويبدو الآن ان ايران تريد ان توميء الى ان الجو بدأ يتغير والى أن خامنئي هو الذي يوجه التفاوض وهو الذي يحدد "سقف المعارضة" في العلاقة بالولايات المتحدة ايضا.

        يتناول أحد الفصول الآسرة في المقابلة الصحفية صورة اتخاذ القرار على تجديد النشاط الذري بعد ان عُلق بين السنتين 2003 – 2005، بأمر من الرئيس خاتمي. ويتبين ان الذي حث آنذاك على تجديد تطوير البرنامج هي السلطة الايرانية للطاقة الذرية "التي تحمست للعمل دائما. وعندهم تنظيم وعندهم فرق عمل وقد استأجروا مهندسين وخبراء تقنيين وهكذا أصبحوا في مشكلة حينما توقف العمل. وكان توجههم أنه يجب على ايران ان تُتم العمل وكان الاختلاف في مسألة أهم قادرون أصلا على إتمام العمل الذي بدأوه. ولأننا كنا قد خطونا خطواتنا الاولى فقط ولم تكن لنا أية تجربة فقد طمحت السلطة الى البرهان على أنها قادرة على الوفاء بالمهمة، لكن كان لها معارضون. فأنا أتذكر ان جماعة من اساتذة الجامعات في علم الطبيعة التقوني وقالوا لي ان ايران غير قادرة على إتمام دائرة انتاج الوقود الذري. وبينوا ان اولئك الذين يشتغلون الآن بالمشروع كانوا طلابهم وقالوا انهم يؤمنون بأن الامر غير ممكن. وعلم ناس سلطة الطاقة الذرية بالمعارضة ولهذا حثوا كثيرا من اجل اثبات أنفسهم، لكنهم لم يشاؤوا ان ينتقل الموضوع الى مجلس الامن". وحار روحاني في الرد الدولي آنذاك ولا سيما رد دول اوروبا التي سارعت الى نقل الموضوع لنقاشه في مجلس الامن.

        "فقد علموا قبل ذلك أننا نوشك ان نجدد النشاط في المنشأة في أصفهان وأن ليس لذلك صلة باحمدي نجاد. وجدد المشروع عمله في نيسان 2005 في حين تولى احمدي نجاد السلطة في آب من ذلك العام فقط. وأبلغنا الاوروبيين الذين لم يروا أية مشكلة في ذلك أما الامريكيون فأرادوا الانتظار الى ان يتضح من الذي سيكون الرئيس الجديد كي يردوا".

        من المثير ان نعلم ماذا كان سيحدث لو ان التفاوض مع الولايات المتحدة بدأ في مدة ولاية بوش ولا يقل عن ذلك اثارة ان نعلم ماذا سيقول احمدي نجاد عن مواقف روحاني.