خبر « الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية: جامعة الأزهر نموذجاً »..د.أيوب عثمان

الساعة 06:51 ص|27 مايو 2012

"الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية: جامعة الأزهر نموذجاً"

 

بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان

 كاتب وأكاديمي فلسطيني

  جامعة الأزهر بغزة

"الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة" عنوان لندوةٍٍ أقامتها يوم أمس الأول الخميس 24/5/2012  الهيئة الفلسطينية لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" ، بناء على شكوى تقدمت بها نقابة العاملين في جامعة الأزهر ضد إدارة الجامعة التي أوقعت على النقابة وعلى العاملين عقوبات منها:

إغلاق الموقع الإلكتروني للنقابة - تجميد عمل النقابة - إغلاق مقر النقابة -إغلاق قاعة الشيخ محمد عواد لمنع العاملين من عقد اجتماع الهيئة العمومية لنقابتهم والذي كان محدداً على نحو سابق، ما اضطر العاملون إلى عقد الاجتماع تحت أشعة الشمس وفي العراء وإيقاع الخصم من رواتب العاملين عقاباً لهم على التزامهم بإضراب دعت إليه نقابتهم.

حضر إلى هذه الندوة من بين رؤساء الجامعات في قطاع غزة، رئيس الجامعة الإسلامية ورئيس جامعة القدس المفتوحة بغزة، فيما رفض الحضور والمشاركة، رئيس جامعة الأزهر ورئيس مجلس الأمناء الذي اعترض على وجود رئيس نقابة العاملين، راهناً حضوره أو حضور رئيس الجامعة بغياب رئيس النقابة، الأمر الذي رفضته الهيئة الفلسطينية المستقلة حيث كانت في رفضها مستقلة، فكان رئيس النقابة ولم يكن رئيس الجامعة كما لم يكن رئيس مجلس أمنائها، وإن كانت المفاجأة السعيدة حقاً – وقت تعبير مدير الندوة عن أسف الهيئة لعدم استجابة رئيس جامعة الأزهرللدعوة – بوصول عضو مجلس إدارة جامعة الأزهر، عميد كلية الحقوق الدكتور/ عبد الرحمن أبو النصر، ممثلاً عن رئيس الجامعة، الذي انسحب فيما بعد، احتجاجاً، بينما كان مدير الندوة يقدم الدكتور/ أحمد التيان بكلام من نوع: " والآن أعطي الكلمة للدكتور/ أحمد التيان، رئيس النقابة التي تقدمت إلى الهيئة بشكواها ضد إدارة جامعة الأزهر".

وما دمنا في سياق الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية ، فإنه يحسن بنا أن نبدأ بالتعليق على حدثين مهمين تمت الإشارة إليهما في السطور السابقة: أما الأول، فهو رفض رئيس الجامعة ورئيس مجلس الأمناء الحضور إلى الندوة و المشاركة فيها إلا إذا شطبت الهيئة رئيس النقابة ومنعته من المشاركة، وأما الحدث الثاني، فهو الانسحاب الاحتجاجي للسيد عميد كلية الحقوق، مناباً عن رئيس جامعة الأزهر! أما رفض رئيس الجامعة ورئيس مجلس أمنائها واشتراطهما الحضور والمشاركة بعدم وجود رئيس النقابة، فهو أمر يعد انتهاكاً واضحاً و فاضحاً للحريات الأكاديمية وفي صدارتها الحق في الرأي وحرية التعبير عنه. وأما انسحاب عميد كلية الحقوق – باعتباره ممثلا عن رئيس جامعة الأزهر – فهو انسحاب احتجاجي في شكله وفي مبناه، لكنه انسحاب هروبي في مضمونه وفي دلالته وفي معناه، ذلك أنه انسحاب قصدي تم التخطيط له والتوافق عليه للخروج من أزمة التساؤل عن أسباب رفض رئيس الجامعة الحضور إلى الندوة والمشاركة فيها. إن ما ادعاه عميد كلية الحقوق من أنه ينسحب لأن موضوع الندوة ليس عن جامعة الأزهر، وإنما عن الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية، متناسياً أنه بانسحابه وبتبريره لانسحابه المصطنع إنما يعيد الكرة إلى ما كان رئيس مجلس الأمناء ورئيس الجامعة يهدفان إليه، ولكن بخسائر واضحة و تبريرات مرفوضة وغير مقنعة. إن ذهاب عميد كلية الحقوق – وهو يحاول تبرير انسحابه المصطنع – إلى ما ذهب إليه من تبرير مفاده أن موضوع الندوة ليس عن جامعة الأزهر، وإنما عن الحريات الاكاديمية في الجامعات الفلسطينية، هو حجة عليه وعلى إدارة الجامعة وليس كسباً لهما أو لأي منهما في أي حال، ذلك أن عميد كلية الحقوق –  وهو المتخصص في القانون الدولي (الإنساني) كان ينبغي له أن يعرف جملة من الأمور في السياق الذي انحشر هو في ( معمعانه!) تحديداً ، و هي :

أولاً: أنه وإن كان موضوع الندوة: "الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة"، فإن بالإمكان أن يتحدث أي متحدث رئيس او مشارك عن أي جامعة من جامعات غزة باعتبارها نموذجاً في سياق الحريات الأكاديمية المرعية أو المنتهكة، الأمر الذي يؤكد أن تبرير الرجل لانسحابه هو تذرع يرتد ضده لخلوه من أي مضمون مقنع وإن كان هذا التذرع ليس إلا نتاج خطةٍ لم تجلب إلا الخسران المبين للجامعة أمام الحضور، و هو ما كان.

ثانياً: و نظراً لأنه في كلمته أشار إلى جامعة الأزهر في أمر واحد فقط لا غيره ولا سواه، وهو البحث العلمي، قائلا ما مفاده أنه لا قيد على البحث العلمي في جامعة الأزهر التي تشجعه وتحفز عليه، وكأن الحرية الأكاديمية ليست إلا البحث العلمي فقط، فقد ساء فهمه كما ضل للفهم و للتبرير سعيه.

ثالثاً: مادام هو قد تحدث عن البحث العلمي في جامعة الأزهر تحت عنوان الندوة "الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية "، فلماذا يرى هو أنه ليس من حق رئيس نقابة العاملين أن يتحدث عن أزمة الحريات الأكاديمية في جامعة الأزهر، باعتبارها نموذجاً للجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، وعليه، فقد كان ينبغي له ان يفهم أن انسحابه تذرعاً بأن الموضوع ليس عن جامعة الأزهر، إنما كان انسحاباً مصنوعاً وغير مدروس وغير مبرر، وفوق ذلك كله، فقد كان لذاته، ولرئيس الجامعة الذي مثَّله، ولمن مثله وللجامعة بأسرها هزيمة ينبغي لكل غيور عليها أن يرفضها وقبل أن يرفضها أن يرفض مسبباتها ودواعيها وأسلوب العاملين عليها. إن ما رأيناه من خسران للجامعة جراء تصرف عميد كلية الحقوق كان مشابهاً في مسبباته وفي دواعيه لخسران الجامعة في معظم القضايا –  إن لم يكن جميعها – التي ترفع من العاملين ضد الجامعة لدى القضاء!

رابعاً: إذا كان صحيحاً ما قاله السيد/ عميد كلية الحقوق في كلمته نيابة عن رئيس الجامعة، من أن الحريات الأكاديمية "ظلت سراً مكنوناً" (كما قال نصاً و حرفاً) و انها ظلت تائهة (كما قال نصاً و حرفاً) في سياقين مختلفين، فهلا عاد السيد عميد كلية الحقوق وراجع هذا الموضوع في كل من:

1-    إعلان ليما للحريات الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي لعام 1988

2-    إعلان كمبالا لعام 1990 بشان الحرية الفكرية والمسؤولية الاجتماعية ( الخاص بالجامعات الأفريقية)

3-    إعلان عمان 2004 للحريات الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي (الخاص بالجامعات العربية )

4-    إعلان اليونسكو الخاص بالحرية الأكاديمية لعام 2005

والتي يفهم منها جميعها، كما جاء في التقرير السنوي الرابع لعام 2009، والصادر عن مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، نصاً أن "الحرية الأكاديمية تشمل حرية الأفراد في أن يعبروا بحرية عن آرائهم في المؤسسة التي يعملون فيها...، وفي المشاركة في الهيئات الأكاديمية المهنية أو التمثيلية، وفي التمتع بكل حقوق الإنسان المعترف بها دولياً والمطبقة على الأفراد الآخرين وفي نفس الاختصاص... ويحمل التمتع بالحريات النقابية معه التزامات مثل واجب احترام الحرية الأكاديمية للآخرين، وضمان المناقشة السليمة للآراء المعارضة... ويتطلب التمتع بالحرية الأكاديمية استقلال مؤسسات التعليم العالي...". هذا، وقد جاء في إعلان عمان للحريات الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي والبحث العالي نصاً أن "الحرية الأكاديمية تشمل حق التعبير عن الرأي، وحرية الضمير، وحق نشر المعلومات والمعارف وتبادلها كما تشمل حق المجتمع الأكاديمي في إدارة نفسه بنفسه، واتخاذ القرارات الخاصة بتسيير أعماله، ووضع ما يناسبها من اللوائح والأنظمة والإجراءات التي تساعده على تحقيق أهدافه...".

في سياق الحديث عن جامعة الأزهر، باعتبارها نموذجاً لقياس الحريات الأكاديمية في الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، فإنه لا محيص عن القول إن جامعة الأزهر هي جامعة الأزمات الكثيرة والمتنوعة والمتلاحقة. غير أنه ــ إن أردنا أن ننصر هذه الجامعة وننتصر لها ــ ينبغي لنا أن نبدأ بالانتصار على أزمتها الحالية التي ألقت بنا إلى الحالة التي نعاني الآن من أحابيلها وانعكاساتها، وذلك تمهيداً لاتفاقنا وتوافقنا على سبل الخروج منها، بغية وضع قاطرة جامعتنا على مسار سالك و سليم. وللاطلاع على هذه الأزمة باختصار شديد ومفيد، فإننا نقول: حينما أعلنت النقابة الإضراب احتجاجاً على أوضاع الجامعة وعلى مطالب لم يُستجب إليها، كان رد الفعل الصادر عن إدارة الجامعة (ومجلس الأمناء) عنيفاً، حيث كانت مجموعة من الأخطاء أو الكبائر! ولأن القاعدة هي أن كل من يرتكب فعلاً مشيناً، فإن فعله يكون على مستواه، إن كبيراً فأكبر وأخطر، وإن صغيراً فبحجمه أو أدنى، غير أن الكبير إذا أنجز عملاً رائعا، فإن روعة عمله تكون في أعين الناس أدنى من  مستواه، وهو ما عبر عنه شاعر العربية، بل شاعر الدنيا على الإطلاق، أبو الطيب المتنبي، حيث قال:

و تعظم في عين الصغير صغارها           و تصغر في عين العظيم العظائم

فما بالنا، إذن، ارتكب الخطأ إدارة جامعة بكاملها (رئيس الجامعة و نوابه و العمداء)، وفوق ذلك وقبله مجلس الأمناء. وعليه، فإن الأخطاء التي أتت عليها إدارة الجامعة إنما ترقى إلى مستوى الكبائر، وهي التي أوردتها في بداية مقالي هذا.

وتعليقاً على هذه الممارسات التي ترقى إلى مستوى الكبائر أو الجرائم ، لاسيما ونحن في سياق البحث في مستوى الحريات الأكاديمية الممنوحة أو الممنوعة في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، فإنه ينبغي القول دون لف أو دوران أو غموض أو مواربة إن هذه الأفعال ليست إلا انتهاكات لحقوق الانسان وانتهاكات للحرية الأكاديمية في جامعة الأزهر. فالتعسف في استخدام السلطة انتج هذه الانتهاكات التي هي بمثابة عقوبات قامت السلطة التعسفية في الجامعة بإيقاعها ضد حرية الرأي وضد حق الإنسان وحق الأكاديمي في التعبير عنه. أما وقد ارتكب تلك الكبائر في جامعة الأزهر أربابها وكبارها ( إدارة الجامعة من رئيس ونواب وعمداء ومجلس أمناء)، فإن من حقنا – نحن العاملين – أن نسأل أولئك الكبار عما إذا كانو يعلمون أن حق الإنسان في أن يكون له رأي يعبر عنه هو حق حصنته الإرادة الإلهية والقوانين الدولية والقوانين المحلية؟! وعليه، فإننا نقترح على أولئك الكبار الذين ارتكبوا الكبائر بحق الجامعة أن يحاولو الإجابة عن الأسئلة الآتية، علهم يعودوا إلى جادة الحق والصواب والفضيلة:

أولاً: فيما يتصل بالإرادة الإلهية التي تدعو إلى حرية الرأي وتحصنه:

1-  هل قرأتم قول الله تعالى في سورة البلد:"ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين"، و قوله تعالى في سورة الرحمن:"الرحمن خلق الإنسان علمه البيان"؟!

2-  هل تعلمون أن أول شيء علمه الله سبحانه وتعالى لأدم عليه السلام لم يكن كيف يأكل و كيف يشرب، أوكيف يلبس ملابسه أو يخلعها ... لم يكن كيف يبيع وكيف يشتري، أو كيف يتزوج النساء أو كيف يطلقهن ....لم يكن كيف يرتق ملابسه أو يستر عورته، وإنما كيف يتكلم؟! أي أن الله سبحانه وتعالى علم أدم ـ أول ما علمه ـ البيان، أي الكلام. مصداقاً لقوله تعالى :"الرحمن خلق الإنسان علمه البيان".

ثانيا: فيما يتصل بالقانون الدولي الداعم لحرية الرأي والتعبير:

هل اطلعتم على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وإعلان ليما للحريات الأكاديمية 1988وإعلان كمبالا للحريات الأكاديمية 1990، وإعلان عمان للحريات الأكاديميةواستقلال مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي 2004 وإعلان اليونسكوالخاص بالحريات الأكاديمية 2005؟!

ثالثاً: فيما يتصل بالقوانين المحلية الحامية لحرية الرأي والتعبير:

هل اطلعتم على المادة (19) من القانون الأساسي الفلسطيني المواد(2)و(4)و(25)و(26)من قانون المطبوعات و النشر الفلسطيني ووثيقة الاستقلال الوطني الفلسطيني لعام 1988؟!

إن ما كان لافتاً للانتباه في الندوة التي عقدتها في رحابها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان"ديوان المظالم" تحت عنوان: "الحريات الاكاديمية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة"، هو في الحقيقة أمر لم يكن متوقعاً في أي حال، بل إنه أمر حطم كل توقع طبيعي في كل حال، ذلك أنه وإن تحدث رئيس النقابة الدكتور/أحمد التيان، بطريقته الطبيعة المعهودة عن الأزمة الحالية وأسبابها وفي صدارتها تشكيل مجلس الجامعة الحالي مؤكداً أن الأزمة في طريقها إلى الحل، دون أن يقول شيئاً عن هذا الحل، وإن لم يكن من الحكمة والحصافة والحنكة أن يؤكد على أن الحل قادم، ذلك أن مثل هذا التأكيد من شأنه أن يفرغ الندوة من مضمونها الأساسي الذي حث الهيئة على عقدها، وهو الشكوى المقدمة من النقابة ضد إدارة الجامعة، فضلاً عن أن هذا التأكيد من شأنه أيضاً أن يضع رئيس النقابة في حرج عدم القدرة على الانفلات من الإجابة عن سؤال قد يرفع في وجهه ومفاده كالآتي: إن كنت متأكداً من أن حل الأزمة قادم في غضون يومين كما تقول، فما الداعي يا ترى لهذه الندوة؟! وهل تنعقد هذه الندوة الآن ترفاً أو لممارسة الكلام والخطابة والقدح والمدح، أم لمساعدتكم في حل أزمتكم؟! غير أن الذي كان لافتاً للانتباه أكثر وأكثر هو حديث عضو النقابة ومسؤول العلاقات العامة فيها، الدكتور/ أيمن شاهين، الذي كان منصباً ليس على الأزمة التي تعصف بالجامعة منذ خمسة وثلاثين يوماً، وليس على تضييق إدارة الجامعة ومجلس أمنائها على النقابة ذاتها وعلى العاملين الذين يرفعون لواءها مستجيبين لنداءاتها وتوجيهاتها، وليس على القرارات التعسفية الجائرة التي تم اتخاذها ضدها باستثناء أربع كلمات قالها قول خجول يصر على القفز عنها وعدم الاهتمام بها أو التركيز عليها إذ قال: "قرار تجميد النقابة خطير" في معرض مداخلة مفادها إنجاز النقابة في الانضمام لهيئة التقاعد وتفضيل نقابته عن النقابات الأخرى، لاسيما وإن جامعات أخرى لا توجد فيها نقابات، مركزاً على ما تتميز به جامعة الأزهر من مساحة الحرية في الرأي والتعبير عنه، ضارباً مثلاُ لذلك بأن "الدكتور/ أيوب يكتب عن الجامعة دائماً وينتقد، فيما لا نسمع شيئاً عن الجامعات  الأخرى رغم كثرة الإشكاليات والأزمات فيها!" والسؤال هنا: إذا كانت هذه الندوة ما كانت لتكون لولا الشكوى المقدمة من النقابة إلى الهيئة ضد إدارة الجامعة، فهل أتى الدكتور/ أيمن شاهين إليها ليمتدح إدارة الجامعة (باستثناء قوله: "قرار تجميد النقابة خطير") أم ليدافع عن النقابة الذي هو أحد أعضائها ومسؤول العلاقات العامة فيها؟! هل أتى إلى الندوة ليبين للناس عسف الإدارة ضد النقابة والعاملين أم ليقارن بين نقابتنا ونقابات غيرنا على نحو يبدو فيه عن الإدارة مدافعاً؟! هل أتى إلى الندوة ليمتدح – ادعاء وليس حقيقة – مساحة الحرية في الرأي والتعبير عنه في جامعة الأزهر؟ إذا كان ذلك صحيحاً، فما هي أسباب الأزمة الحالية المستمرة حتى يومنا هذا لخمسة وثلاثين يوماً اعتباراً من ليلة الاثنين الثلاثاء 23/4/2012؟ٍ إذا كان قوله قول حق، فلماذا كان الإضراب من 23 إلى 25/4/2012؟! ولماذا كانت البيانات المتتالية والرسائل النصية القصيرة المتلاحقة والتي ظلت النقابة تصب من خلالها على إدارة الجامعة ومجلس أمنائها جام غضبها؟! لماذا كانت جداول التعليقات على مدار الأسبوع، بعضها من الساعة كذا إلى الساعة كذا دون تواجد، وبعضها الآخر بتواجد، وبعضها اعتصام أمام مكتب رئيس الجامعة... وهكذا دواليك؟! إذا كان كلام الدكتور/ أيمن شاهين صحيحاً في امتداحه لمساحة الحرية في الرأي الممنوحة في جامعة الأزهر، فكيف يمكن له أن يفهمنا أو أن يبرر لنا إغلاق إدارة الجامعة لموقع النقابة الالكتروني وإغلاق مقرها المكاني وإصداراها القرار بتجميد النقابة ومنعها اجتماع هيئتها العمومية؟! وكيف يفسر لنا إقدام إدارة الجامعة – التي يمتدحها في سياق مساحة حرية الرأي – على تنفيذ الخصم من رواتب العاملين لا لشيء إلا لأنهم التزموا بنقابتهم واستجابو لدعوتها بالإضراب؟! كيف له أن يقول ما قال وهو عضو في النقابة ومسؤول العلاقات العامة فيها؟! أليس هناك من جواب على ما تسأل إلا أن وراء الأكمة ما وراءها. أليس من العجب المستشنع والمستبشع أن يباهي الدكتور/ أيمن شاهين بما حلا له وصفه مساحة الحرية في الرأي والتعبير في ذات الوفت الذي تعاني فيه النقابة التي هو أحد أعضائها، بل وهو مسؤول العلاقات العامة فيها من إغلاق موقعها الالكتروني وإغلاق مكتبها وتجميدها وإغلاق القاعة المخصصة لاجتماعات هيئتها العمومية فضلاً عن الخصم التعسفي من رواتب العاملين عقاباً لهم على الوقوف مع نقابتهم واستجابتهم للإضراب الذي أعلنت عن الدخول فيه؟! أين هي مساحة الحرية التي يدعيها الدكتور/ أيمن شاهين في وجود هذه الانتهاكات التي تتحدث عن نفسها بصوت أعلى من صوته؟! إن وراء الأكمة ما وراءها، فمثل كلامه الطافح بالمدح والخالي من القدح – باستثناء الكلمات الأربع التي قالها وهي "قرار تجميد النقابة خطير" هو المطلوب، وذلك استجلاباً لنزول عن تلك الشجرة التي أخذ العسر يحتوي محاولات النزول عنها، خلافاً لما كان ظن اليسر طاغياً حين كان القرار بالصعود إليها واعتلائها، دونما أدنى حساب أو حسبة في شأنها.

إن مما أثار الانتباه والاستهجان هو أن هناك من بين أعضاء النقابة من تحدث في الندوة عن التخلف في المجتمع العربي مؤكداً على أن التخلف ما تزال صفة لصيقة تلازم المجتمعات العربية ولا تنفك عنها، وذلك في معرض حديثه عن الديمقراطية بمعزل عن جامعة الأزهر ودون الدخول في أزمتها الحالية، وكأن وجود من تواجد من أعضاء نقابة انعقدت هذه الندوة في شأنها لم يكن للدفاع عن موقف النقابة ومؤازرتها، وإنما عن أي شيء آخر سواها!!

أما آخر الكلام، فإذا كان مناسباً ما اختتمت به مداخلتي في الندوة بالقول: "إذا كان بعض الناس من المسؤولين لا يملون من الباطل فإن في جامعة الأزهر أناساً لا يملون من الحق"، فإنني أجد الآن أن الأكثر مناسبة هو أن أختتم مقالي هذا بذات القول مع إضافة لا أجيز لنفسي إغفالها، الأمر الذي يحتم علي أن أقول: إن كان بعض الناس من المسؤولين في جامعة الأزهر (معينيين كانوا أم نقابيين منتخبيين) لا يملون من الباطل، فإن في جامعة الأزهر أناساً لا يملون من الحق".

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.