خبر خصخصة الصهيونية .. هآرتس

الساعة 08:21 ص|25 مايو 2012

بقلم: اسرائيل هرئيل

(المضمون: لقد تسربت الخصخصة من نطاق الاقتصاد الى العناصر المركزية الثلاثة للصهيونية ايضا: الهجرة، الاستيطان وانقاذ الارض. الدولة ما بعد الايديولوجية، ومعها "المؤسسات الوطنية" تعبوا ولم يعودوا ينشغلون بتجسيد الصهيونية - المصدر).

"كيان صهيوني"؟ فقط ايران، حزب الله، حماس – وباقي كارهي اسرائيل – يذكرون ويتذكرون الجذور الفكرية للوطن القومي اليهودي. يهودية ديمقراطية، مع التشديد على الديمقراطية، نحن نكرر. أما صهيونية؟ فندفع لها ضريبة شفوية.

أول أمس مُنح في نطاق مدينة داود جائزة الصهيونية على اسم ارفينغ وتشرنا موسكوفيتش. المكان، وكذا افعال الفائزين يرمزان جدا الى عارض مرضي: حركات وجمعيات – وليس "الكيان الصهيوني" – هي التي تقف اليوم في جبهة الفعل الصهيوني الكلاسيكي. مدينة داود، مشروع تذكاري للكشف عن جذور الماضي كان جديرا بأن يكون مشروعا ملكيا. ولكن المملكة، التي تُقسم بقدس الأقداس بأن تكون القدس موحدة "الى أبد الآبدين" ترتعد كورقة مصفرة في مهب الريح عند الحديث عن الدفع بهذا القَسَم الى الأمام. ولولا دافيد باري، المفكر والجرافة لجمعية مدينة داود، لكان مشكوكا فيه ان تنكشف الآثار التاريخية، بمعانيها الهامة من ناحية تاريخية وقومية، لتصبح موقعا قوميا.

ومثل الموقع، هكذا الجائزة. لماذا لم تبادر دولة اسرائيل لما فكرت به عائلة يهودية ثرية من الولايات المتحدة؟ كل ما لقاءه فاز الثلاثة (دكتور اسحق غليك، من رواد طب الطواريء في اسرائيل؛ المحامية نتسانه درشان – لايتنر، من قادة الكفاح ضد الارهاب في مجال القانون الدولي، وتسفيكا تسالونيم، رئيس "الصندوق لانقاذ الارض")، كان يجدر ان تقوم به الدولة. على الدولة ان تدير الكفاح القضائي في العالم ضد مصادر تمويل الارهاب ومساعدة عائلات المتضررين في الدواعي القضائية. انقاذ الاراضي هو مهمة رسمية. وذراع الدولة، مثل الصندوق القومي لاسرائيل، هو الذي ينبغي ان يشتري، بزخم كبير، الاراضي. هو وليس جمعية مقدراتها، وكذا أدواتها التنظيمية التي تحت تصرفها، محدودة.

كما ان القليل (جدا!) من البلدات التي أُقيمت داخل دولة اسرائيل في العقود الاخيرة كانت، بالأساس، مبادرة من الجمعيات. ولكن حتى في حماية البلدات والاراضي فان "الكيان الصهيوني" غفا في الحراسة. الأضرار بالمزارعين وأملاكهم هي امور تقع كل يوم. وقوة العديد من المزارعين، القدامى والجدد على حد سواء، تتآكل وروحهم تنكسر. فسيطرة العرب على الاراضي الخاصة واراضي المديرية والصندوق القومي أصبحت وباءا يعم الدولة.

والى داخل هذا الفراغ دخلت مؤخرا منظمة "الحارس الجديد". المنظمة، التي تقوم على أساس المتطوعين، تساعد المزارعين في الحفاظ على أجسادهم، أراضيهم وأملاكهم. وهي ايضا، لو كانت تحكم في اسرائيل حكومة تفرض القانون، لما كان داع لها. وفي المستقبل، هذه المنظمة ايضا ستحصل، على أي حال، على جائزة الصهيونية. وليس من الدولة التي تقوم هي بمهمتها.

العام الماضي حظي بالجائزة (الى جانب حنان فورات ومئير دغان) الحاخام يهوشع باس، مؤسس منظمة "نفس بنفس". المنظمة، التي تأسست في العام 2002 فقط، مسؤولة عن هجرة معظم المهاجرين من البلدان الغربية بل وتساعدهم في التشغيل والتأقلم. هي وليس الوكالة اليهودية. هي وليس الهستدروت الصهيونية (واذا لم تكن تنشغل هذه بذلك، فلماذا نحتاجها؟). هي وليس وزارة الاستيعاب. هذه، اذا كانت على الاطلاق، "تساعد". ومنذ عقود وهي تعنى بالمناكفات الداخلية ولا تبادر الى شيء.

لقد تسربت الخصخصة من نطاق الاقتصاد الى العناصر المركزية الثلاثة للصهيونية ايضا: الهجرة، الاستيطان وانقاذ الارض. الدولة ما بعد الايديولوجية، ومعها "المؤسسات الوطنية" تعبوا ولم يعودوا ينشغلون بتجسيد الصهيونية. تبقى لهم، على الأقل، ان يعترفوا بجميل اولئك الذين حملوا الشعلة وتمجيد اعمالهم – وإن كان لأهداف تربوية. ولكن حتى لهذا ايضا نفدت قوتهم وضاعت ارادتهم.