خبر كيف يمكن للغرب أن يصدق وعود طهران.. اسرائيل اليوم

الساعة 08:18 ص|25 مايو 2012

بقلم: دوري غولد

(المضمون: النظام الايراني هو نظام ثوري يسعى الى أن يكون قوة مهيمنة. طالما كانت هذه هي الاجندة السياسية لايران، فهي ستواصل محاولة اعفاء نفسها من كل قيد على برنامجها النووي، دون مراعاة التفاؤل الذي يبثه الدبلوماسية الغربيون اليوم -  المصدر).

النغمة التي تنطلق هذه الايام في العواصم الغربية هي أن هذه المرة الايرانيون يبثون جدية. ويشير دبلوماسيون غربيون الى أن ايران جاءت الى المحادثات مع ممثلي منتدى الخمسة زائد واحد هو شروط مسبقة، واعربت عن استعدادها للحديث عن البرنامج النووي بدلا من التملص من ذلك مثلما فعلت في 2011.

يوكيا أمانو رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية قال هذا الاسبوع ان اتفاقا بين الطرفين سيوقع قريبا. كاترين اشتون، ممثلة الاتحاد الاوروبي، قالت انها تتطلع الى "أن نخرج مع بداية النهاية لبرنامج السلاح النووي في ايران".

التقديرات المتفائلة، ولا سيما تقديرات اشتون، لا تنسجم مع التجربة التي راكمها الغرب في المحادثات المسبقة مع ايران. في 2002، بعد أن انكشفت لاول مرة البنية التحتية لتخصيب اليورانيوم الايراني، كلفت بريطانيا، فرنسا والمانيا بمهمة التفاوض مع ايران لوقف هذا النشاط.

في 21 تشرين الاول 2003 توصل المحفل الاوروبي الثلاثي الى تفاهم مع الايرانيين في طهران "لتجميد كل نشاط تخصيب اليورانيوم" ووقف كل مساعي انتاج البلوتونيوم. ما حصل بعد ذلك يؤكد مدى الالتزام (الصفر) للايرانيين بوعودهم.

بعد أن تحقق الاتفاق بدأ دبلوماسيون ايرانيون يدعون بانه لا يتناول سوى موضوع ادخال غاز الاورانيوم الى اجهزة الطرد المركزي في منشأة نتناز ولا يتناول كل المراحل المسبقة التي واصلوا تنفيذها. وصرحوا بانهم يحتفظون بحق انتاج اجهزة الطرد المركزي وواصلوا العمل على ذلك.

الخطوة التي قبل التخصيب تسمى التحويل وهي تتضمن استخدام منتج اليورانيوم المسمى "الكعكة الصفراء"، والتي منها ينتج غاز تغذى به اجهزة الطرد المركزي. في 2003، عندما بدأت المفاوضات بين المحفل الاوروبي الثلاثي وايران لم يكن لدى الايرانيين حتى منشأة التحويل. حتى العام 2005، مع نهاية المفاوضات، تمكن الايرانيون من اكمال بناء المنشأة في اصفهان وبدأوا يشغلونها، في ظل الاعلان عن نهاية فترة التجميد لخطة التخصيب.

في خطاب سري في طهران تبجح حسان روحاني، الذي كان رئيس الفريق الايراني المفاوض في تلك الفترة بان الايرانيين استغلوا المفاوضات كي يقيموا منشأة التحويل في اصفهان. محمد لاريجاني نائب وزير الخارجية، الذي حل شقيقه علي لاريجاني محل روحاني كمفاوض رئيس، شرح الاستراتيجية الدبلوماسي لايران: "على الدبلوماسية أن تخفف الضغط عن ايران بسبب البرنامج النووي".

الشكل الذي استخدمت فيه ايران المفاوضات لتقدم برنامجها النووي هو واحد من الحجارة الاساس للدبلوماسية الايرانية – التضليل. في كتاب آية الله خميني، "الحكم الاسلامي" الذي كتب قبل الثورة في 1979 يشرح لمؤيديه بانه "اذا كان احد ما يريد الحديث عن حكومة اسلامية، فان عليه أن يحافظ على مبدأ التقية"، والذي فسر كعرض نوايا معين في ظل اخفاء النوايا الحقيقية.

روحاني ودبلوماسيته طبقوا مبدأ التقية في المفاوضات في موضوع النووي بتطرف أدى الى ان محفل فرنسي رسمي اشار امام نظيره الامريكي بان الايرانيين "يكذبون كل الوقت".  ومن شغل منصب السفير البريطاني في ايران في السبعينيات، السير دنيس رايت، لاحظ ذات مرة عن ظاهرة التقية فقال: "الايرانيون هم اناس يقولون عكس ما يفكرون ويفعلون عكس ما يقولون".

هذه الملاحظات لم تنبع من عنصرية. فقد عكست الشكل الذي تطبق فيه تقاليد شيعية دينية عتيقة، تلقت تعزيزا من الخميني المرة تلو الاخرى في الخطاب الدبلوماسي الذي بين ايران والغرب.

عامل آخر ذو مغزى في كل مفاوضات مع الغرب هو مبدأ الشفافية – فتح المنشآت السرية الايرانية امام الرقابة. في الماضي، عندما اشتبه الايرانيون بانهم على وشك أن يمسك بهم متلبسين بخرق التزاماتهم، عملوا على تأجيل الفحوصات التي أعلنت عنها الوكالة الدولة للطاقة الذرية واستخدموا الوقت كي يدفنوا أدلة الادانة.

مثلا، أزال الايرانيون كل الصفائح عن الحيطان في عدة غرف في المنشأة الكهربائية في كاليا، منعا للمراقبين من فحص باقي المواد المشعلة من تجارب اجروها على اجهزة طرد مركزي جديدة.

في معهد البحوث في لويزان، حيث يجري العمل في مجال التحويل للاستخدام العسكري الايرانيون ببساطة هدموا ستة مبان بل وازالوا طبقات من الارض على عمق عدة امتار كي لا توخذ عينات من الارض. وفي اثناء فحص في برتشين في كانون الثاني 2005 قيد الايرانيون ببساطة حركة المراقبين لعدة مبانٍ فقط. لدى الايرانيين يوجد فارق هائل بين المواقة المبدئية وبين ما هم مستعدون لعمله على الارض.

ولكن من أجل الاجابة على السؤال هل ايران ستحترم الاتفاقات التي تتوصل اليها مع الغرب، من المهم عدم الغرق في تفاصيل فنية فقط. فمنذ تموز 1991، بعد أن أخذ لقب الزعيم الاعلى لايران، شرح آية الله علي خمينئي كيف يرى استراتيجية الامن القومي الايراني: "هل نحن نتطلع للحفاظ على سلامة اراضينا أم نحن نتطلع الى التوسع؟ لا ريب أن وجهتن نحو التوسع".

وصف خمينئي للسياسة الايرانية هو بالضبط ما حصل. الجنرال قاسم سليماني، الذي عينه خمينئي لقيادة قوة القدس في الحرس الثوري، اعلن قبل بضعة اسابيع دون تردد: العراق وجنوب لبنان يوجدان تحت سيطرة طهران".

بمعنى، أن الغرب لا يتفاوض مع "دولة اخرى" ذات بنية تحتية نووية، كاليابان أو السويد. يدور الحديث عن نظام ثوري يسعى الى أن يكون قوة مهيمنة. طالما كانت هذه هي الاجندة السياسية لايران، فهي ستواصل محاولة اعفاء نفسها من كل قيد على برنامجها النووي، دون مراعاة التفاؤل الذي يبثه الدبلوماسية الغربيون اليوم.