خبر سيدة مع رؤيا وسيد مع جهاز- يديعوت

الساعة 08:09 ص|24 مايو 2012

سيدة مع رؤيا وسيد مع جهاز- يديعوت

بقلم: باروخ ليشم

        لم يسبق ان كانت في اسرائيل حملة انتخابات مملة كهذه. عوفر عيني ضد ايتان كابل في المعركة على رئاسة هستدروت العاملين. هذه السيدة العجوز، التي احمر خداها في الماضي بلون أحمر قانٍ، كفت منذ زمن بعيد عن اثارة اهتمام الجمهور. وكذا عوفر عيني، الزعيم الاحمر الاخير المتبقي في الدولة، ليس داني الاحمر، زعيم ثورة الطلاب في فرنسا في 1968. يدور الحديث عن متفرغ قاتم اللون وعديم الكاريزما قوته في جهازه، كما ان مظهره الاستمتاعي يخلق تضاربا في الصورة مع كفاحه من اجل عمال كادحين.

        الحكومة الضخمة الوطنية جعلت معارضتنا صحراء مقفرة، موضوعا بالتأكيد ليس صحيا لدولة ديمقراطية. رئيسة المعارضة شيلي يحيموفيتش تبث زعامة وكاريزما اعلامية وتقلع في الاستطلاعات، ولكن عدد الاصوات التي يمكنها ان تجندها في الكنيست اليوم من منزلة واحدة. كل اقتراح الى جدول الاعمال تطرحه في الكنيست يُرد عليه بخطاب يثير التثاؤب من الوزير المسؤول عن العلاقة مع الكنيست. واقتراحات حجب الثقة عن الحكومة لن تلقى الصدى إلا في برنامج "بلاد رائعة" التلفزيوني.

        نجاح يحيموفيتش الأكبر لا يزال ليس في المجال الانتخابي بل في المجال اللغوي. فقد جعلت احدى الكلمات الأكثر احتقارا في النقاش الجماهيري عندنا مفهوما شرعيا. الاشتراكية. في الثمانينيات هجم الليكود على الاشتراكية الهستدروتية بغضب شديد وكأنها الشقيق التوأم لعرفات. في انتخابات 1992 خبأ اسحق رابين اللون الاحمر تحت البساط – فالعمل ظهر في الدعايات والبث التلفزيوني الانتخابي بألوان ازرق – ابيض. ومنذئذ لم يطلق زعيم لحزب العمل كلمة اشتراكية في صحبة معقولة.

        ربط سيدة مع رؤيا وسيد مع جهاز يمكن له ان يكون أهم ما في جدول الاعمال السياسي للاحتجاج الاجتماعي. في الصيف الماضي جرت المظاهرات دون الهستدروت وحزب العمل. وكانت اسباب ذلك ظاهرا تكتيكية – رغبة عيني ويحيموفيتش عدم وصم الاحتجاج العفوي بدوافع حزبية. وكان هذا سر دفين للاحتجاج وكذا سبب أفوله. فقد نجح نتنياهو بحلو الكلام من الوعود بتنويم الزعماء عديمي التجربة للجالسين في الخيام ومنذئذ لا تكف الأسعار في اسرائيل عن الارتفاع.

        يمكن الافتراض بأنه كان هناك سبب آخر لعدم التدخل هذا. فقد اعتبر عيني في نظر المتظاهرين كعميل لأرباب المال، يعني زعيم عمال. أما يحيموفيتش فكانت رئيسة حديثة العهد للعمل ولعلها لم تكن بعد ناضجة لأن تقود الجماهير وراءها. في هذه الاثناء ضعف الاحتجاج وتعززت يحيموفيتش. كما ان جدول الاعمال الاجتماعي سيراكم القوة في ضوء موجة الغلاء التي ستلم بنا.

        منذ ذلك الحين تغيرت الخريطة السياسية في اسرائيل تماما. فمن جهة نشأت مملكة نتنياهو التي تقيم وجودها على جدول اعمال أمني وقومي، وتحاول الابقاء على الجمهور الاسرائيلي في خوف مستمر من الكارثة. ومن جهة اخرى يوجد مجتمع مدني كبير يرى في السلطة أداة ادارية مهمتها السماح للمواطنين بالعيش بكرامة وبوجود معقول.

        شيلي يحيموفيتش تمثل اليوم في الكنيست هذا المجتمع المدني. لديها القدرة الخطابية على ان تقود هذا الموضوع، ولكن ليس لديها روافع الضغط التي يمكنها من خلالها ان تمنع الاخطبوط السلطوي من سحق الطبقة الوسطى. الرجل الوحيد الذي يمكنه اليوم ان يغلق الدولة هو عوفر عيني. خليط من الاثنين يمكنه ان يولد من جديد حركة العمل القوية التي كانت ذات مرة، في الفترة التي كان فيها العامل انسانا ذا قيمة وليس مجرد فريق كرة قدم.

        يمكن الافتراض بأن مجلة "تايم" ما كانت لتختار عيني كملك اسرائيل. ولكن هو بالذات، مع قوة انتخابه المتجدد، يمكن ان يتحول الى أحد الشخصيات الأهم في ساحتنا السياسية. أحد ما يمكنه ان يتوج الملك التالي، أو ربما الملكة التالية.