خبر من يوقف المعمعان -معاريف

الساعة 07:57 ص|23 مايو 2012

من يوقف المعمعان -معاريف

بقلم: اسرائيل زيف

        (المضمون: مصر تحت حكم عمرو موسى ستنطلق نحو اعادة البناء أما بزعامة ابو الفتوح فقد تتحول الى مطرحا اضافيا من مطارح الثورة الايرانية - المصدر).

        لاول مرة في تاريخها تتوجه مصر الى انتخابات حرة ستكون هي الاكثر مصيرية لمستقبلها. فهذه الانتخابات ستحسم اذا كانت مصر ما بعد عهد مبارك ستنجح بالفعل في الانطلاق الى طريق جديد أم ستدخل في معمعان وسقوط يفاقم فقط وضعها ومن شأنه أن يعيدها الى عهد الظلام، كما تروي الاسطورة. مهما يكن من أمر، فسيكون لذلك معان اقليمية واسعة للغاية. مركز قوة الحكم المركزي القوي، الذي شكل أحد رموز القيادة على مدى السنين منذ عهد ناصر، السادات ومبارك انتقل بشكل كامل الى الشارع المصري – والبرلمان انتقل الى ميدان التحرير. السنوات الطويلة التي حكم فيها نظام مبارك المعتدل والغربي وجرت فيها انتخابات "موجهة"، أخفت واقعا ليس فقط من الاستياء وعدم الرضى بل وايضا عملية نشوء دولة اسلامية متطرفة تحت السطح؛ دولة تعاظم فيها عمليا "الاخوان المسلمون"، ومحافل متطرفة مثل السلفيين، الذين وحدهم حظوا في الانتخابات الاخيرة للبرلمان بـ 25 في المائة (!) من المقاعد، ومع باقي الاحزاب الاسلامية يشكلون نحو 70 في المائة من عموم المقاعد.

        الرجل القوي الذي يوجه دفة السفينة في البحر العاصف هذا هو الجنرال طنطاوي، وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري. بشكل عاقل وثابت، حرص طنطاوي على عدم توجيه الجيش ضد الجمهور، الامر الذي دون ريب منع عنه مصيرا مشابها لمصير الرئيس المخلوع (وعن الشعب حربا أهلية، مثلما لدى جيرانه). ومع ذلك، لم يتحسن حظ بعض من المرشحين للرئاسة، مثل عمر سليمان، ممن ابعدوا عن المنافسة بحجج متنوعة من اجل أن يقف في النهاية عمرو موسى، "المرشح المرغوب فيه" بالنسبة له.

        مصيرية الانتخابات اليوم ستجد تعبيرها ليس فقط في الانتخاب بين الرجلين المتصدرين – عمرو موسى وابو الفتوح، بل وأيضا في النتيجة التي من شأنها أن تؤدي الى دولتين مختلفتين جوهريا في اليوم التالي. انتخاب عمرو موسى معناه اعطاء فرصة لمصر لتنجح في الدخول الى مسار اعادة البناء. ومع أنه ليس كاريزماتيا، فان موسى بلا شك زعيم مجرب خبير في ادارة المنظومة السلطوية، وسياسته ستكون مسؤولة ومتوازنة. وهو يفهم معنى استخدام القوة وقيودها، كما يعرف وعلى علم جيد بأهمية اعادة التقرب من دول المنطقة والدول الغربية، مع التشديد على الولايات المتحدة – المهمة غير البسيطة في ضوء الضغينة القائمة تجاهها في مصر على جانبي المتراس، بعد ان هجرت مبارك. أما بالنسبة للعلاقات مع اسرائيل – فمن المتوقع لها أن تعود لتكون ما كانت عليه حتى اليوم، وموسى سيعمل حيالها على مستويين: المطالبة بالتجريد النووي للمنطقة، واعادة طرح الاجندة الفلسطينية على جدول الاعمال. ومع ذلك، من المعقول أن يعمل على منع التدهور والعودة الى وضع من علاقات المواجهة.

        من الجهة الاخرى، ابو الفتوح الاسلامي عديم كل تجربة سلطوية، ليس له فهم اقتصادي وسياسي دولي، وفي ظل غياب قدرة على بلورة أجندة سريعة للانتعاش الاقتصادي والدولي، فان من شأنه أن يأخذ مصر الى مطارح ايديولوجية وكراهية غربية. ليس فقط في أن هذه الظروف لن تخرج مصر من الوحل بل ومن شأنها أيضا أن تربطها بميول التعاظم الاسلامي في المنطقة، بحل مركز القوة العسكرية المركزية وتسلل ميليشيات منظمات الارهاب المتطرفة المنتشرة في وسط، في شمال وفي شرق افريقيا. اضافة الى ذلك، واقع مصر ضعيفة سيشكل تهديدا على اسرائيل، ولكن ليس عليها فقط. مصر، التي كانت الجهة الرائدة في منع تصدير الثورة الايرانية في المنطقة تحت حكم مبارك، من شأنها تحت حكم ابو الفتوح أن تصبح واحدة من مطارحها. وختاما، سواء كانت جولة انتخابات ثانية أم لا، فليست أرض النيل فقط ستنهض غدا الى صباح يوم جديد، بل كل المنطقة، التي سيقرر فيها المواطن المصري البسيط مصيرها بقدر كبير.