خبر الفيل الذي هُرِّب من غزة.. هآارتس

الساعة 07:57 ص|23 مايو 2012

الفيل الذي هُرِّب من غزة

بقلم: عميره هاس

(المضمون: يواجه ثلاثة من قضاة المحكمة العليا اليوم استئنافا رفعته خمس نساء فلسطينيات من غزة يردن الدراسة في جامعة بير زيت في الضفة الغربية وترفض اسرائيل منحهن تصريح دخول - المصدر).

قعد فيل كبير اليوم في قاعة قضاة المحكمة العليا، آشر غرونس وسليم جبران ونوعام سولبرغ. وسيكون للفيل مكان على كراسي المستأنفات الخمس اللاتي سيكن غائبات وهن نساء من غزة قُبلن للدراسة في جامعة بير زيت في الضفة الغربية. تريد اربع منهن متابعة الدراسة للقب الثاني في دراسات الجنوسة. وثلاث منهن في اربعينيات حياتهن وواحدة في الثلاثينيات من عمرها. أما الخامسة فشابة أنهت بامتياز الدراسة الثانوية وسُجلت لدراسة الحقوق. وسيرى القضاة الفيل في الغرفة لكن ماذا يفعلون به؟ ستُبين من فوضتها الدولة أنها تعارض منح تلك النساء تصاريح مرور لاسرائيل وتصاريح بقاء في الضفة. وكلمة السر – وكيف لا – هي الأمن. "منذ ايلول 2000 يُجرى مع دولة اسرائيل مواجهة عسكرية مسلحة من قبل منظمات الارهاب الفلسطينية"، كما ورد في جواب النيابة العامة في الصيغة التقليدية. و"تضييق التنقل" طريقة لاحباط جهود "نقل البنى التحتية الارهابية من غزة الى يهودا والسامرة". ولهذا لا تُجيز اسرائيل إلا تنقلا محدودا للناس "في حالات انسانية وشاذة".

تعلم النيابة العامة انه من الصعب ان تقنع بأن اربع نساء يعملن منذ سنين كثيرة على تقديم مكانة المرأة في القطاع، وشابة (هي ابنة خبير حقوق مشهور)، سيصدرن بنية تحتية ارهابية الى المناطق. ولهذا تذكر النيابة العامة ان "للدولة صلاحية واسعة وتقديرا واسعا ان تقرر من يدخلها وانه لا يوجد أي حق لواحد من الرعايا الاجانب في ان يدخل ارض الدولة السيادية ولا سيما اذا كان الحديث عن واحد من سكان منطقة معادية". وهذا زعم غريب شيئا ما اذا أخذنا في الحسبان حقيقة ان الدراسة في بير زيت لا في حيفا. ولهذا تتعجل النيابة العامة وتذكر للقضاة أحكامهم حينما رفضوا استئنافات مشابهة في الماضي ويوجد غير قليل من ذلك. والى الآن لم يتجرأ القضاة على إغضاب الفيل.

ستذكر المحاميات من مركز "غيشه" – وهي جمعية من اجل حرية التنقل – ان مكتب منسق العمليات في المناطق نفسه أبلغ عن تغييرا طرأ على سياسة التصاريح في السنتين الاخيرتين، فلم تعد لحاجات انسانية فقط. ويستطعن ان يقتبسن من موقع منسق العمليات الذي يفخر بوجود "8411 تاجرا من قطاع غزة خرجوا للقاءات عمل في اسرائيل في 2011 زار أكثرهم يهودا والسامرة من اجل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين غزة واسرائيل ويهودا والسامرة".

فلماذا يجوز ذلك للتجار ولا يجوز لطالبات الجامعة؟ لأنه يوجد ضغط دولي وامريكي على اسرائيل لتُليّن المعايير الاقتصادية للحصار على غزة (التي تكلف دافع الضرائب في البلدان الخارجية ضرائب كثيرة)، لكنه لا يوجد ضغط دولي وامريكي لاحترام حق أهل غزة في الدراسة في الضفة الغربية، ولا يزعزع هذا الحظر أي جامعة اسرائيلية. ولا تحب وزارة تربية حماس مثل اسرائيل ايضا ان يخرج الشباب الى الضفة أو الى الخارج. وهي تعلم لماذا، لأن التطرف السياسي والديني يضعف عندما تُفتح الآفاق. ولو ان اسرائيل أرادت حقا ان تضعف سلطة حماس لاحترمت حرية التنقل التي حُددت منذ 1991.

وهذا هو الفيل: ان اسرائيل معنية بسلطة حماس في قطاع غزة لأنها تعزز القطيعة بين القطاع والضفة. وقد قرر اتفاق اوسلو ان الضفة والقطاع وحدة جغرافية واحدة وفعلت السياسة الاسرائيلية كل شيء للفصل بينهما. وأحسنت فتح وحماس التي تضر المنافسة بينهما ضررا شديدا بالنضال الفلسطيني من اجل الاستقلال، أحسنتا اللعب بحسب السيناريو الاسرائيلي.

يفترض ان يواجه القضاة اليوم الدعوى الظاهرة التي تقول ان طالبات الجامعة الخمس هن تهديد أمني لاسرائيل. فهل يتجاهل القضاة هذه المرة الفيل ويعترفون بأن دعوى الدولة داحضة من أساسها؟.