خبر نهاية تجارة الخيول في مصر- هآرتس

الساعة 07:56 ص|23 مايو 2012

نهاية تجارة الخيول في مصر- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: مهما تكن نتيجة الانتخابات في مصر فلن ترى اسرائيل أهمية إلا للابقاء على اتفاقات كامب ديفيد وأي فساد يعتري هذه الاتفاقات ستنسبه اسرائيل قطعا الى المصريين لا الى سياستها في المناطق - المصدر).

        ان توجيها ناجعا مركزا للمجهر السياسي يميز سياسة اسرائيل نحو دول المنطقة. واليوم ايضا حينما تُفتح صناديق الاقتراع لانتخابات الرئاسة في مصر، سيكون السؤال الذي يشغل متخذي القرارات هو هل احمد شفيق جيد لليهود أم سيء؟ وهل عمرو موسى كاره لاسرائيل أم سياسي عملي؟ وهل محمد مرسي اسلامي متطرف؟ هذه هي الصورة المعتادة التي تفحص بها اسرائيل المسيرة التاريخية التي تمر بمصر وبالمنطقة كلها. وبعد الحداد السياسي لسقوط الحليف – الذي تلقى هو نفسه جامات التهديدات الاسرائيلية من قصف سد أسوان الى الشتم بالقول "ليذهب الى الجحيم" – يغطي ضباب كثيف عيني اسرائيل مرة اخرى.

        ان مصر ماضية اليوم لانتخاب رئيس لتتم بذلك أهم مسار ديمقراطي في تاريخها وتاريخ المنطقة. ولن تكون هذه هي الديمقراطية الكاملة لأن هذه الديمقراطية غير موجودة إلا في أحلام الهاذين. بل أهميتها في الحقيقة في نقل مركز القوة من الحاكم الى الجمهور وفي منح المواطنين قوة وفي سلب طاغية واحد الانفراد بالقرار وتقاسمه مع مجلس الشعب ومع جماعات سياسية واحزاب وحركات تريد ان تصوغ صورة مصر. وهذا تصور فكري واستراتيجي جديد يضعضع العادة السياسية المريحة لا لاسرائيل وحدها بل للغرب كله، وهي عادة فحواها انه يكفي امتلاك قلب شخص واحد حتى لو كان فاسدا لادارة تجارة خيول ناجعة.

        ان الجيش ايضا في مصر الجديدة والذي حظي بمكانة شريك في الثورة، مُصغ للساسة وللشارع. وهو لن يكون على كل حال عنوانا وحيدا للاعمال ومحورا يلتف على الرئيس ومجلس الشعب. لأنه يعلم هو ايضا ان اظهار القدرة على الادارة والحكم المدني هو الضمان الأهم لمستقبل مصر، والضمان لأن تستطيع مصر ان تجند لنفسها المساعدة الاقتصادية والاستثمارات الاجنبية التي تحتاج اليها كثيرا لاعادة بناء الدولة التي نهبها النظام السابق والتي تبدأ عهدها الجديد بعجز مالي ضخم يبلغ نحوا من 40 مليار دولار مع ملايين من العاطلين وحملة لجمع تبرعات من كل مستعد للاعطاء.

        لكن طريق مصر الجديد على تعقيده واحتمالاته وأخطاره هو في نظر اسرائيل أصوات خلفية ليست لها أهمية فقط. فاسرائيل لا ترى أهمية إلا لسلامة اتفاقات كامب ديفيد. ومن المؤكد ان استمرار وجودها هو الامتحان الوحيد لعلاقات الدولتين، ويجوز لاسرائيل ان تتناول باشفاق تصريحات مرشحين أو احزاب في مصر تدعو الى تغييرها أو تحديثها أو الغائها فوق كل ذلك. لكن جميع المرشحين أوضحوا ان هذه الاتفاقات ما عاد من الممكن ان تكون مقطوعة عن الواقع في المنطقة وعن سياسة اسرائيل وعن طموح مصر الجديدة السياسي الى توجيه مسارات في المنطقة. وتُذكر اسرائيل في جميع البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة على أنها محتلة، ويلتزم كل مرشح للرئاسة مهما يكن - علمانيا أو ليبراليا أو من الاخوان المسلمين – ان يساعد "الشعب الفلسطيني على التحرر من نير الاحتلال". وسيكون من السهل جدا ومن الكاذب أن ننسب كل مشكلة سياسية جديدة الى حقيقة ان مصر يحكمها اسلاميون. فقد عبروا هم خاصة لا العلمانيون عن التزام أهم لاتفاقات كامب ديفيد. وهم جميعا يرون ان سياسة حسني مبارك الضعيفة نحو اسرائيل وفشله في اضطرارها الى تطبيق اتفاقات كامب ديفيد وقرارات الامم المتحدة المتعلقة بالانسحاب من المناطق جزء من الأضرار الشديدة التي سببها مبارك لمصر. وهذا جزء من التراث – كالفساد والطغيان وقوانين الطواريء وإقصاء البدو في سيناء – تلتزم مصر الجديدة بتنقيته باعتبار ذلك جزءا من البشرى التي يريد الحكم الجديد ان يأتي بها للجمهور.

        لن يريد رئيس مصري جديد ولا يستطيع التحلل من هذه الرسالة. وسيكون من الوهم في المقابل توقع ان يستقر رأي اسرائيل على تغيير سياستها في المناطق تكريما لمصر خاصة وبخاصة اذا ترأسها اسلامي. وسيكون أسهل وأكثر اقناعا ان تُتهم الثورة المصرية والاخوان المسلمون وعمرو موسى أو الله بافساد العلاقات وبتهديد السلام من فتح العدسة لرؤية المنزلق الدحض الذي تتدهور فيه اسرائيل.