خبر آثار اضراب السجناء الفلسطينيين عن الطعام -نظرة عليا - مقال

الساعة 07:40 ص|22 مايو 2012

ترجمة خـاصة

آثار اضراب السجناء الفلسطينيين عن الطعام -نظرة عليا - مقال

بقلم: اودي ديكل واوريت برلوف

(المضمون: ليس لدى الحكومات اليوم الادوات للتصدي لحجم كبير من ظاهرة الكفاح غير العنيف من هذا النوع ولهذا فثمة حاجة لبلورة استراتيجية جديدة للتصدي لهذه الظاهرة التي تفرض التحدي على حكومة اسرائيل المرة تلو الاخرى - المصدر).

مسألة اضراب السجناء الفلسطينيين عن الطعام أغرقت العناوين الرئيسة في الاسابيع الاخيرة ووصلت القضية، زعما، الى منتهاها مع التوقيع على اتفاق تفاهم مع السجناء بوساطة المخابرات المصرية. كخلفية، حسب تقرير Middle East Monitor – Fact Sheet  يمكث نحو 6 الاف سجين فلسطيني في السجون وفي المعتقلات في اسرائيل. منهم نحو 320 يحتجزون قيد الاعتقال الاداري الذي بنظرهم وبنظر الاسرة الدولية ليس شرعيا. الاعتقال الاداري هو اجراء ينبع من قوانين الحرب في القانون الدولي ويستهدف، على أساس مادة أدلة سرية، احباط أعمال ارهابية مستقبلية، من شأنها أن تعرض سلامة الجمهور للخطر. وذلك خلافا للاجراء القضائي – الجنائي المعروف، حيث مادة الادلة الكاملة تنكشف للمتهم والاجراء ينتهي بالادانة (او التبرئة) وفي اعقاب ذلك باصدار بالحكم بالعقاب. الاجراء الجنائي "الكامل" يعتبر "شرعيا" بينما اجراء الاعتقال الاداري لا يعتبر "شرعيا".

الاضراب عن الطعام هو عمليا اداة اخرى في صندوق الادوات الفلسطيني ضد اسرائيل، والذي لا يتضمن الكفاح العنيف من الارهاب والعنف، بل ممارسة الضغط على اسرائيل في بعد الوعي، في ظل التوجه الى امكانية فقدان السيطرة على الوضع، في حالة وفاة احد السجناء جوعا. هذا بعد يتبنى فيه الفلسطينيون اساليب الكفاح المتبعة في العالم العربي، منذ نشوء الربيع العربي. اختيار الوسائل غير العنيفة تم انطلاقا من الفهم بان نجاعتها اكبر بكثير ولا سيما في المسائل المتعلقة بحقوق الانسان. الهدف الاساس للكفاح غير العنيف هو تغيير سياسة دولة اسرائيل بادوات جديدة. يمكن ان نلاحظ بانه يوجد تأثير مباشر للنشطاء في الشبكات الاجتماعية، في الدول العربية (مصر، البحرين، الكويت، اليمن، الاردن، لبنان، سوريا والسعودية) على زعماء الرأي العام في الشبكات الاجتماعية في غزة وفي الضفة. في ضوء نجاح المضربين عن الطعام في الدول العربية، قرر في كانون الاول 2011 معتقلان اداريان فلسطينيان، خضر عدنان وهناء الشلبي الشروع في اضراب عن الطعام بهدف وقف ظاهرة الاعتقالات الادارية، غير الشرعية في نظرهما. وقد حظي الفعل بعطف شديد في الشارع الفلسطيني. يبدو أن التخوف من أن تؤدي وفاتهما الى اندلاع العنف، داخل السجون وفي المناطق هو الذي أدى في النهاية الى القرار الاسرائيلي لتحريرهما.

في أعقاب نجاح الاضراب عن الطعام لهذين المعتقلين، بدأ قبل نحو شهرين ونصف الشهر خمسة معتقلين اداريين فلسطينيين آخرين الاضراب عن الطعام وفي 17 نيسان انضم اليهم نحو 1.500 سجين آخر. معظمهم سجناء جنائيون وامنيون وبعضهم معتقلون اداريون. هدف الاضراب الجماهيري، الاول في حجمه في العالم العربي، كان وضع حد للاعتقالات الادارية، او كبديل تحسين الشروط الاعتقالية للسكان، والتي ساءت في اعقاب اختطاف جلعاد شليط.

المطالب التي نشرها السجناء عبر الشبكات الاجتماعية تضمنت: وقف الاعتقالات الادارية؛ وقف سياسة حجز السجواء في العزل؛ وقف التفتيشات المفاجئة للزنازين؛ اعطاء علاج طبي مناسب؛ اعطاء مكانية زيارة عائلات السجناء (والمقصود اساسا السجناء من غزة ممن تمنع عائلاتهم من زياراتهم)؛ وقف الاهانات والتوقيفات لابناء عائلات السجناء من والى السجون.

في الشبكات الاجتماعية يبدو تأييد جارف للمعتقلين الاداريين وبقدر أقل للسجناء الامنيين/ الجنائيين الذين انضموا الى الاضراب. وحظيت الخطوة أيضا بالتغطية الاعلامية، بالاسناد، بالتأييد من نشطاء الشبكات الاجتماعية في باقي الدول العربية ممن انضموا لتحقيق الهدف. وتجدر الاشارة الى أن هذا التأييد الوسع في الشبكة لم يتضمن، على طول الطريق، الدعوة للتوجه الى العنف. بفهمهم، الاثر والمنفعة للكفاح سيكونان أوسع طالما لم يحمل هذا الكفاح طابعا عنيفا.

واضح أنه في السلطة ايضا لم تكن هناك أدوات مناسبة للتصدي لهذه الظاهرة الجديدة. محمود عباس، طرح تخوفا من ان تفقد السلطة السيطرة على الاحداث في حالة وقوع ضرر لاحد من السجناء. وذلك على ما يبدو، لممارسة الضغط على اسرائيل كي تبدي مرونة في معالجة المسألة. السلطة الفلسطينية وأجهزتها الامنية وقفت أمام تحدٍ مركب. من جهة، تضمنت الاحداث مظاهرات في المدن المركزية، ما في ذلك في الخليل وفي نابلس، اللتين تشكلان معقلين لحماس. وهذه الاخيرة استغلت الفرصة الى جانب الجهاد الاسلامي للاعراب عن الاحتجاج على السلطة الفلسطينية التي تعتقل هي ايضا نشطاء حماس والجهاد، دون اجراء قضائي مناسب في نظرهما. من جهة اخرى يوجد عطف اساس من السلطة الفلسطينية وأجهزتها الامنية لقضية السجناء. وقد اضطرت اجهزة أمن السلطة الفلسطينية الى اتخاذ اعمال خفية فقط، كي لا تلفت انتباه الاحتجاج تجاهها وامتنعت عن اداء دورها بنجاعة ضد اعمال الاحتجاج والتضامن مع السجناء. بالتوازي، جرت مسيرات سرية امام دوائر السجناء لحملهم على عدم تشديد الاضراب والمطالب.

المفاوضات لوقف الاضراب ادارته المخابرات مع كبار السجناء من حماس وفتح وبوساطة المخابرات المصرية. في بيان نشرته المخابرات جاء ان زعماء السجناء "وقعوا على تعهد بوقف تام للنشاط الارهابي من داخل السجون" وان الاتفاق وقع "بعد أن اعطى قادة المنظمات خارج السجن الضوء الاخضر للسجناء".

فور التوقيع على اتفاق التفاهم نشرت في الشبكات الاجتماعية سلسلة التسهيلات التي وافقت عليها اسرائيل: إنهاء العزل الطويل للسجناء لاعتبارات "الامن"، خروج 19 سجن من العزل في غضون 72 ساعة؛ الاذن بالزيارات العائلة للاقارب من الدرجة الاولى للسجناء من قطاع غزة، والتي توقفت في 2007، بعد سيطرة حماس على القطاع وردا على اختطاف جلعاد شليط؛ الاذن بزيارات عائلية للسجناء من الضفة الغربية، والتي ردت طلباتهم لاسباب "امنية" غامضة؛ تشكيل لجنة مشتركة من مصلحة السجون والسجناء لتحسين الشروط الاعتقالية؛ عدم تجديد أوامر الاعتقال الاداري لـ 308 سجين فلسطيني يمكثون قيد الاعتقال الاداري، الا اذا طرحت ضدهم معلومات أمنية ذات مغزى.

الى جانب الكفاح العنيف، يتطور كما أسلفنا نمط كفاح ذو طابع غير عنيف، هدفه احداث تغيير في سياسة دولة اسرائيل، مثلما وجد الامر تعبيره في احداث الاضراب عن الطعام الجماعي للسجناء الفلسطينيين. ليس لدى الحكومات اليوم الادوات للتصدي لحجم كبير من ظاهرة الكفاح غير العنيف من هذا النوع ولهذا فثمة حاجة لبلورة استراتيجية جديدة للتصدي لهذه الظاهرة التي تفرض التحدي على حكومة اسرائيل المرة تلو الاخرى.

اضافة الى ذلك، يشير الحدث الى ميل آخر وهو التأثير المتبادل بين الشارع المصري والشارع الفلسطيني بواسطة الشبكات الاجتماعية. من جهة نسخ الفلسطينيون النموذج والادوات للاضراب عن الطعام من مصر بل وحظوا بريح اسناد من جانب الشبكات الاجتماعية. ومن جهة اخرى من شأن تطور الاحداث في غزة وفي الضفة ان يؤثر على التصعيد في الشارع المصري ضد اسرائيل.

تخوف مشابه من القيادات السياسية في اسرائيل، في مصر وفي السلطة الفلسطينية ادى، أغلب الظن، الى تدخل محافل الاستخبارات في اسرائيل، في السلطة، في غزة وفي مصر، لايجاد حل مناسب للازمة.