خبر اولمرت: "سيتعين علينا التوصل الى تسوية -معاريف

الساعة 08:32 ص|20 مايو 2012

اولمرت: "سيتعين علينا التوصل الى تسوية -معاريف

في البلدة القديمة – بما في ذلك في الحرم"

بقلم: يوسي ايلي

 (المضمون: رئيس الوزراء، رئيس بلدية القدس سابقا ايهود اولمرت يتحدث عن القدس بتعابير فشل التوحيد وضرورة اعادة فصلها لتتخلى عن الاحياء العربية فيها - المصدر).

        "لقيادة الجمهور، على القيادة أن تتصدره في الطريق الذي يتعين على دولة اسرائيل أن تسير فيه، وليس في الطريق الذي يملي فيه متحمسون، عديمو المسؤولية، صارخون ومتزلفون على القيادة للسير فيه". بهذه الكلمات يختار رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت اجمال المقابلة النادر التي يمنحها بمناسبة يوم القدس. من ناحيته، السياق السياسي ليوم العيد الوطني الذي يحل اليوم واضح: تصريحات خليفته في المنصب بنيامين نتنياهو والتي جاء فيها انه لن يتنازل عن وحدة العاصمة حتى ولا مقابل اتفاق سلام مستقبلي. "اختبار القيادة هو في القدرة على اتخاذ القرارات حتى لو لم تكن تحظى بشعبية في نظر بعض الجمهور"، يقول اولمرت ويحذر من أن "البحث عن الشعبية بكل بثمن يمكن أن يكون ثمنه الدولة".

        "سيتعين علينا التخلي عن "القدس الكاملة""

        من ناحية ايهود اولمرت، القدس ليست موحدة منذ سنين. وهو الان يعترف لاول مرة بانه حتى عندما كان رئيسا لوزراء اسرائيل وعندما كان رئيسا لبلدية القدس، أهمل الاحياء الشرقية من المدينة. "من نواحٍ عديدة أعتقد بان القدس تتقدم"، يقول اولمرت وعلى الفور يتحفظ. "عندما أتحدث عن القدس المتقدمة، فاني أتحدث عن القدس التي هي غربي القدس. وأقصد الاحياء التي يسكن فيها اليهود، حتى في الاجزاء التي لم تكن جزءا من المدينة حتى 1967. أما فيما يتعلق بالاجراء الاخرى من القدس، حيث لا يسكن اليهود، فلا يوجد تغيير كبير. توصلت الى استنتاجات حزينة جدا بالنسبة لمستقبل القدس كمدينة موحدة، حين رأيت أن حكومات اسرائيل ليست قادرة وربما أيضا لا ترغب في أن تستثمر في القدس المقدرات اللازمة كي لا يكون توحيد المدينة شعارا بل واقعا. لم تفعل اي حكومة اسرائيلية منذ 67 حتى ولا صفر جانب مما هو مطلوب لتوحيد المدينة بشكل عمل. هذه مأساة ستقودنا، بلا مفر، الى تنازلات سياسية محتمة. بالمناسبة، لا يجب أن يكون هنا أي شك، وأنا لا اقول هذا بأي نوع من الخداع: حتى الحكومة التي ترأستها لم تفعل كل ما كان ينبغي كي تجعل القدس مدينة موحدة. صحيح أننا استثمرنا في القدس، ولكننا عن عمد استثمرنا اساسا في غربي المدينة وفي الاحياء الجديدة مثل هار حوما، بسغات زئيف، رامون وغيلو، وامتنعنا عن الاستثمار في المناطق التي أعتقد ان في المستقبل لن تكون جزءا من القدس التي ستكون تحت سيادة دولة اسرائيل".

        هل تقصد أن شعار "القدس الكامة" لا ينجح في اختبار الواقع؟

        "هي لم تكن كاملة في أي مرة وبذات الشكل الذي تحدثوا عنه. نحن يتعين علينا أن نتخلى عن الشعار بان واقع الحياة سيكون هكذا. من يريد ان يقول ان العيسوية هي القدس، فليتفضل. متى كانت العيسوية جزءا من القدس التاريخية؟ متى كان جبل المكبر جزءا من القدس التاريخية؟ أي ذكريات توجد لشعب اسرائيل من هذه الاسماء التي ذكرتها؟ متى صلينا في أبو ديس، التي فجأة نقدسها وكأنه لا حياة في القدس بدونها وبدون كل أنواع الاحياء الاخرى المأهولة بالعرب؟ نحن لا يمكننا أن نوحدها وان نربطها بنسيج الحياة الحقيقية للقدس وباستثناء الاشمئزاز، لي لنا منها أي شيء. لا يمكن الحديث عن السلام والقول اننا نريد السلام وعدم الايمان بان هذا يستوجب منها التخلص من الشعارات التي استخدمناها جميعا. أنا أيضا استخدمتها على مدى كثير جدا من السنين. مجد وبهاء القدس، التبادلية التي تضفيها على حياتنا، السحر الخاص الذي تبثه في كل من يراها ويأتيها، العنفوان الذي تبعثه في قلب كل يهودي وفي قلوب الكثيرين ممن ليسوا يهودا – كل هذه ليست متعلقة بمسألة اذا كانت سيادتها ستشمل ابو ديس أو جبل المكبر. يجب ان نفهم هذا".

        يمكن الاستنتاج بان الخلاف الاساس من ناحيتك في كل ما يتعلق بتقسيم القدس يدور أساسا حول مسألة البلدة القديمة.

        "بالنسبة للبلدة القديمة، سيتعين علينا الوصول الى تسويات – وهذا يتضمن الحرم – تسويات تسمح بوجود اتفاق سلام بيننا وبين الفلسطينيين. هذا أمر جد مركب، معقد، يتطلب حساسية استثنائية، تفهم وكذا حس ضبط للنفس".

        الى أي مدى كنا قريبين من اتفاق مع الفلسطينيين عندما اديرت مفاوضات في مؤتمر انابوليس في 2007؟

        "كنت على مسافة لمسة من اتفاق سلام. الفلسطينيون لم يرفضوا أبدا عروضي. وحتى لو في المرة الالف كانت هناك جهات ستحاول الادعاء بانهم رفضوا عروضي، فان الواقع كان مختلفا. لم يقبلوها، وثمة فارق. لم يقبلوها، لان المفاوضات لم تنتهي، كانت على شفا الانتهاء. لو بقيت رئيسا للوزراء لاربعة أشهر – نصف سنة اخرى، فاني أومن بانه كان يمكن الوصول الى اتفاق سلام. الفوارق كانت صغيرة جدا، وقد وصلنا الى السطر الاخير. أما أن أقول لك اننا كنا سنتعايش مع هذا بتسليم تام، فسيكون هذا مبالغا فيه بعض الشيء. ولكني أومن بانه كانت لي خطة جد مفصلة ودقيقة لكيفية جلب الفلسطينيين في السطر الاخير الى نقطة النهاية، الى اجتياز الخط. لا أريد أن ادخل في هذا لانني اعتقد بانه قد يصبح لاحقا واقعيا.

        "مفهوم اني اذا كان بوسعي أن اعيش في كل جزء من أرض بلاد اسرائيل، وكذا أن اعيش بسلام مع جيراني، واحافظ ايضا على الطابع اليهودي لدولة اسرائيل، وكذا أحافظ عليها كدولة ديمقراطية وأيضا أحظى باسناد كل الاسرة الدولي – لكنت أفعل ذلك. ولكن هذا متعذر. وعندما يكون الامر متعذرا، فان القيادة المسؤولة ملزمة بان تعترف بذلك، وأن تسلم به، وان تستخلص الاستنتاجات اللازمة، وتتخلى عن سياسة التزلف الرخيصة وتتصرف بمسؤولية وبحرص والا تبحث عن الشعبية السريعة والسهلة. يحتمل أن تكون الامور التي أقولها هي أمور يصعب التسليم بها وقبولها، وهذا يحطم القلب حتى لسماعها، يغضب عدد لا يحصى من الناس في أنه يأتي على لساني وفي الماضي قلت أمورا اخرى، ولكن هذه هي الحقيقة! ومع هذه الحقيقة يتوجب علينا أن نعيش، وأؤمن بانه في نهاية المطاف هذا ما سيحصل. انا انسان متفائل. من المهم أن نتذكر بان القسم الجميل من القدس والقسم البشع من القدس والقسم الهام من القدس سيكون دوما تحت سيادتنا، وهو دوما سيكون موضع الهام، فخر، فرح وسمو روحاني في أوساط الشعب اليهودي".

        الخطة، مهما كانت مفصلة، فلا تزال تتضمن تنازلات اليمة. كم هو الجمهور مستعد لقبول مثل هذه التنازلات؟

        "لا اعتقد أن على القيادة أن تنهض في كل صباح لتفحص ما هو المزاج الدقيق للجمهور. الزعامة، ولا سيما تلك التي تريد ان تحدث تغييرا تاريخيا، يجب أن تعرف ما هو الخير للشعب الذي انتخبها كي تأخذ المسؤولية وتتخذ القرارات. عندما تتخذ الحكومة القرارات، يسير الجمهور خلفها. لا شك اني لو كنت طرحت على حسم الجمهور عروضي مثلما طرحتها على القيادة الفلسطينية، لكانت الاغلبية الساحقة ستؤيدها. حتى اليوم لا شك عندي ابدا بان التسوية السلمية، اذا ما وقعت، ستكون بالضبط حسب المبادىء التي اقترحتها".

        "انت يمكنك ان تنظر الى  الخلد"

        ما هو الخاص من ناحيتك في القدس؟

        "هذا الاسبوع أجرت جولة في المدينة وأنا ملزم بالقول اني استمتعت جدا. أنا سعيد ان رئيس البلدية نير بركات تراجع عن بيان أصدره عندما انتخب للمنصب في أنه سينهي القطار الخفيف. هذا مشروع مواصلات مميز سيغير وجه القدس بشكل مطلق على مدى السنين، وقد استثمرت فيه في الماضي غير قليل من الجهود، الحكومية والبلدية على حد سواء.

        "وقفت في شارع يافا هذا الاسبوع، قرب مبنى البريد القديم، غير بعيد عن ميدان سفرة. نظرت الى الشارع، لم أرى سيارة واحدة. كل شيء كان هادئا، لطيفا. نحن نريد القدس كمدينة فرحة. ليس كمدينة حزينة، ليس كمدينة مغلقة، ليس كمدينة سكانها منطوون على أنفسهم. مدينة تقول للناس: تعالوا بنهج العيش هنا. لا حاجة للقول ان سوق محنيه يهودا هو بقعة رائعة من اللون، الظل، السكان المتنوعون الذين لا يوجد مثيلا لهم في أي مدينة اخرى في البلاد. ببساطة رائع السير هناك. ولا سيما بعد أن كف السوق عن أن يشبه حيا فقيرا أو منطقة مهملة، بل هو سوق محسن، متطور، ينير العينين وصاخب، مثلما ينبغي أن يكون. من هذه الناحية ومن نواحي عديدة اخرى اعتقد أنها تتقدم.

        "كما أني احب جدا المدخل الى القدس. اشعر اني ادخل الى مكان آخر، أجواء آخرى تحيط به. أنا احب جدا جسر الاوتار الذي قررت في حينه اقامته واحد كبار المعماريين، سانتييغو كلترفا، صممه. وهو خليط خاص من نوعه لجسر وبوابة، فالقدس التاريخية هي مدينة البوابات: باب صهيون، باب يافا، باب نابلس، باب الاسود، وباب الاوتار".

        هل يوجد مكان خاص تحب أن تزوره في المدينة؟

        "احببت الوقوف على برج داود، في طرف البرج، يشاهد القدس من كل جوانبها. عندما تقف في القدس وتنظر عاليا يمكنك أن تنظر الى الخلد. في اي مكان آخر يمكنك أن تفعل هذا؟ فضلا عن ذلك، فاني أحب قصيدة "من فوق قمة جبل المشارف" بل وايضا المغني الذي غناها، يهورام غاءون، واحب ايضا الوقوف من على هذه القمة لانظر ال القدس. الاف السنين اشتقنا اليها، والوقوف هناك هو فضل كبير جدا حققه جيلنا، وآمل أن نحافظ عليه، حتى ولو اضطررنا من أجل ذلك أن نتخلى عن أبو ديس، فهذا ليس فظيعا".

        هل يوجد شيء يزعجك في المدينة؟

        "التقسيم البشري هو أحد المواضيع التي تزعجني في القدس. أشعر أنه يسكن هنا سكان لا يرتبطون الواحد بالاخر. هذا صحيح ليس فقط بالنسبة لليهود والعرب بل وايضا بالنسبة للاصوليين – العلمانيين، والمتدينين – الاصوليين. يوجد شيء ناقص في الوحدة العامة للمدينة في هذا مبناها ايضا. ما ينقص هو نوع ما من مركز للمدينة يتدفق، الكل يتدفق اليه: كل الحياة، كل الناس، كل الروح المقدسية. هذا ليس موجودا بعد، ولكن يجب ان نترك شيئا لرئيس البلدية يفعله في ولايته، وآمل أن يفعل هذا بنجاح".