خبر بين التاريخ والهستيريا -يديعوت

الساعة 08:31 ص|20 مايو 2012

بين التاريخ والهستيريا -يديعوت

بقلم: عمانوئيل روزان

"هل يجلب السلام أم الحرب"، سأل مراسل المجلة الاسبوعية "تايم" بعد لحظة من تتويجه رئيس وزراء اسرائيل على أنه "الملك بيبي" وتسبيبه ارتياحا كبيرا لديوان نتنياهو. وأنا أتطوع باجابته فأقول لا سلاما ولا حربا. فبخلاف تام لقرع الطبول ونفخ الأبواق ليس نتنياهو زعيم اعمال عظيمة واجراءات تاريخية. صحيح أنه يُكثر الحديث عنها ويفعل ذلك مع تركه أثرا قويا على السامع الذي هو في هذه الحال مراسل امريكي، لكنه قليل الفعل أو هو في الأساس يخشى ان يفعل.

وليس نتنياهو وحده لأنه ليس في العالم الحالي زعماء عظام، ولم يعد الملوك ايضا كما كانوا مرة. ان المواطنين هم الذين يقومون بالافعال العظيمة حقا اذا تمت أصلا، في المدة الأخيرة، أعني جماهير الشعب. مثل المتظاهرين في التحرير والثائرين في سوريا وسكان الخيام في روتشيلد في صعيد النية على الأقل. أما الزعماء فيشغلهم البحث عن البقاء. ولا يوجد في منطقتنا كما تبدو الامور الآن لا مناحيم بيغن ولا أنور السادات ولا اسحق رابين ولا ياسر عرفات، ولا تشرتشل ايضا.

ليس لنتنياهو لا ارادة ولا شجاعة لصنع سلام. وفي مقابل هذا فانه يؤمن بحرب تقضي على التهديد الايراني، لكنني أُخمن ألا يتجرأ على القيام بها. وبشرى الخير هي ان قطعة النقد هذه لها جانبان: فربما يريد الايرانيون لكنهم لا يستطيعون في الحقيقة ان يقلبوا العالم رأسا على عقب؛ ولا يقصدون في الحقيقة الى حرب عالمية ثالثة، ولهذا فلن يهاجموا. ونتنياهو كما قلنا آنفا لن يهاجم، وستظل السياسة صغيرة وسيضطر الصحفيون الى الاكتفاء بالحيلة التاريخية التي أدخلت موفاز الى الحكومة أو الى شراء مجلة "تايم" والتسلي بالملك والملكة.

يمكن نشر عدد من الكليشيهات حول هذا التقرير المتحمس. من المؤكد ان يصف أحدها المواطن الاسرائيلي بأنه ينظر الى العنوان ويصرخ "الملك عارٍ". وليس هذا صحيحا: فبيبي ليس ملكا لكنه ليس عاريا ايضا. وهو اذا قيس وضعه بانهيار الزعامة والزعماء في آسيا واوروبا، جزيرة استقرار وقوة سياسية. لكن الملك هو الذي يصنع التاريخ لا الهستيريا، والذي يقود ثورات ولا يفكر فيها فقط. فنتنياهو ملك قوي ضعيف. وهو في أحسن الحالات ملك مراسم ساحر بخطبه وأوراقه، لكنه لا يحاول في الحقيقة أو لا ينجح بنقل الجبال عن مواضعها.

يوجد شيء ما في زعم نتنياهو وأشياعه على وسائل الاعلام الاسرائيلية الغاضبة. ويوجد من جهة ثانية ايضا شيء ما في البرود الذي يُستقبل به هذا الاطراء هنا. يبدو أننا كنا نفضل في الواقع لو أن براك اوباما قدّر رئيس حكومتنا تقديرا أكبر ولو أن مراسل مجلة "تايم" تحمس تحمسا أقل. فليس نتنياهو أغنية أرسلناها الى مسابقة عالمية بل هو رئيس وزراء. فاذا كان أسر قلب مراسل امريكي واحد تلقى هنا معاملة ملكية ودفع عن ذلك تتويجا مساويا لهذا الكفاح الاعلامي، لو كان ذلك لربما تحمسنا تحمسا أكبر شيئا ما. لكن حينما يعتقد رئيس الدولة التي تُطبع فيها هذه المجلة ان رئيس وزرائنا كاذب فان القيمة الحقيقية لهذا التقرير الصحفي لا تساوي أكثر من لحظة ارتياح في مكتب مستشار الاعلام النشيط.

ان التقرير الصحفي أو العنوان في الأساس بالنسبة لنتنياهو يبرهنان على أنه لا نبي في مدينته. ويحسن به ان يأخذ في الحسبان ان هذا التقرير عند من ينظر اليه بجدية ليس اطراءا فحسب بل هو سقف توقع عالٍ. فقد يطلب اليه شخص ما بعد ذلك ان يكون ملكا حقيقيا. وهناك مسألة صغيرة اخرى يجب ان يكون الاطراء متناسبا احيانا كما في تلك القصة عن رئيس وزراء كان أول من لاحظ الحريق في الكرمل. وحينما لا يوجد حد كهذا فان الاطراء قد يصبح فكاهة.