خبر أهون الشر -يديعوت

الساعة 08:20 ص|17 مايو 2012

أهون الشر -يديعوت

بقلم: غي بخور

ان الاعدامات بالجملة لأبناء الأقليات الكردية والأذربية والعربية السنية في ايران – باتهامات كاذبة بالتجسس ونشر الاشاعات أو الافلام الجنسية أو مجرد رفع صور على الشبكة العنكبوتية – تشهد على التوتر العظيم الموجود فيه النظام الديني العسكري في الدولة. والبرامج الاذاعية في ايران مشحونة في المدة الاخيرة بـ "اعترافات" مرشحين للاعدام و"اعترافات" جواسيس وتعبيرات مزورة عن ندم على خلفية موسيقى افلام توتر. اذا استثنينا سوريا حيث تهيج حرب أهلية فانه لا توجد دولة اخرى في الشرق الاوسط يُعدم فيها نظام الحكم نشطاء سياسيين بصورة تظاهرية وبشهوة على هذا النحو.

يخشى النظام عودة المظاهرات المليونية عليه كما حدث في سنة 2009، وهو يرد بوحشية كي يروا ويُروا. وقد أوضح خبير الحواسيب احمدي نجاد لأبناء شعبه ان "الفيس بوك هو وسيلة تجسس للصهاينة".

يعلم هذا النظام ان ايران دولة أقليات وأنه لا توجد فيها طائفة أكثرية. وقد انخفض الفرس أنفسهم تحت مستوى 50 في المائة وسائر الأقليات معنية بالانضمام الى دول مجاورة ولا تنوي ان تؤيد النظام الذي يضطهدها.

ان الأقلية الثانية في كبرها هي الأذربيون، وهم نحو من 20 مليون انسان، أي نحو من ربع السكان في ايران ومن بينهم الزعيم الروحي لايران علي خامنئي وزعيم المعارضة مير حسين موسوي. وان أكثر الاذربيين يريدون الانضمام الى اذربيجان المجاورة وطنهم الحضاري. وترى اذربيجان ايضا المناطق الآذرية في ايران مناطق تنتمي اليها حضاريا. وعلى سبيل المثال عرضت اذربيجان في مسابقات الغناء الاوروبية لسنة 2009 في فيلم دعاية قصير مواقع تراثية داخلها وفاجأ الايرانيين ظهور فيلم عن موقع يوجد داخل ايران وهو مقبرة شعراء قرب مدينة تبريز. وتزعم طهران ايضا ان الأذربيين يساعدون اجهزة استخبارات الولايات المتحدة واسرائيل على اصابة أهداف للنظام.

هناك أقلية كبيرة اخرى هي الاكراد الذين يُجرون كل يوم مواجهات عسكرية عنيفة مع حرس الثورة. وحلمهم هو ترك ايران والانضمام الى الوطن الكردي الكبير حينما ينشأ. وهناك أقليات اخرى هي التاجيك الذين يريدون الانضمام الى باكستان، والعرب السنيون الذين يحلمون بانشاء دولة سنية داخل ايران يسمونها الأهواز.

يعلم نظام الحكم في طهران مبلغ ضعف بطنه الطائفي وهو متنبه الى خطر ان تنتقض بلده وتنحل في حال مواجهة عسكرية، فكل أقلية ستعمل على الدفع قدما بأهدافها القومية على حساب الفرس.

وأخذ يتعزز ايضا التوتر الشيعي السني داخل ايران (33 في المائة من الايرانيين من أهل السنة وفيهم العرب والاكراد في الدولة)، لكنه يتسع ايضا نحو الدول المجاورة. فقد دعت صحيفة ايرانية مثلا الى ضم البحرين التي تحكمها أسرة مالكة سنية الى ايران وهو ما أثار غضب متصفحي الانترنت السنيين وحكومة البحرين البائسة.

ان احتمال انتقاض عُرى ايران هو في الحقيقة الحلقة الضعيفة لنظام الحكم، لكنه ايضا نقطة قوته. فجميع الأقليات تعلم انه اذا سقط النظام الخميني فستكون النتيجة فوضى بل حربا أهلية كما حدث بالضبط في لبنان بين السنتين 1975 – 1989، وكما يحدث اليوم في سوريا. وينظر المواطنون الايرانيون الى سوريا ويرون أنفسهم. وهذا هو السبب الذي يُمكّنهم برغم الاضطهاد وشعورهم بالاشمئزاز من نظام الحكم في الاستمرار على تأييده ليكون حاجزا بينهم وبين الفراغ المطلق والذبح الطائفي.

وهنا تدخل الى الصورة العقوبات الاقتصادية التي أخذت تزداد على الدولة الواقعة تحت العقاب وتهتك النسيج الطائفي أكثر. لكن اليكم تناقضا منطقيا وهو انه كلما قويت اتجاهات الانقسام والانفصال قد يقوى فهم انه لا بديل عن هذا النظام وانه اذا ذهب فسيضطر الجميع الى الذهاب معه لأنه ليس لهم مكان آخر.

ولهذا فان الضعف الرئيس للنظام هو مصدر قوته