خبر مرض النسيان- معاريف

الساعة 08:18 ص|17 مايو 2012

مرض النسيان- معاريف

بقلم: ليلاخ سيغان

(المضمون: لعل الاتفاق مع السجناء يعيدنا الى أهمية ما نسيناه وامتنعنا عن انتقاده من رفض لابو مازن العودة الى المفاوضات  - المصدر).

        جميل، إذن اضراب السجناء الفلسطينيين عن الطعام انتهى.

        أنا لا أقول هذا بتهكم، بل بكل الجدية. باختصار، هذه بالاجمال أنباء طيبة، أليس كذلك؟ من جهة اخرى يدور الحديث عن قتلة أو ممن خططوا لان يكونوا قتلة، وبيننا، لو كانوا محبوسين في السلطة الفلسطينية – لما حلموا حتى بان يتلقوا عُشر الحقوق التي يتلقونها هنا. كان يمكنهم أن يجوعوا أنفسهم حتى الموت وما كان لاحد حتى أن يعرف بذلك. ومن جهة اخرى، ان يختار الآخرون التصرف كالحيوانات، لا يعني أننا نحن ايضا يجب أن نخار بان نكون هكذا.

        مشكلتي هي ليس مع الاتفاق الذي أبرم مع السجناء الفلسطينيين، بل مع توازناتنا. يخيل أنه توجد كل الوقت حاجة لتذكير الجميع في أي فيلم نعيش، من يلعب شخصية الطيب ومن يلعب شخصية الشرير، وعلى ماذا تتحدث في واقع الامر الحبكة. وسائل الاعلام في العالم كله، وعندنا ايضا، تحرص جدا على أن تروج لاحترام حقوق القتلة لدرجة أنها احيانا تنسى بان تذكرنا بان الحديث يدور عن قتلة وحشيين.

        بذات الشكل تعمل وسائل الاعلام ايضا في مواضيع اخرى. فبعد كل شيء، سبب وجود هذا الاتفاق ليس التصديق التام والاعمى في أن وعد الارهابيين بعدم الانشغال بعد الان بالارهاب من داخل السجن هو شيء يمكن التعويل عليه جدا. السبب الحقيقي هو عدم الرغبة في اشعال منطقة حساسة جدا على اي حال الان، في موعد حساس جدا على أي حال، مع سجن بالصدفة يموت فجأة جوعا ويؤدي الى هياج جماهيري لا يراعي حقا سبب اعتقاله.

        ولكن تعالوا الا ننسى سببا آخر للوصول الى الاتفاق وهو ابداء بادرة طيبة قد تحث قليلا الامل في الجلوس المشترك مع القيادة الفلسطينية في حديث ما، حتى على حالة الجو، وبالتالي صحيح أنه في معظم الاحتمالات كل هذه البادرة الطيبة ليست أكثر من احبولة اعلامية صغيرة اخرى من كيس احابيل نتنياهو. ولا يزال، نجدنا نقبل الرفض المتواصل لابو مازن لاي حوار بعدم اكتراث مطلق. لقد تحول هذا الرفض الى أمر مسلم به بالنسبة لنا، ونحن لا ننتقده على الاطلاق بل ولا نعنى حتى بمسألة اذا كان مبررا أم لا. فلماذا، في واقع الحال، توقفنا عن انتقاد رفض القيادة الفلسطينية؟ هل لدينا سبب وجيه، هل يئسنا أم مجرد نسينا، بحيث أن هذا أصبح حقيقة عادية ودارجة؟

        ربما بالذات الان، مع الائتلاف الواسع جدا الذي يمكنه ظاهرا أن يقر خطوات ذات مغزى بسهولة أكبر، حان الوقت لاجراء "انعاش". هيا نبدأ في أن نسأل أنفسنا السؤال البسيط والاساسي: هل المفاوضات معناها التمترس أم المساومة؟ لا يمكننا أن نتوقع بان تتحقق كل مطالب أبو مازن المسبقة للمفاوضات في اي وقت من الاوقات. سيتعين على ابو مازن أن يلين قليلا، ولكن في نفس الوقت على أبو مازن ايضا ان يلين. طالما نحن لا ننتقد رفضه، فاننا في واقع الامر نشجعه على التمترس بدلا من المساومة. بالتعب وبانعدام النقد من جانبنا فاننا نساعد دون كلل على مواصلة جمود المسيرة السلمية