خبر الطريق الى خريطة استراتيجية جديدة- هآرتس

الساعة 08:17 ص|17 مايو 2012

الطريق الى خريطة استراتيجية جديدة- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

        (المضمون: مع ان فكرة الاتحاد الخليجي تشكل ردا على التحديات التي تواجهها المنطقة من ايران إلا ان الخلافات لا تزال أعمق من ان تجعلها واقعية - المصدر).

        المبادرة السعودية لاقامة اتحاد بين دول الخليج، لاقامة قوة عسكرية مشتركة وتنسيق السياسة والاقتصاد لهذه الدول، كان يمكنها ان تحدث تغييرا جوهريا في مبنى القوة في الشرق الاوسط وترسم خريطة استراتيجية جديدة. ولكن كما هو متوقع، بعد اللقاء الذي عقد أول أمس في الرياض، فهم المبادرون بأن الخلافات أعمق مما كان متوقعا، مخاوف الدول من بعضها البعض ولا سيما من الهيمنة السعودية، كبيرة، وبالتالي من الأفضل تأجيل البحث في الاتحاد الى موعد لاحق.

        في هذه اللحظة يدور الحديث عن كانون الاول 2012، حين سيلتقي قادة الدول في قمة الرياض. حتى ذلك الحين فان الكثير الماء سيتدفق في الخليج الفارسي ومسألة الاتحاد قد تُشطب، كمبادرة اخرى من المبادرات المباركة، ولكن غير الواقعية.

        لقد كانت نية الملك هي استبدال مجلس التعاون بين دول الخليج الستة، السعودية، البحرين، قطر، الكويت، دولة اتحاد الامارات وعُمان، والذي أُقيم في العام 1981 باطار أكثر الزاما من الاتحاد. معنى هذا الاتحاد هو اقامة جيش مشترك يعد نحو 360 ألف جندي، اقامة قيادة عسكرية مشتركة، تحديد سياسة خارجية موحدة لكل الدول الستة والتي ستنضم اليها، حسب الخطة ايضا، اليمن، المغرب، الاردن وربما ايضا مصر.

        الهدف الاستراتيجي هو التقدم بقوة موحدة أمام الخوف من الهيمنة الايرانية في المنطقة، بناء قوة توازن في وجه العراق، الذي رغم كونه دولة عربية يقع على شاطيء الخليج، فانه يعتبر دولة تخضع للرعاية الايرانية، بل ووضع تحدي أمام الجامعة العربية.

        ولكن، أمام المنطق الاستراتيجي للاتحاد تقف دول صغيرة ولكن هامة مثل قطر، الكويت وعُمان التي بشكل تقليدي تدير سياسة خارجية مستقلة، بل وتدير بعضها شبكة علاقات وثيقة مع ايران. مثل هذا الاتحاد، كما تخشى، سيمس بسيادتها وسينقل الى السعودية السيطرة على تحديد السياسة الخارجية، الامر الذي من شأنه ان يؤثر على وضعها الداخلي.

        وهكذا، بينما تدفع البحرين نحو الاتحاد مع السعودية وتعتمد عليها في أمنها، فان لقطر تاريخا من الخلافات مع السعودية بل وحتى فترة قطيعة كاملة بين العائلتين المالكتين. لقد تحولت قطر في السنوات الاخيرة الى دولة مؤثرة تشارك تقريبا في كل نزاع بل ونجحت في المكان الذي فشلت فيه السعودية، مثل حل الازمة في لبنان، بعد حرب لبنان الثانية.

        دولة اتحاد الامارات، التي حققت لنفسها سمعة كدولة ليبرالية للغاية في الخليج وتقيم علاقات تجارية متفرعة مع ايران، لا تريد ان تأخذ على نفسها إملاءا سعوديا من شأنه ان يمس بالبنية التحتية الثقافية والاقتصادية لديها.

        وفي هذه الاثناء، فان مجرد وجود خيار اقامة اتحاد نجح في ابعاد ايران، التي هاجمت بحدة الفكرة لاقامة قوة عسكرية عربية موحدة. ومع ان ايران يمكنها ان توقف أمام الجيش العربي المشترك قوة لا بأس بها لأكثر من نصف مليون جندي، ولكن المقياس ليس فقط عدد الجنود بل القدرة العسكرية والمساعدة الامريكية التي يمكن للقوة العربية الموحدة ان تجندها. غير ان المساعدة أو التدخل الامريكي لم يشترط أبدا بوحدة عربية. ولا توجد ايضا ضمانة على انه على مدى الزمن لن تتغير خريطة المصالح الامريكية في المنطقة.