خبر الغزي يعيش أقل من ثلث عمره.. عامر أبو شباب

الساعة 02:29 م|16 مايو 2012

من المسلم به علميا واجتماعيا أن الإنسان يحتاج من 6 الى8 ساعات نوم يوميا، في إطار الحياة الطبيعية بدون غم وهم الحصار والانقسام والبطالة وأزمة الكهرباء والوقود وغياب الأفق، وتلاشي الأمل مما يدفع الإنسان للإحباط والهروب إلى عالم النوم الذي يعتبر أهم أشكال الهروب من المشاكل الحياتية اليومية والانسحاب الاجتماعي.

إذن 8 ساعات تذهب عند أغلب البشر في النوم كاستراحة للجسد والروح وفرصة لتجديد دورة الحياة، وبما أن متوسط عمر الإنسان العادي أو على الأقل السن الذي يُسمح به للعمل 60 عاما بعدها ينتقل الإنسان إلى مرحلة (مت قاعد) على حد وصف الكاتب الرائع توفيق الحاج، فالإنسان يقضي نحو ثلث عمره في النوم ، طبعا الإنسان العادي أو الطبيعي في ظروف حياتية مقبولة.

أما في قطاع غزة الذي يضم نحو 1,7 مليون مواطن يعيشوا في أحسن الأحوال على فترة انقطاع للتيار الكهربائي تبلغ 8 ساعات يوميا حسب برنامج شركة توزيع الكهرباء، وقطع الكهرباء يكون يوما في بداية النهار من الساعة 8 صباحا حتى الساعة 3 مساء، وفي اليوم التالي مساء من الساعة 3 حتى الساعة 10 ليلا، وفي كل الأحوال، الكهرباء لا تقطع في الليل لاعتبار أن استخدامها ليلا يقل مقارنة بالنهار.

معنى ذلك أن المواطن في قطاع غزة يفقد 8 ساعات أخرى أو ثلث أخر من يومه وعمره، لأنه في غياب الكهرباء لا قراءة ولا عمل ولا حتى انترنت ولا تواصل اجتماعي فالعادات والتقاليد الجديدة في غزة جعلت المواطن قبل أن يفكر في زيارة قريب أو صديق يسأله هل توجد كهرباء؟، لأن الزيارة على ضوء الشمعة " بتكون ثقيلة دم" وتعمل على إرباك البيت المظلم وأهله، فضلا عن توقف المصعد بالنسبة للذين يسكنون في الشقق ما بعد الدور الثالث.

حصيلة ذلك أن النوم ليلا وأزمة الكهرباء نهارا تبطل مفعول 16 ساعة يوميا من عمر المواطن الغزي، أي ثلثي عمره خارج سياق الفعل والعمل والحياة، وحينها يتبقى فقط الثلث الأخير الذي تتصارع عليه أزمة المواصلات بسبب عدم دخول الوقود المصري الرخيص مقارنة بالإسرائيلي غالي الثمن، مما قلل عدد سيارات الأجرة، يضاف لذلك الروتين الإداري في أغلب المؤسسات العامة والخاصة، وخوض الكثير من العاملين في حديث صعوبة الحياة ومشاكلها على هامش العمل، فضلا عن المناسبات الاجتماعية والتسوق ومباريات كرة القدم الدولية ومتابعة أخبار المصالحة المفقودة والانتخابات المصرية.

منذ الانتفاضة الثانية عام 2000 فقدنا وقتنا أو عمرنا في احتلال وحرب 5 سنوات متواصلة، وبعد الانسحاب عام 2005 كان "انتصار التحرير"، والانتخابات وأزمة شاليط عام 2006، ثم جاء الانقسام عام 2007 وشلل كل مناحي الحياة.

أعوام عددها (12) مرت بدون تعليم حقيقي ولا تنمية جدية، انتظار وصراع وفوضى ويأس وحصار وانقسام طولي وعرضي، أفقي وعمودي، سياسي واقتصادي، نفسي واجتماعي، أخلاقي وديني.

هذه حصيلة ما جنيناه من عمر شعبنا وشبابنا وأطفالنا أكثر من ثلثي العمر بدون مقابل، بدون سعادة، بدون أمل، مرت تحمل تخبط وطني، ومراهقة سياسية، وفشل اقتصادي، وصدقت الحكمة القائلة " يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه".