خبر إرث ليندنشتراوس- معاريف

الساعة 10:43 ص|15 مايو 2012

إرث ليندنشتراوس- معاريف

بقلم: عوفر شيلح

        (المضمون: في اسرائيل في السنوات السبعة الاخيرة كان هو الشخص الوحيد الذي طالب الحساب ممن لا يجري حسابا لشيء - المصدر).

        لا أعرف القاضي يوسف شبيرا، الذي انتخب أمس مراقبا للدولة. الحملة الكثيفة في الايام الاخيرة لتعيين القاضي اليعيزر ريفلين بدلا منه بدت لي مبالغا فيها وبالاساس عديمة الاساس: ريفلين وان كان قاضي عليا سابق وشبيرا كان فقط في المركزية ولكن التاريخ لم يظهر افضلية بالذات لمراقب اعتلت كتفيه الرتبة الاعلى للمؤسسة القضائية. الرجل الذي سيلقي بظله على ولاية شبيرا، على الاقل في قسمه الاول، هو قاضي مركزية سابق آخر: ميخا ليندنشتراوس، مراقب الدولة المنصرف.

        لليندنشتراوس يوجد نقاد غير قليلين، وفي اقوالهم يوجد غير قليل من الحق. فالمراقب المنصرف بالفعل احب النشر، وزج بانفه النقدي الى أماكن ليس واضحا اذا كان أنف المراقب ينتمي اليها. مفهوم "الرقابة في الزمن الحقيقي" الذي وضعه كان اشكاليا بقدر لا يقل عن الفاعلية القضائية التي نسبت لاهرون باراك. ولكن في صالح ليندنشتراوس يقف شيء واحد، يغطي على كل شيء: فقد فهم بانه في المكان الذي لا يكون فيه ناس ولا يكون فيه مقياس، فان الانسان الذي يتجاوز حجوم منصبه ليس خطاءا بل وليا.

        المشكلة المركزية لاسرائيل ليست طريقة الحكم بل الغياب المطلق للمقاييس الملزمة. الكذب هو عملة التاجر، ودوما سيوجد من يشرحه لمصلحة الدولة، بالظروف التي تغيرت وبان "على الزعماء ان يتخذوا القرارات"، على حد قول شاؤول موفاز. القوانين ليست سوى أدوات تعد على عجل، تستخدم في صالح مصالح عابرة. هكذا سن "قانون موفاز" في بداية الكنيست الحالية من أجل مساعدة نتنياهو على شق كديما، والان جاء نائب انتخب لتوه ويسعى الى تغييره كي يمنع انشقاقا في ذات الحزب، شقا ليس مريحا لرئيس الوزراء في هذه اللحظة. من يسعى الى منح السلطة قوة أكبر ومواقع أكثر يجب أن يتذكر بان ليس لدينا توازنات وكوابح حقيقية. فالبرلمان هو إمعة باصمة. المحكمة العليا، في ظل انعدام الدستور، قوية حقا فقط في عقل معارضيها.

        الى داخل هذا الفراغ اندفع ليندنشتراوس بعصف الأنا الذي كان جديرا بالشجب في كل مكان آخر – اما في اسرائيل فهو ضروري ببساطة. خذوا مثلا اثنين من التقارير اللذين نأمل بان ينشرهما قبل نهاية ولايته: الحريق في الكرمل وقضية هيرباز. في المكان الذي يأخذ فيه الوزراء المسؤولية عن قصور متواصل، يمكن للمراقب أن يكتفي بالتقرير العمومي الذي نشره قبل ثلاث سنوات. في المكان الذي يتصرف فيه رئيس الاركان حسب الفكرة التأسيسية التي تلزمه بحكم منصبه، ما كان لمراقب الدولة أن يتدخل على الاطلاق في بواطن القيادة الامنية. ولكن الوزراء لا يأخذون المسؤولية، وما لدى المراقب ليقوله عن غابي اشكنازي خطير. والاسوأ من ذلك هو أن رئيس الوزراء لا يعتقد بان من مهمته التدخل في شيء من هذا لاصلاحه. ولم يتبقَ سوى مراقب الدولة، شاء أم أبى.

        لا أعرف شبيرا، لا أعرف كيف ينظر الى منصبه. ولكنه لن يعود بوسعه الاكتفاء بتقرير سنوي شامل يوفر عناوين رئيسة معروفة مسبقا وبعد ذلك ينسى في الجارور. المراقب المنصرف وضع نفسه في مركز كل خلاف، تحت بحدة عن المسؤولين، وضع نفسه كحارس البوابة في الاماكن التي لم تكن فيها بوابة بل مجرد ثغرة في الجدار. في كل دولة اخرى كان يمكن لهذا أن يكون مبررا للبحث في تنحيته. في اسرائيل في السنوات السبعة الاخيرة كان هو الشخص الوحيد الذي طالب الحساب ممن لا يجري حسابا لشيء. من هذا التراث لا يمكن لشبيرا أن يهرب، حتى لو كان مزاجه آخر وحتى لو من انتخبه يعتقد انه سيتصرف على نحو آخر.