خبر قط في كيس- يديعوت

الساعة 10:42 ص|15 مايو 2012

قط في كيس- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

ان أكثر اعضاء الكنيست الذين صوتوا أمس تأييدا لانتخاب القاضي يوسف شبيرا مراقبا للدولة لم يعلموا شيئا عن الرجل الذي انتخبوه. وكذلك لم يعلم أكثر الذين صوتوا تأييدا للقاضي اليعيزر ريفلين أو اولئك الذين صوتوا تأييدا للمرشح شلومو كالبرون شيئا عن اللذين انتخبوهما. ان الكنيست اختارت هذه المرة كما في الماضي قطا في كيس.

فضل فريق منهم شبيرا لأنه كان مرشح رئيس الحكومة. وصوت فريق آخر مؤيدا ريفلين للسبب نفسه بالضبط. وصوت اعضاء الكنيست العرب تأييدا لشبيرا لأنه تسللت الى آذانهم اشاعة ان شبيرا حينما كان قاضيا عسكريا خفف عقوبات متهمين فلسطينيين. وصوت آخرون لريفلين احتراما للمحكمة العليا التي ريفلين نائب رئيسها.

في هذا الانتخاب في ظاهر الامر عيب. يجوز لنا ان نتوقع من اعضاء الكنيست ان يدرسوا دراسة أساسية آراء ومزاج وصورة عمل الشخص الذي يتولى هذا المنصب المهم، وأن يدعوه للمساءلة وان يقلبوا كل حجر في التحقيق معه. وبعد ان تنتهي التحقيقات ينتخب اعضاء الائتلاف مرشحا يريح الخَلْق ولا يعمل عملا صعبا جدا وينتخب اعضاء المعارضة مرشحا نشيطا يكشف عن خطايا الحكومة واخفاقاتها.

وليس الامر كذلك في الواقع الاسرائيلي. فأولا ليس اعضاء الكنيست مبنيين للتحقيقات؛ وثانيا يميلون الى تغيير أماكنهم بالقوة: فهم في يوم في المعارضة يدعون الله ان يرسل اليهم مراقبا حازما؛ ويصبحون في الغد في الحكومة يسألون الله ان يرسل مراقبا ليّنا. وليسوا فقط لا يعلمون الكثير عن المراقب بل يعلمون أقل من ذلك ايضا عن أنفسهم.

ان ولاية ميخا لندنشتراوس التي امتدت سبع سنين هي مثال على هذا الامر. فقد كان اعضاء الكنيست من كديما على يقين من انه واحد منهم. وبعد ذلك عندما بدأ طوفان تحقيقات مع اهود اولمرت ندموا على اختيارهم، وآنذاك حينما اضطروا الى الجلاء الى المعارضة تطلعوا اليه من جديد. وخاب أملهم كثيرا حينما لم يفعل بنتنياهو ما فعله باولمرت. يؤيد القاضي شبيرا ديوان نتنياهو. وكان هذا كافيا لأن يلصق به صورة مراقب منحاز، ليست عنده بواعث نقدية وهو متعاون مع الحكومة. وهذا ما يتوقعونه من شبيرا ايضا في الائتلاف. ان التوقعات والريب ستصحب شبيرا عند توليه منصبه. وهذه الحال تولد احيانا مفاجآت، فالمراقب الذي يعتبر قطا غافيا يتبين بعد ذلك انه نمر مفترس؛ والقاضي الذي اختفى طوال حياته تحت المواعين يتبين انه حيوان وسائل اتصال.

ان مكتب مراقب الدولة أصبح على مر السنين امبراطورية ضخمة تبلغ أذرعها الى كل زاوية من رئيس الحكومة الى أصغر المنظمات. وقويت قوة المكتب في فترة ولاية لندنشتراوس وزاد التأييد العام له،  والخوف من تقاريره عند الوزراء والموظفين كبر ليبلغ مبلغ الذعر. وكلما فقد الجمهور ثقته بالجهاز الحكومي قوى تأييده للمراقب، وكلما كشف المراقب عن اختلالات أضعف الثقة العامة بالحكومة، وهكذا ضعفت الحكومة وقوي المراقب الى ان أصبح حكومة بديلة.

ينتخب اعضاء الكنيست المراقب لكن الاعلام هو الذي يقويه، وهو سوبرمان معه. وهو من غيره ملحاح تصدر عنه أوراق لا يقرأها أحد الى نهايتها. وقد فهم لندنشتراوس الاعلام أكثر من كل أسلافه في المنصب. فاذا أراد شبيرا ان يترك أثرا فسيضطر الى ان يتبنى جزءا من الطريقة وجزءا من الميراث على الأقل.

نشأت في الاثناء مشكلة حقيقية في لجنة رقابة الدولة في الكنيست. فمن بين اعضاء اللجنة الـ 11 بعد انضمام كديما الى الحكومة لا يوجد إلا واحد هو عضو في المعارضة. وهو أوري اريئيل من الاتحاد الوطني. ويعمل اريئيل احيانا ممثلا للحكومة. ولما كانت رئاسة اللجنة هي للمعارضة بحسب القانون فان اريئيل هو المرشح الفوري لتولي الرئاسة. ومعنى ذلك في واقع الامر هو القضاء على واحد من اسلحة المعارضة الاخيرة في الكنيست. ان هذه ديمقراطية كالتي في سوريا.