خبر الربيع وصل الى الاردن؟ -هآرتس

الساعة 10:42 ص|14 مايو 2012

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: السؤال المقلق الان في المملكة هو الى أي مدى يقصد الملك بجدية توزيع قوته ومنح مزيد من القوة للبرلمان والسماح بنشاط سياسي حقيقي، وبالاساس، تغيير وجه اقتصاد المملكة. اذا ما حاكمنا الامور حسب سنوات حكمه الـ 13، فان احتمال ذلك ليس كبيرا – المصدر).

 

"فايز فايز باي باي، إذهب مع عون الى لاهاي"، "لا فايز ولا غيره – بس الشعب يقرر مصيره"، هذه الشعارات التي اطلقها اكثر من الف شخص شاركوا يوم الجمعة في المظاهرة في الاردن، كانت موجهة ظاهرا الى رئيس الوزراء حديث العهد فايز الطراونة، الذي حل محل عون الخصاونة في منصبه (الذي كان قاضي المحكمة الدولية في لاهاي). ولكن الهدف الحقيقي لاصوات الاحتجاج كان مكتب الملك عبدالله.

ظاهرا، الثورة العربية قفزت عن الاردن. فلم تشهد المملكة مظاهرات كبرى ضد نظام الحكم أو ضد الملك. ومع أنه انطلقت احيانا هتافات ضد الملكة رانيا او ضد الفساد  العميق في المملكة ولكن "سيدنا" بقي حتى الان جافا مثل حكام باقي الممالك في الشرق الاوسط.

قد يكون الملك جافا، ولكن الدولة تعتمل. يوم السبت صرح رئيس اتحاد شركات الصناعة الصغيرة والمتوسطة، فتحي الجربير، بانه اذا رفعت الحكومة سعر الكهرباء، فاننا سنغلق مصانعنا ونسلم المفاتيح للحكومة. وحسب المعطيات التي عرضها، فان اكثر من 60 في المائة من العاملين في الاردن في القطاع الخاص يعملون في مصانع صغيرة ومتوسطة، يصل فيها بند النفقات على الكهرباء الى نحو 30 في المائة من مداخيلها.

في نفس اليوم عقدت امام قصر الملك مظاهرة هادئة لـ 300 ضرير ومرافقيهم، طالبوا تحسين ظروفهم والحرص لهم على أماكن عمل. اما الحكومة على طريقتها، فوعدت بالبحث في طلبهم، ولكن لولا تدخل قوات الامن، التي فرقت المتظاهرين الذين سعوا الى الدخول الى البلاط الملكي، لكان هذا الاضراب استمر لعدة ايام اخرى. مظاهرات العمال في المحافظات هي موضوع شبه دائم، مثل اضراب عمال مصانع التبغ، ممن يطالبون برفع اجورهم بما يتناسب مع التضخم المالي (الذي يبلغ نحو 6 في المائة في السنة)، أو عمال ادارة محافظة البتراء ممن يطالبون بتحسين شروط عملهم.

ومع أن هذه اضرابات صغيرة، محلية، لا تعرض للخطر استقرار النظام، على الاقل ليس في هذه المرحلة، ولكن اضرابات "صغيرة" تطورت الى اضرابات كبرى اشارت ايضا الى بداية الثورة في مصر قبل سبع سنوات. والان، عندما تكون أجواء اعصيان هي جزء من الواقع القائم في الاردن ايضا، فمن شأن هذه الاضرابات ان تصبح كرة ثلج. تعيين رؤساء وزراء جدد – الطراونة هو العاشر منذ تتويج عبدالله في العام 1999 – استخدم بشكل عام كعلاج لتهدئة الخواطر.

كما أن تعبير "حكومة تكنوقراط" هو جزء من القاموس الذي تبناه الملك عبدالله، كي يظهر نيته الجدية في احداث اصلاحات على الاقتصاد وعلى النظام. ولكن بالذات تعبير الاصلاحات اصبح رديفا لعجز الملك. ومع ان البنك الدولي يثني في تقريره الاخير على الاعمال التي تتخذها الحكومة الاردنية، الا انه يطالبها بتطبيق اصلاحات حقيقية، وبالاساس التقليص العميق للدعم الحكومي للوقود والكهرباء، والذي يكلف صندوق الدولة نحو 2 مليار دولار. مشكوك أن يستجيب الملك المحب للاصلاحات لهذا الطلب الذي من شأنه أن يرفع الاسعار وان يخرج الى الشوارع الاف المتظاهرين. وفي السنة الماضية أيضا حاول الملك تقليص الدعم الحكومي ولكنه سرعان ما تراجع عن ذلك ولا سيما في ضوء الخوف من انتقال الثورة العربية الى نطاق المملكة.

قاموس "الاصلاحات"، "التكنوقراطيين"، "الشفافية" كف عن الاقناع، ولا سيما حركات المعارضة والكتلة الاسلامية والاخوان المسلمين ممن يطالبون الان بصوت آخذ بالتصاعد بتغييرات جوهرية ليس فقط في الحكومة، بل في نظام الحكم.

"عصبة الفاسدين سيطرت على سياقات اتخاذ القرارات وهي تملك الاحتكار على مقدرات الدولة، ثروتها ومؤسساتها الوطنية وكلما كان خلاف فانه يحسم في صالح اجهزة الامن"، جاء في بيان لحركة الاخوان المسلمين الاردنيين. وهذا هو البيان الاكثر حدة الذي اطلقه الاخوان حتى الان. وهم يتهمون بشكل محدد "القرار السياسي والاقتصادي في صالح الدول الامبريالية، الامر الذي دهور الدولة الى العجز، الاهمال والمذلة". "القرار" هو بالطبع قرار الملك.

قرار الملك تغيير قانون الانتخابات بشكل يسمح بانتخاب الاحزاب على اساس سياسي وليس فقط شخصي، يبدو الان كعلاج غير كاف لشكاوى المعارضة. كما أن تعيين لجنة رقابة على الانتخابات، برئاسة عبد الاله الخطيب، وزير الخارجية الاردنية السابق، يبعث التخوف من "رقابة ملكية" على الانتخابات، من شأنها ان تغير نتائجها. قانون الانتخابات، الذي لم يقر بعد، والذي اعتبره حتى الاخوان المسلمون "خطوة الى الامام"، ولكن صغيرة ومتأخرة، لانه لا يتضمن مثلا اعادة توزيع المحافظات الانتخابية، بحيث يمنع الانتصار المضمون لممثلي العشائر البدوية المؤيدة للملك. وبالاساس، ليس واضحا في هذه الاثناء متى ستجرى الانتخابات. صحيح أن الملك يريد تقديم موعدها، ولكن المعارضة تطلب بداية تغيير مشروع قانون الانتخابات.

السؤال المقلق الان هو الى أي مدى يقصد الملك بجدية توزيع قوته ومنح مزيد من القوة للبرلمان والسماح بنشاط سياسي حقيقي، وبالاساس، تغيير وجه اقتصاد المملكة. اذا ما حاكمنا الامور حسب سنوات حكمه الـ 13، فان احتمال ذلك ليس كبيرا.