خبر جابوتنسكي مات مرتين- يديعوت

الساعة 10:00 ص|10 مايو 2012

جابوتنسكي مات مرتين- يديعوت

بقلم: ايتان هابر

بعد نحو من شهرين في نهاية تموز سيجتمع مئات من البيكاريين احتفاءا بذكرى زئيف جابوتنسكي. وقليلون هم الزعماء في التاريخ الحديث الذين يُحتفى بذكراهم بعد 72 سنة وكأنهم ماتوا أمس. وجابوتنسكي من هذه الجهة لا شبيه به ايضا في محاولة ورثة كثيرين على مر الأجيال استعمال اسمه ونظريته وكأنه لم تحدث تغييرات في العالم في المائة سنة الاخيرة.

يُقسم كل واحد في "المعسكر الوطني" باسم جابوتنسكي وكأنه الواحد الوحيد الذي ينفذ وصايا رئيس البيتار. لكن من الواضح اليوم ان جابوتنسكي دان مريدور ليس هو جابوتنسكي موشيه فايغلين، وقد ابتعد الليكود حتى في أيام بيغن وشمير، وفي أيام نتنياهو بيقين، عن جابوتنسكي وفكره وأصبح جميلا للخطب فقط.

لو كنا في حاجة الى ان نُلخص سني عمل نتنياهو قُبيل انتخابات قريبة لن تكون لأمكن ان نقول ان الليكود الذي يستعمل اسم جابوتنسكي صبح مساء، يرفع اسمه عبثا في الحقيقة. فلم ينفذ أي شيء تقريبا مما اعتقده وقاله الراعي الروحي لـ "الحركة القومية" التي يحب متحدثوها الاقتباس من كلامه كثيرا. واسوأ من ذلك ان ورثته في الجيل الثالث أو الرابع برهنوا بكلامهم وأفعالهم على أن نظرية هذا الرجل لم تعد ذات صلة بأيامنا. ومن هذه الجهة يمكن ان نُزيل صور جابوتنسكي الكبيرة عن الجدران في متسودات زئيف والاكتفاء بمتحف لذكراه. وباختصار، كان جابوتنسكي الذي حلم بأرض اسرائيل مع ضفتي الاردن، "ارض اسرائيل الكاملة"، سيُفزعه ان يرى وارثيه بيغن وشارون، وهما الحاكمان الاسرائيليان الوحيدان اللذان أخليا وهدما مناطق من البلاد، منطقة يميت وغوش قطيف. وان الحلم بجبال موآب وأدوم وبـ "يسار الاردن" يبدو اليوم هذيانا.

كانت عقيدة جابوتنسكي الاجتماعية الرئيسة مؤلفة من هذه الاشياء الخمسة: الغذاء والعلاج والسكن والتعليم واللباس، أي حياة رفاه الانسان. وبرغم الفخر الكبير الذي يصدر عن نتنياهو ورفاقه الوزراء لا توجد أي بشرى كبيرة في الوضع الاقتصادي الاجتماعي في اسرائيل. فقد زادت الفروق الاجتماعية وزاد العجز الوطني وزادت البطالة. وصحيح ان الوضع أفضل منه في اوروبا اليوم، لكن جميع الخبراء يزعمون ويُحذرون من انه مؤقت فقط.

ان النظرية الوحيدة التي أمر بها جابوتنسكي وتثبت لامتحان الزمن هي "السور الحديدي". وخلاصتها ان علينا ان ننشيء حاجزا كهذا بيننا وبين اولئك الذين يطمحون الى القضاء علينا بحيث ييأسون من جهدهم ومحاولتهم القضاء علينا فيتوصلون الى اتفاقات سلام. وقد سار مناحيم بيغن على هدي هذه النظرية وهو الذي جاء بالسلام مع مصر في نهاية الامر، وكذلك اسحق رابين بالسلام مع الاردنيين ومحاولة السلام مع الفلسطينيين. وقد تبينت صدوع في السور الحديدي لجابوتنسكي في المدة الاخيرة في الحقيقة لكنه ما يزال ثابتا صلبا على حاله.

توجد وصية اخرى من نظرية جابوتنسكي وهي "الجلالة"، أي ذلك السلوك الحسن المطلوب منا في جميع مجالات الحياة. ولست أعرف ولو واحدا من قدماء الحركة القومية يزعم النجاح في هذه الوصية لأن العكس هو الصحيح: فمن مشجعي بيتار القدس الى اعضاء مركز الليكود أصبحت الجلالة البيتارية فكاهة تثير السخرية.

كانت المشاهد هذا الاسبوع من مؤتمر الليكود برهانا ساطعا على ان فايغلين هو الليكود في هذه المرحلة على الأقل، لا نتنياهو ورجاله. وقد أصبح فايغلين والموالون له على يقين بأن الأمر الالهي بوراثة ارض اسرائيل سيكون الى جانبهم وقت الضيق. وهم لم يكونوا في الحكم قط. ويدرك نتنياهو ومريدور بل بني بيغن وآخرون ممن جربوا الحكم من قبل ان أحلام جابوتنسكي ستبقى في منطقة الأحلام فقط.

ان فايغلين هو الليكود الذي كان، ويجب على نتنياهو ورفاقه ان يكونوا الليكود الذي سيكون، فهل سيكونون؟.

توفي جابوتنسكي في نيويورك في التاسع والعشرين من تموز 1940. وقد مات آنذاك، لكن يبدو أنه دُفن نهائيا في مؤتمر الليكود يوم الاحد الاخير في تل ابيب.