خبر نفاق منتقدي موفاز- هآرتس

الساعة 09:54 ص|10 مايو 2012

نفاق منتقدي موفاز- هآرتس

بقلم: أري شبيط

        (المضمون: لا يختلف تحول موفاز عما كان يعلنه في الماضي عن تحول زعماء كبار ماضين في اسرائيل مثل بيغن ورابين وشارون، فلماذا يتم التنديد بموفاز؟ - المصدر).

        في سبعينيات القرن الماضي وعد مناحيم بيغن الجمهور بأنه لن يتخلى عن صحراء سيناء، بل سيقيم بيته فيها. وبعد ان أصبح رئيس الحكومة بنصف سنة تخلى عن صحراء سيناء. وفي صيف 1992 صعد اسحق رابين الى هضبة الجولان ووعد سكانها بأنه لن ينسحب أبدا من هضبة الجولان. وبعد ذلك بسنة عرض رابين على رئيس سوريا الاسد الانسحاب من هضبة الجولان كلها. وقال اريئيل شارون عشية انتخابات 2003 ان نتساريم مثل تل ابيب. وبعد ذلك بسنتين أخرب شارون نتساريم حتى الأساس. وفي خريف 2005 نافس شمعون بيرس في رئاسة العمل وهو يعبر عن ولاء مطلق لحزبه، وبعد ثلاثة اسابيع فقط اجتاز بيرس الخطوط وانضم الى كديما وأفضى الى انهيار الحزب الذي كان عضوا فيه طول حياته وأقسم على الولاء له.

        ان كل واحد من هذه الاعمال الاربعة من نكث الوعد وهدم المبدأ استُقبل بالهتاف. ولم يكن الهتاف أمرا عرضيا. فقد كان حلم المركز – اليسار الاسرائيلي طوال عشرات السنين هو حلم ديغول. وكان الشوق الى زعيم عنيف يخون مبادئه ويخون ناخبيه وينفذ عقيدة خصومه. ولهذا ففي كل مرة وُجد رجل من اليمين أو رجل عسكري حقق الفانتازيا الديغولية – حُمل على الأكف.

        حينما نكث بيغن القومي وعده أصبح عظيما، وحينما نكث رابين الصقر وعده أصبح بطل السلام. وحينما نكث شارون المؤمن بالقوة وعده أصبح شيئا نفيسا. بل حينما نكث بيرس المكروه وعده أصبح حبيب الجمهور وحظي بمجد متأخر. فكل فعل كان فيه نكث وعد أو هدم مبدأ خدم السلام أو اليسار أو الموضة، أصبح يُرى في اسرائيل فعل بطولة جليلا. وبرغم ان هذه الافعال كانت غير مستقيمة وغير ديمقراطية، فانها جعلت منفذيها يحظون بمكانة سامية لساسة بلغوا العظمة.

        نكث شاؤول موفاز وعده، لكنه لم يهدم مبدأً. وكانت سياسته المبدئية معروفة منذ زمن طويل وهي انشاء حكومة وحدة صهيونية مركزية تُعيد الى اسرائيل عقلها. ولا تختلف هذه السياسة المبدئية عن سياسة شيلي يحيموفيتش أو يئير لبيد. وعرف كل محلل في اسرائيل ان كديما والعمل والرجل ودستوره ايضا برغم الكلام الحماسي عشية الانتخابات، أرادوا الانضمام الى بنيامين نتنياهو بعد الانتخابات. وأمل الجنرال والاشتراكية الديمقراطية والرجل الموهوب ان يُخلصوا نتنياهو من بين أنياب المستوطنين والحريديين وأن يأتوا به الى المركز.

        وهكذا فان كل ما فعله رئيس الاركان السابق هذا الاسبوع هو ان سبق نجمي القناة الثانية. فبدل ان تجلس يحيموفيتش ولبيد قرب مائدة الحكومة في ايلول، جلس موفاز قرب مائدة الحكومة في أيار. ولم تكن هنا أية خيانة للقيم ولا أي بيع للمباديء. واضطر موفاز الى ابتلاع بضع كلمات لا حاجة اليها قالها في المدة الاخيرة، لكنه ظل أكثر ولاءا لنفسه من بيغن ورابين وشارون وبيرس. ان الذي يمدح بطولة متحولي الماضي ويندد بمن غير التكتيك في الحاضر، مصاب بالنفاق في أحسن الحالات ومصاب بالعنصرية في اسوأها.

        ان المسألة هي مسألة مستقبل. فالديمقراطية الاسرائيلية مريضة لأنها لا تمثل الأكثرية ولا تحمي الأقلية ولا تُمكّن الحكومة من ان تحكم. ولا يمكن صنع سلام هكذا أو دخول حرب أو إحداث تغيير اجتماعي – اقتصادي عميق، ولهذا فان ما فعله نتنياهو وموفاز هذا الاسبوع مهم جدا. فقد أحدثا فرصة لم يكن لها مثيل ولن يكون لها مثيل لتغيير طريقة الحكم. واذا لم يستغل هذان الاثنان الفرصة الذهبية فكلاهما ملعون. لكن اذا جعل نائب رئيس الحكومة رئيس الحكومة يُقوم طريقة الحكم فذلك أمر رائع.

        لن يُطهر موفاز نفسه بالكلام التافه بل بالافعال العظيمة. فاذا نجح فقط في ان ينشيء هنا نظاما ديمقراطيا جديدا يؤدي عمله فسيحظى هذا الرجل المندد به في الدولة مرة اخرى بالثقة والموالاة. ومن ذا يعلم فربما ينجح حتى في ان يمحو زبد الكراهية عن شفاه المنافقين والعنصريين.