خبر كل شيء من اجل الوطن- يديعوت

الساعة 08:47 ص|09 مايو 2012

كل شيء من اجل الوطن- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

لم تكن ها هنا لعبة ولا عملية سرية ولا مؤامرة محكمة ولا احتيال لامع ولا احتيال عفن. فما الذي كان هنا؟ كان لقاء مصالح بين سياسيين كل واحد منهما ومشكلته.

قبل سني جيل، في فترة العُسر، نشرت في زوايا التوسط من اجل الزواج اعلانات صيغتها "شاب ذو وعاء من الصفيح معني بشابة ذات نفط". فقد كانت الحاجات أساسية. وكان الحب من الكماليات وشيئا يمكن الحديث عنه لكن عدم الايمان به في الحقيقة.

لموفاز عدد كبير من اعضاء الكنيست لكن لا يوجد ناخبون. ولنتنياهو عدد كبير من الناخبين – بحسب استطلاعات الرأي على الأقل – لكنه رأى كيف أخذ حزبه وائتلافه يُفلتان من يديه، فوعاء صفيح الاول وجد نفط الثاني.

يقول نتنياهو ان هذا التدبير تم فوق نار هادئة مدة ايام الى ان نضج؛ وجاءت المبادرة كما يزعم موالوه من موفاز. ويزعم موفاز ان التدبير تم بدفعة واحدة في لقاءات أجراها يوم الاثنين مع نتنياهو وان المبادرة جاءت من نتنياهو. وكل واحد يشيع كالمتوقع الرواية المريحة لجمهوره. ويقوي سلوك الاثنين في الاسبوع الاخير رواية موفاز، فقد لعب الاثنان وظهراهما الى السلة ولم يُحمسهما الخيار، فقد علما نقائصه. وافترضا أنه غير واقعي فلم يتحدثا عنه ولهذا لم يتسرب الى الاعلام.

ان الصحفيين الذين يشعرون بالاحباط لأنهم لم يعرفوا بالتفاوض مسبقا يجب ألا يندبوا اخفاقهم. فالى يوم الاثنين بعد الظهر لم يوجد تفاوض في الحقيقة بل كان حديث عن شبكة أمن من كديما في الخارج اذا أجازت الحكومة البديل عن قانون طال، وهو حديث انتهى الى لا شيء، فلم يكن ما يُبلغ الى الاعلام.

ان عدم ثقة موفاز بنتنياهو وبالاتفاق القريب صاحبه طوال يوم الاثنين كله. وفي الخامسة بعد الظهر صعد الى منبر الكنيست ليخطب باسم المعارضة في "يوم هرتسل". وهاجم في خطبته حكومة نتنياهو لمسها بسلطة القانون والاستسلام للابتزاز والسجود لأرباب المال والاخفاقات في التربية واستمرار الاحتلال والجمود السياسي. ولا يتحدث هذا الحديث شخص يؤمن أنه سيتوصل الى اتفاق في غضون بضع ساعات وبخاصة في خطبة لتكريم ثيودور هرتسل.

مضى موفاز الى معركة انتخابية حكمت عليه وعلى حزبه بموت سياسي. وتأجيل الانتخابات يُتيح له فرصة لينعش نفسه فيمنحه تأجيل سنة ونصف لتنفيذ الحكم. فهذا ما يفعله المحكوم عليه بالموت وهو ان يطلبوا التأجيل. والذي يعيب عليهم ذلك يستحق هو نفسه ان يُعاب عليه.

واجه نتنياهو في الايام الاخيرة حادثتين بينتا له ان حزبه ينفصل عنه. ففي يوم الاحد صعد الى منبر مؤتمر الليكود فيما كان يفترض ان يكون حفل الافتتاح الاحتفالي لانتخابات 2012. وأدهشه تمرد أقطاب المؤتمر. وأدهشه ايضا عدد معتمري القبعات الدينية وسيطرتهم على المحيط. وفي يوم الاثنين قُبيل المساء قضت محكمة العدل العليا بأنه يجب اخلاء جفعات الأولبانه في بيت إيل. وعلم نتنياهو ان قرار محكمة العدل العليا يُدخله في فخ: فالوزراء الذين يعلمون أنهم اذا أيدوا الاخلاء فسيخسرون مقاعدهم في الكنيست، لن يدعوه ينفذ أمر المحكمة. وحل الكنيست سيمنعه من المضي في اقتراح قانون خاص. وهكذا سيكون واجبا عليه ان يُجيز قانونا يلتف على قرار محكمة العدل العليا يُبعد عنه ناخبين من المركز ويجلب عليه مشكلات في العالم.

ان عددا من زملائه متأكدون ان هذه كانت اللحظة التي بدأ فيها النظر بجدية للمحادثات بين نتان ايشل وليئور حوريف التي كانت الى تلك اللحظة تعتبر في نظره تضييع وقت.

ان الامور عند نتنياهو كما هي عند نتنياهو (وعند باراك): فعدو الصباح يمكن ان يصبح حبيب الليل وبالعكس – ولا عذاب في الحب. قلت أمس لموفاز انه طوال المؤتمر الصحفي المشترك بين الاثنين حرص نتنياهو على ان يدعوه "شاؤول"، بصورة فيها من التحبب ما فيها. وقلت انه قد اعتاد حتى الصباح ان يذكرك باسم عائلتك فقط.

وابتسم موفاز، الذي كان قد اعتاد حتى أمس ان يدعو نتنياهو "بيبي". وحرص أمس على ان يدعوه "رئيس الحكومة". وقد نُصب منبرا خطابة للاثنين في قاعة "نيغف" في الكنيست. وحينما تحدث موفاز حرص نتنياهو على ان يهز رأسه طول الوقت كأنما يصادق على كلامه. وحينما تحدث نتنياهو قرّب موفاز رأسه منه كالمصغي.

ان موفاز يأسف لأنه لقب نتنياهو "كاذبا". لا لأنه أهان شريك المستقبل بل لأنه لم يدرك ان هذا اللقب سيعود اليه كالعصا المرتدة. وهو يؤمن ان هذا كان عمله إذ كان رئيس المعارضة، ويجوز له الآن وقد اختلف عمله ان يُخلف العمل القديم وراءه. واذا أجاز البديل عن قانون طال فان هذا التعوج سيُغفر له.

ان تدبير أمس لم يزد الاثنين والجهاز السياسي بعامة تكريما. فلم يظهر فساد الشريكين الجديدين فحسب بل فساد رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش التي طلبت في مقابلة في القناة الثانية يوم السبت الانضمام الى الحكومة وأخذت تعظ موفاز الآن. ومثلهم اعضاء الكنيست الذين عيروا أذواقهم بين عشية وضحاها. فقد أخذ الجمهور ينظر الى الساسة جميعا على أنهم لا يهتمون إلا بأنفسهم وهذا التصور عنهم قريب من الواقع في هذه الحال.

لا توجد كرامة في التدبير، لكن فيه قوة. ومن المؤكد أن الأكثرية من الجمهور ممن لم يفهموا لماذا يسوقونهم الى انتخابات لا حاجة اليها، فرحون لأنهم سمعوا بأنه لا حاجة الى انتخابات. وسيُفرحهم ايضا قبول صيغة مصالحة ما تحل محل قانون طال. وقد بدا نتنياهو في صورة رجل المبادرة في يديه وأنه ذو تصميم، وهذا التصور عنه نافع له.

ان الاضرار بالديمقراطية الاسرائيلية هو انه لن يكون للحكومة منذ الآن معارضة برلمانية. فمن بين اعضاء المعارضة الـ 26 أُلحق 4 منهم هم من ناس الاتحاد الوطني بالحكومة بالفعل، ورئيسة حزب العمل مقربة منها. وهذا يُبقي ميرتس والكتل العربية. وهؤلاء لم يستطيعوا ان ينتخبوا أمس من بينهم رئيسا للمعارضة، فالخصومة والحسد كبيران بقدر كبير. وسيتركون المنصب ليحيموفيتش المرشحة الطبيعية لحكومة نتنياهو القادمة.

فمن الذي بقي لينتقد عمل الحكومة؟ مراقب الدولة وصحفيان ونصف ونشرتا أخبار في التلفاز وعدد من متقاعدي اجهزة الاستخبارات، وهذا غير كاف. فلا تندبوا اذا اخلاقية نتنياهو أو صدق موفاز، بل اندبوا الديمقراطية.