خبر ايران؟ لا في هذه السنة- هآرتس

الساعة 08:46 ص|09 مايو 2012

ايران؟ لا في هذه السنة- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: اسرائيل ستواجه أصعب معضلاتها التي تجعلها مترددة بين عدم مهاجمة ايران التي تعتبرها تهديدا وجوديا ومهاجمتها وتصبح بذلك عدو العالم وبخاصة اوروبا الراغبة في الاستقرار الاقتصادي - المصدر).

        نحن منذ سنة ننتظر الصيف الايراني، ونعد الشهور والايام الى "الأجل المسمى"، ونبلبل أنفسنا بسؤال هل نهاجم أم لا نهاجم، ونحن على يقين أننا بعد ثلاثة اشهر ونصف في الانتخابات التي أُهديت إلينا، سنستطيع ان نقرر أتكون حرب أم لا تكون. لكن حدث فجأة سحب للبساط من تحت أقدامنا بقوة، وبدل حكومة مترددة تتلوى بين عدم الاتفاقات وتريد استشارة الناخب، أخذت تتقدم نحونا آلة ضغط ضخمة تزن 94 نائب كنيست. وهي آلة تهددنا حتى أكثر من التهديد الايراني. ويبدو من حسن حظنا ان الصفقة التجارية التي باعنا إياها شاؤول موفاز وبنيامين نتنياهو نافذة الفعل حتى بالنسبة لايران. فالساسة الراغبون في الحياة لا يخرجون للحروب.

        صدرت الاشارة الاولى حينما أومأ وزير الدفاع اهود باراك قبل بضعة اسابيع الى ان الهجوم الاسرائيلي يجب ان يأخذ في حسبانه موعد الانتخابات في الولايات المتحدة وهو ما يؤجل القرار الى تشرين الثاني. وجاءت بعد ذلك ايماءات اخرى. فقد عرّف حتى الايرانيون المؤتمر الذري الذي عقد في اسطنبول بأنه "خطوة مهمة الى الأمام". وتحمس ممثلو الدول الست التي تحاور في مسألة تخصيب اليورانيوم ومنها الولايات المتحدة، للتوجه الايراني المرن واسقاط الشروط المسبقة التي كانت دائما عقبة أمام كل حوار مع ايران، وللاستعداد الايراني للتباحث في مقدار تخصيب اليورانيوم حتى انها وافقت فورا على اجراء جولة اخرى من المحادثات هذا الشهر في بغداد، وبادر وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي الى الوعد بأنه "اذا كنا قد خطونا في اسطنبول خطوة واحدة الى الأمام فاننا سنخطو في بغداد خطوات كثيرة الى الأمام". صحيح من السابق لأوانه ان نحبس أنفاسنا، لكن هذا الكلام من ايران لم يُسمع منذ زمن بعيد.

        وجاءت الآن ايضا نتائج الانتخابات في فرنسا واليونان التي تُستقبل بمشاعر مختلطة في ايران، فمن جهة تعارض سياسة فرانسوا هولاند تدخلا عسكريا في ايران وإن كان قد عاد فصرح بأنه يعارض ان تملك ايران سلاحا ذريا فبخلاف نيكولا ساركوزي المحافظ حليف المحافظة الامريكية بأسلوب جورج بوش الزعيم الذي حث على الهجوم على ليبيا، يؤمن هولاند بعلاقات هادئة بين الاتحاد الاوروبي وايران. وبين مستشاريه السياسيين عدد من الاشخاص من أصل ايراني، وهو على العموم يعارض سياسة ساركوزي العنيفة التي تشاركه فيها ايضا مستشارة المانيا انجيلا ميركل، وانتخاب هولاند قد يكون علامة على بدء الانقسام في سياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية نحو ايران.

        وفي المقابل سببت الانتخابات في فرنسا وفي اليونان خسارة اقتصادية عظيمة لايران، فقد انخفض سعر النفط هذا الاسبوع بثلاثة دولارات الى أدنى مستوى له منذ كانون الاول، وهو الشهر الذي هددت فيه ايران باغلاق مضيق هرمز. والازمة في اليونان مع تنبؤات العمل في الولايات المتحدة قد تقلص سعر النفط أكثر وتضعف بذلك أمل ايران في ان تُعدل تقليص مبيعاتها بسبب العقوبات عليها بأرباح حسنة بفضل سعر النفط المرتفع.

        في منظومة الأدوات المؤتلفة التي يجري النفط فيها يكون السيء لايران حسنا لاوروبا، وسعر النفط المنخفض هو بشرى الخير الوحيدة التي يمكن ان ترتقبها اليونان ومعها الاتحاد الاوروبي كله في الصراع المتوقع لاحتواء الازمة الاقتصادية في اوروبا. وهكذا في حين من المؤكد ان ايران كانت تريد ان تستمر اسرائيل في زعزعة المنظومة الاقليمية والتهديد بحرب ترفع سعر النفط، فان آخر شيء تريده الآن أعصاب اوروبا المتعبة هو اعلان اسرائيلي بتحديد موعد الهجوم على ايران.

        اذا كانت الذرة الايرانية تهديدا وجوديا لاسرائيل فان سعر النفط هو تهديد استراتيجي لاستقرار اوروبا التي تتوقع من اوباما ان يهديء حليفته لأنه ليس الحديث هنا عن امور تافهة كالمسيرة السياسية أو وقف البناء في المستوطنات. ان استقرار العالم، أي البورصات فيه، معلق الآن بما ستقوله ايران وبما ستفعله اسرائيل. وهرم التقديرات هذا هو الذي سيجعل اسرائيل تواجه أصعب المعضلات وهي: هل ينبغي لها ألا تهاجم ايران وألا تقضي على جزء من التهديد الوجودي الذي يتجادل مسؤولوها الكبار في حقيقة صدقه أم تهاجم وتصبح هي نفسها عدوة العالم. وستضطر الى ان تؤجل القرار الى الصيف القادم. لكن اذا تقرر التأجيل أربما لا يوجد تهديد وجودي عاجل حقا، أوَربما يكون هذا تضليلا فقط؟.