خبر ليس مهنيا- معاريف

الساعة 09:51 ص|07 مايو 2012

بقلم: عاموس جلبوع

(المضمون: منصب رئيس المخابرات "الشاباك" حساس وفريد من نوعه، ولهذا يجب أن تسود ثقة كاملة بينه وبين رئيس الوزراء المسؤول عنه والا فعليه أن يستقيل - المصدر).

        موضوع المقال هو المنصب المميز لرئيس جهاز الامن "الشاباك"، ولكن في البداية ملاحظتين قصيرتين. الاولى هي أنه بالذات في مجال الامن القومي لدولة اسرائيل عندي ثقة بوزير الدفاع باراك وذلك انطلاقا من معرفة عديدة السنين، بعض الفهم للموضوع، وحقيقة أنه يوجد القليلون الذين يقاسون به في هذا المجال في الساحة السياسية. والثانية هي رأيي بانه في القول ان وزير الدفاع ورئيس الوزراء على حد سواء هما غنيان تحركهما دوافع مسيحانية، ليس له أي صلة بمنصب رئيس جهاز الامن، بعلمه أو بصلاحياته. وملاحظة جانبية، يكاد لا يكون شيء من اقوال ديسكن، رئيس جهاز الامن حتى ما قبل نحو سنة، كان في مجاله المهني.

        مهنة رئيس جهاز الامن مميزة. في دولة اسرائيل توجد ثلاثة أجهزة استخبارات اساسية، كل واحد منها توجد له مسؤوليات في مجال معين مع بعض التداخل. شعبة الاستخبارات العسكرية المسؤولة عن التقويم الاستخباري القومي والاستخبارات اللازمة لتصميم سياسة دولة اسرائيل، استراتيجيتها، بناء قوة الجيش الاسرائيلي، خططه العملياتية المختلفة والامن الجاري؛ الموساد المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية من خارج حدود اسرائيل، العلاقات مع أجهزة الاستخبارات الاجنبية، العمليات الخاصة والنووي الايراني؛ جهاز الامن العام "الشاباك" – المخابرات المسؤول اساسا عن مكافحة الارهاب، احباط أعمال الارهاب، حماية المؤسسات والشخصيات الاسرائيلية.

        رئيس الشاباك ورئيس الموساد، خلافا لرئيس "امان" – شعبة الاستخبارات العسكرية، يتبعان مباشرة رئيس الوزراء. اضافة الى ذلك، فان العلاقة بين رئيس الوزراء ورئيس الشاباك هي علاقة حساسة، رقيقة وفريدة من نوعها. والسبب في ذلك هو أنه عندما يعين رئيس الوزراء رئيس الشاباك فانه يسلمه عمليا المفتاح لبيوت كل المواطنين في دولة اسرائيل.

        اضافة الى وظائفه التي احصيناها، فان للشاباك مجال مسؤولية آخر شديد القوة: فهو مسؤول عن الامن الداخلي، عن كل جملة الاسرار في دولة اسرائيل. هو الذي يحسم مصائر المواطنين. هو مكبوح الجماح من خلال "قانون الشاباك" ولكن هذا لا ينقص من صلاحياته. رئيس "امان" يتحدث مع رئيس الوزراء عن النووي الايراني، ولكنه أبدا لن يتحدث معه عن أمور تتعلق بمواطني الدولة. وذات الشيء بالنسبة لرئيس الموساد.

        فضلا عن ذلك، فان قوة رئيس الشاباك ازدادت أكثر فأكثر بعد اتفاقات اوسلو، فقد أصبح هو من يخرج ومن يدخل حيال أجهزة الامن الفلسطينية، حيال شخصيات فلسطينية، شريك سر في الاتصالات الحميمة لرئيس الوزراء مع الفلسطينيين. ومن هنا فان كل منظومة العلاقات بين رئيس الوزراء ورئيس الشاباك يجب أن تقوم على أساس الثقة المطلقة لرئيس الوزراء برئيس الشاباك؛ وهو ملزم بان يكون واثقا ومعتمدا على قدرته على اجراء المحادثات على المستوى الاكثر حميمية، وان يعرف بالتأكيد بان الاخير يمسك لسانه. رأيي هو أن وظيفة رئيس الشاباك هي مثابة وظيفة ثقة. وعليه عندما يتم اختيار رئيس وزراء  جديد، يجب على رئيس الشاباك ان يرفع استقالته. اذا اراده رئيس الوزراء الجديد – يعينه. أما اذا كان لا فيعين أحدا بدلا منه.

        وبضع كلمات عما يسمى وظيفة عمومية "civil servant". قرأت الرأي الذي يقول انه عندما أنهى الموظف وظيفته العمومية، فانه مواطن ككل المواطنين ويمكنه أن يقول علنا للجمهور كل ما يحلو له. كل "حقيقته الداخلية". رأيي مختلف تماما. الوظيفة العمومية تبقى هكذا حتى بعد أن ينهي الموظف ويتوجه الى أعماله الخاصة أو مزرعته أو ليلعب مع أحفاده. هذه ميزتها. هذا هو موضوع ثقافة اساسية. لا يمكن لاي وظيفة عمومية وبالتأكيد في المراتب الاعلى أن تكون اذا كانت القيادة المنتخبة تعرف بانها لا يمكنها أن تعطي الثقة بموظفيها، لانه في لحظة اعتزاله سيشرع في حملة هجوم وتشهير وتخويف ضده.