خبر وآنئذ تشوش كل شيء -يديعوت

الساعة 09:50 ص|07 مايو 2012

بقلم: ناحوم برنياع

كان يفترض ان يكون ذاك احتفال نصر، فقد كان نشيد الانتخابات يُنشد في الخلفية، وكانت صور جابوتنسكي ومناحيم بيغن يصاحبها السواد والبياض من الجدار والجمهور وهو 3.705 من اعضاء المؤتمر يهتف بصوت واحد "بيبي، بيبي"، وصعد الزعيم العظيم الى المنصة رشيقا متقبلا باستسلام حب الشعب.

وآنئذ تشوش كل شيء. وكان أول ما تشوش القاعة التي استؤجرت فلم تكد تكفي لـ 500. وحُشر اعضاء المؤتمر الذين جاؤوا لتشريف أنفسهم بمكانتهم فوق الشعب مثل سمك السردين. وذكّرت رائحة العرق بالرائحة التي مرت على تل ابيب في الاسبوع الماضي مع فرق واحد هو ان هذه الرائحة رفضت ان تزول.

كان القصد الى استعمال اعضاء المؤتمر على أنهم عينات احصاء في عرض يقف الزعيم في مركزه وان يُعين للمناصب كلها فيحملوه على راحات أيديهم. وظن نتنياهو ان هذا التكريم من حقه ونسي أنه لا يستحقه وحده فلزملائه في قيادة الليكود تعظيم لـ الأنا ومثله عند اعضاء المؤتمر من العامة. فهم على استعداد ليمنحوه الكثير من التكريم والكثير من القوة لكن لا القوة كلها ولا التكريم كله، فهم يريدون ان يُبقوا شيئا لهم. وحاول نتنياهو ان يأخذ فوق الحاجة فتم منعه. وهم يسمون هذا الهيبرس أي نقمة الصلف.

ذكّر واحد من وزراء الليكود بأن هذا التعويق يقع لنتنياهو للمرة الثانية. وكانت تجربة مشابهة له في 1997 في بداية ولايته الاولى. فآنذاك قام عوزي لنداو على صندوق وصرخ قائلا يسرقون الحركة منا. وقد أدى هذا الدور أمس من غير الصندوق، ميخائيل ايتان. وقد ذكّر كل واحد نتنياهو بدوره بأنه ليس بيبي وحده هو الذي يستطيع بل الليكود وحده يستطيع، فرؤساء الوزارة يأتون ويذهبون والحزب باقٍ الى الأبد.

لم يكن ذلك تمردا ولا انتفاضة ايضا. بل كان رسالة صغيرة فقط رُكلت من أسفل الى أعلى. والصراع الحقيقي هو على مجال مداورة نتنياهو في تحديد قائمة مرشحي الليكود للكنيست. فقد كان يريد ان يضم الى القائمة ناسا يخصونه إن لم يكن اهود باراك منهم فربما آخرون. ويعلم الوزراء ان كل نجم يأتي من الخارج سيطمع بالحقائب الوزارية المهمة في الحكومة القادمة، وهم غير متحمسين لاخلاء أماكنهم.

في المعركة الانتخابية التي تبدأ الآن يفترض الجميع مسبقا مهما تكن النتائج ان حزبا واحدا يستطيع ان يشكل الحكومة القادمة. وقد وُجد مثل هذا الوضع آخر مرة في 1973 فقط، فقد حل الليكود محل حزب العمل لا حزبا حاكما فقط بل حزبا حاكما وحيدا. وتتمنى جميع الاحزاب اليهودية ما عدا ميرتس ان تخدم تحت سلطة الليكود وتحت سلطة نتنياهو، ولا يبدو أي مرشح آخر على أنه بديل.

هذا انجاز عظيم لنتنياهو وشهادة صعبة على فقر قادة الاحزاب الاخرى. وكما تبدو الامور الآن فانه يستطيع اذا أراد ان يصبغ حكومته القادمة باللون الوردي مع يحيموفيتش التي تتوسل للدخول، ومع موفاز ولبيد، أو باللون الاصفر مع ليبرمان والحريديين، أو بالاصفر الوردي مع الجميع. ولا حزب من هذه الاحزاب مستعد لأن يخدم الشعب في المعارضة ولا واحد منها مستعد للنضال عن عقيدته.

"ما هو مفتاح استمرار الاستقرار"، سأل نتنياهو أمس في خطبته وأجاب: "انه ليكود قوي كبير".

وهو لا يؤمن بهذا حقا. فقد برهنت التجربة على أن كبر الحزب الحاكم ليس ضمانا لاستمرار الحكومة، فهو يفضي احيانا الى ضعفها. وسيكون اعضاء الكنيست الجدد الذين سينتخبون في الليكود أقل طاعة وأقل ولاءا لرئيس الحكومة من شركائه في الائتلاف. وسيحدون من مجال حيلته.

ان نظرة أمس الى القاعة عززت هذا الشعور، فالقاعة تبدو كأنها مركز مفدال أكثر من كونها مركز ليكود، فقد هيمنت عليها القبعات المنسوجة والسوداء. وكان لليكود دائما مركز أكثر حيوية وأكثر غليانا وأكثر روعة في رأيي من الاحزاب الاخرى. وقد تنحى الحُسن القديم والتنوع البشري مُخليا مكانه للتقوى. وكما قال لي أمس أحد الاصدقاء فانه يصوت لواحد فقط هو الله جل جلاله.

يُمثل دان مريدور وروبي ريفلين وميكي ايتان في هذه المؤسسة الليبرالية القديمة التي آمن بها جابوتنسكي وأفرد بيغن الخطب لها. لكنه لا ورثة لهم، فالجيل القادم من الساسة في الليكود مصنوع من مواد مختلفة قومية ودينية.

"كلنا يهود"، عزى أمس أحد اعضاء المركز القدماء نفسه، فقلت له "والدروز ايضا" فقال "هذا مؤكد، والدروز ايضا".