خبر « عتاب ولوم » و« سرائر تسكن فوقها عزائم » ..لقطات من وسط غزة

الساعة 10:23 ص|05 مايو 2012

غزة

المكان مكتظ ..وزحمة الناس تكاد تصبح خلفية مشهد دائم التكرار..حرارة الشمس تشعل الجو كما تشعل لهيب التضامن من قبل ذوي الأسرى ...فالكثير منهم يأتي ويذهب والبعض يلتقط الصور .. وآخرين يقتنصون فرصة للحديث في جو لا يشعر به الا من عاش الموقف ,و ذاق مرارته .

مراسلة فلسطين اليوم" وعند دخولها للساحة الأمامية للجندي المجهول بغزة في خيمة اعتصام الأسرى روت صورا لعديد منهم ومن ذويهم حيث وجدت لكل واحدٍ منهم قصة وحكاية تحمل في طياتها عناوين أسئلة كيف ولماذا هم يفعلون ذلك..!!؟

أمهات وزوجات يحتضن صور أسراهن وينتظرن في المكان لعلهن يجدن من يخبرهن خبرا أو ليطمئنهن عن سلامة أبناءهم وأخبارهم  في ظل الإضراب.

زوجة الأسير جابر الحسنات تحدث وتكاد تنفطر من ثقل الكلام الذي يخرج من فمها وعينها ترى أبنائها وتتذكر يوم اعتقال زوجها بحسرة وتتألم لذكر ذلك الموقف .

وقالت أم ضياء لي ستة أولاد أكبرهم 18 عام يدرس الثانوية العامة ومنذ  اعتقال أبيه تغير الوضع في منزلي فلم اعد اعرف منزل من هذا وكيف سيعيش هؤلاء الأطفال حيث ساءت حالتهم  وتراجع مستواهم الدراسي ؛فأبني الكبير لم يعد يدرس ودائما يتذكر والده ويسرح كثيرا عند ذكره, وابني الأصغر لم يعرف والده فعمره صغير لم يتجاوز الست سنوات والأسوأ من ذلك يقومون بمنادة عمهم" ببابا".

قالت تلك الكلمة وأشعرت الجميع بوخزة قاتلة للموقف فسكت لسانها عن الكلام كأن الحروف اختنقت بحلقها وصمتت لبرهة ... وعادت متحدثة بعد نظرات إلى صورة زوجها توفيت أمه بعد سنة من اعتقاله في نفس اليوم الذي اعتقل فيه ولم يكن الخبر بالهين عليه أو علينا ولكن لم يكن بيدنا سوى إبلاغه .

معركتي مستمرة  ما دام ابني يقاتل فيها.

وفي حكاية تحمل صورة وعنوان قصة جديدة الحاجة أم إبراهيم بارود في الستين من عمرها مضربة عن الطعام منذ أربعة أيام مع 13 أم وزوجة أسير ؛ فالسرير الذي تجلس عليه أم إبراهيم ليس بقوة وصلابة عزيمتها وإرادتها فكلامها كان كسهام من الثبات ، عجز القلم عن كتابتها ولكن الأذن أبت إلا أن تسمع المزيد "ابني أسير منذ 27 عاما ولم أزره منذ ست سنوات وهو مضرب عن الطعام مع الأسرى وسيواصل إضرابه ،ابني صابر بصبر إخوته في المعركة ومستمرون"

أم إبراهيم كغيرها من أمهات الأسرى  يجتمعن في الخيمة يوجهن اللوم والعتاب على المسئولين المقصرين بحقهم وحق أبنائهم ،فأم إبراهيم  بارود وأم رامي سالم لم يتركن عتابا ولا لوما إلا وذكرنه , فالغضب كان صيحة تعلو فوق أي صوت آخر والنظرات الحادة  تلمع كالسهام في عينيهم ,فآم رامي لامت الإعلام لتقصيره ولامت المسؤولين بعدم الاهتمام ولامت بعض أهالي الأسرى لقلة تفاعلهم وعدم خوض البعض الإضراب المفتوح ,خاصة أمهات الاسرى رافضات أي حجة قد تقدم لهن من أي شخص فالواجب بنظرهن الالتزام بنصرة أبنائهن حتى الموت ورغم الجوع والعطش ورغم المرض والطعن في السن , مطالبات من كل أم أسير التوجه للخيمة والمشاركة في الاضطراب لدفع الاسرى ودعمهم في معركتهم مشددات على مواصلة الإضراب لحين فك اسر أبنائهن .

لماذا التقصير؟

وتعالت أصوات أمهات وزوجات الاسرى أمام الكاميرات باتهام صريح بالتقصير بحق القضية بالقول "لا تأتون إلا عند قدوم مسئول وتتركونا بعد التقاط صور وتذهبون وكأننا شي عابر "

ولم يصمت الصوت حتى اقر البعض بالتقصير , مؤكدات عدم تعاطي وسائل الإعلام مع قضية الإضراب والاعتصام كتعاطيهم عند قدوم مسؤول إلي الخيمة حيث "تقوم الدنيا ولا تقعد لذلك" على حد قولهن.

وعادت الساحة تكبر وتكبر وتمتلئ أكثر حتى تختفي أقدامك بين المتضامنين من الشباب والأطفال القادمين من رياض الأطفال والعديد من المدارس المشاركة بفعاليات التضامن ,مشهد تشعر بأنك في انتفاضة حقيقة.

الكل ينادي من اجلهم ومن اجل نصرتهم فالعيون الشابة التي تحمل مشاعل الإرادة بات لها وجود واضح في التضامن واتخاذ اجراءت لنصرتهم فمنهم من قدم بشخصه ومنهم بمجموعات والبعض حمل رايا ت وشعارات وصور للأسرى وتعلو حناجرهم بالهتافات "معركتنا معركة كرامة ومعركتنا معركة حياة"

وتتواصل الهتافات حتى تعلو وتمتزج بالصرخات ونداء الأمهات بالدعاء  وتبقى الساحة في الجندي المجهول ساحة معروفة المعالم رغم كثرة الملامح وتزاحمها وصورة تتكرر حتى تطبع في الذاكرة قصة انتفاضة ترى بعيون أصحابها بأنها قادمة  والقرار قيد الصدور.