خبر يوجد من يُحادَث -يديعوت

الساعة 08:39 ص|03 مايو 2012

يوجد من يُحادَث -يديعوت

بقلم: دوف فايسغلاس

ألقى يوفال ديسكن الذي ربما يكون أبرز الخبراء بمجال علاقات اسرائيل بالسلطة الفلسطينية، على حكومة اسرائيل جُل المسؤولية عن القطيعة المطلقة بين الطرفين. فهو يرى ان الحكومة ورئيسها يفضلان الاستقرار الائتلافي على الحاجة الضرورية الى الدفع الى الأمام بتسوية سياسية مع السلطة. ويرد متحدثون من قبل الحكومة على هذه الانتقادات الشديدة على لسان ديسكن وألسنة آخرين ببيان انه "لا يوجد شريك" ويقول عدد منهم ان أبو مازن "لا يريد السلام" ويدعي عدد آخر انه "غير قادر" على الاتيان بسلام بسبب "ضعفه".

اسمحوا لي اذا ان أذكر عددا من الحقائق في شأن الشريك "غير الموجود".

في 25/5/2003 استقر رأي حكومة اسرائيل على الموافقة على خريطة الطريق. واستقر رأي حكومة اسرائيل لأول مرة على انه مع الوفاء بالشروط التي في خريطة الطريق ستنشأ دولة فلسطينية مستقلة الى جانب دولة اسرائيل. وأُعد لأن تُجرى مناسبة "الانطلاق الى الأمام" بالقرار التاريخي في مدينة العقبة في الاردن بمشاركة الرئيس بوش والملك عبد الله ورئيس الحكومة الفلسطيني أبو مازن ورئيس حكومة اسرائيل شارون. وقد حُدد نظام حديث هؤلاء الاشخاص بحيث تُسمع خطبة أبو مازن بعد كلام شارون.

أردنا جدا ان نعلم ماذا سيقول: هل سيُسمعنا الكلام الوخاز المعتاد المندد باسرائيل أم كلام مصالحة وسلام بهدي من المناسبة. وأردنا ان يصاغ كلام شارون ردا على الخطبة الفلسطينية التي ستُسمع بعده. فتوجهت الى أحد مساعديه واهتممت بمضمون الخطبة فقال: "سأُرسل اليك بالفاكس الصيغة الكاملة والنهائية"، وتُرجمت الخطبة الفلسطينية وعُرضت لينظر فيها شارون.

افتتحت الخطبة بكلام مهذب وبشكر للمضيفين وللضيوف. وورد فيها بعد ذلك من جملة ما ورد (الترجمة بتصرف): "لن يكون لهذا الصراع حل عسكري. ولهذا نكرر قولنا ان الارهاب للاسرائيليين سيتوقف في كل مكان يوجدون فيه. فهذه الطرق لا تناسب تراثنا الديني والاخلاقي وهي عائق خطير لاحراز الدولة المستقلة التي نصبو اليها. ولا تناسب هذه الطرق ايضا صورة الدولة التي نريد بناءها والتي ستقوم على حقوق الانسان وسلطة القانون. سنستعمل جهودنا كلها ونستعمل جميع الموارد لوقف الانتفاضة العسكرية وسننجح... ان هدفنا واضح وسنحققه بتصميم وبلا هوادة وهو الانهاء التام للعنف والارهاب... وسنعمل بصرامة على مواجهة التحريض والعنف والكراهية".

كانت تلك الايام هي بدء شهر حزيران من 2003؛ وكانت الانتفاضة هائجة والعداء والتحريض في ذروتهما. وسألني شارون هل أنا على يقين من ان هذه هي خطبة أبو مازن المتوقعة. وقال يصعب ان نصدق ان يتجرأ زعيم فلسطيني في هذه الايام الصعبة على مواجهة ملايين المشاهدين والمستمعين عنده في الداخل وفي العالم العربي ويقول كلاما كهذا. فما يسميه الفلسطينيون "كفاحا مسلحا" يسميه هو "اعمال ارهاب غير اخلاقية"، وهو يلتزم بوقف الانتفاضة العسكرية على الاسرائيليين جميعا من المدنيين والجنود والمستوطنين. فقلت له: "هذا ما وُعدنا به وربما خدعونا".

لكنهم في الحقيقة لم يخدعونا. فعلى شاطيء البحر الاحمر أمام عدسات التصوير وقف أبو مازن وقال كل ذلك كلمة كلمة. ولا حاجة الى الاكثار في مبلغ الشجاعة العامة التي احتاجها زعيم فلسطيني في تلك الايام ليقول كلاما شديد الوقع كهذا لشعبه الغاضب.

وفى أبو مازن مع رئيس الحكومة فياض الى الآن بصورة كاملة تقريبا بـ "التزامات العقبة": فلا تكاد توجد اعمال ارهاب خرجت من المناطق التي تخضع لسيطرتهما. فاذا لم يكونا شريكا فلست أعلم من هو "الشريك حقا". وديسكن يعرف هذه الامور جيدا، فلا عجب من انه انفجر.