خبر في الحرب الثقافية الجيش الاسرائيلي خسر منذ الآن.. هآرتس

الساعة 12:17 م|02 مايو 2012

 

 

(المضمون: تقرير مراقب الدولة يظهر أن منظمات دينية ومحافل يمينية تستولي على مكان سلاح التعليم في الجيش - المصدر).

الاسطورة حول كفاءة مراقب الدولة، ميخا لندنشتراوس في ان يكون خبيرا في استخدام وسائل الاعلام، تغذي نفسها. المسائل التي يدرسها التقرير الدوري للمراقب يتم اختيارها قبل نحو سنة حتى سنتين مسبقا. كما ان موعد النشر نفسه يتقرر قبل بضعة اسابيع. ومع ذلك، لا ريب أن للمراقب حسا دراماتيكيا. وها هو، في توقيت كامل، حين يُطرح (عدم) تجنيد الاصوليين بأنه السبب الأساس لتقديم موعد الانتخابات، يكرس لندنشتراوس فصلا في التقرير، لفحص خدمة الاصوليين الذين تجندوا منذ الآن للجيش.

نقطة انطلاق الرقابة تختلف عن تلك التي دار حولها الخلاف الجماهيري. فمكتب المراقب يفحص شكل استيعاب الاصوليين في الجيش الاسرائيلي ويتوصل الى الاستنتاج بأن الجيش ملزم بأن يؤطر عملية الاعتناء بهم. فطالما يدور الحديث عن اجراء طوعي، موضعي، كان يمكن الادعاء ان الامر الأساس تحقق. من المهم تجنيد الاصوليين، قدر الامكان. أما تفاصيل تفاصيل الترتيبات فأقل أهمية. ولكن في السنتين الاخيرتين، حتى قبل ان ترفض محكمة العدل العليا قانون طال، جند الجيش بالمتوسط أكثر من ألف اصولي في السنة، ليس فقط لكتيبة الناحل الاصولية بل ولمسارات في المهن التكنولوجية. وقد نجحت التجربة. الآن، يعتقد المراقب بأن على الجيش الاسرائيلي بأن يتحرر من أمراض الطفولة. فيودع المشروع في أيدي أمينة ويحرص على الترتيب الكامل للخدمة – وهذا يتضمن، ضمن امور اخرى، الايفاء بالالتزامات التي قطعها للمتجندين الاصوليين.

معركة سيطرة متواصلة

فصل هام في التقرير هذه السنة يعنى بالحروب الثقافية في الجيش الاسرائيلي، في معركة السيطرة المتواصلة التي يديرها سلاح التعليم والحاخامية العسكرية في مسألة من يحدد للجنود ما هي الهوية الاسرائيلية والهوية اليهودية. المراقب، بلغته الأديبة، يتبنى معظم استنتاجات تحقيقات "هآرتس" في قضية قبل ثلاث واربع سنوات. التقرير يصف وضعا من الفوضى: منظومتان متنافستان تكافحان في سبيل أرواح المقاتلين، دون ان تحسم القيادة العليا بينهما . في مجال التعليم يوجد فراغ تخشى هيئة الاركان العامة من ملئه وتستغل الحاخامية العسكرية جيدا. فرسان الحاخامية – مصممون، مفعمون بالدافعية ومزودون بالمقدرات الفائضة عن منافسيهم – ينتصرون في هذه المعارك المرة تلو الاخرى على خصومهم المرضوضين والتعبين من سلاح التعليم.

قائمة الهيئات التي تقدم خدمات تعليمية للجيش الاسرائيلي، والتي ينشرها المراقب، مشوقة: يوجد فيها مكان بارز لمنظمات دينية ليست بالضبط في قلب التيار المركزي الاسرائيلي (مركز "أسنت" في صفد والذي يعنى بـ "تجربة التنجيم") ولهيئات يمينية (جمعية العاد في القدس). ويعترف سلاح التعليم بانه لا ينجح في مراقبة برامج السبوت التعليمية التي تجريها هذه الهيئات للوحدات العسكرية. كما يكرس ليندنشتراوس مكانا واسعا لتحذيرات ضابط التعليم الرئيس في الجيش الاسرائيلي ورئيس شعبة القوى البشرية في هيئة الاركان من مغبة تحطيم الوضع الراهن في الشؤون الدينية في الجيش الاسرائيلي ومن التأثير المتصاعد للحاخامين، لدرجة "المس بنموذج جيش الشعب". المراقب الذي لا يبدي الرأي في مسألة أي هيئة عسكرية يجب أن تتصدر الانشغال في تعليم الجنود، يدعو رئيس الاركان الى أن يحدد تعليمات واضحة في هذا المجال، ويقول انه بسبب اهميته فان هذا موضوعا يجدر بوزير الدفاع عن يجيب عليه.

ولكن، من تعرض لاساس الانتقاد في التقرير هذه السنة، هي وزارة الدفاع، ولا سيما بسبب جانبين في نشاطها: صفقات تصدير الصناعات الامنية الى الخارج وقضية التزود بمنظومات تحصين للمركبة المدرعة ضد الصواريخ المضادة للدبابات.

ويجد المراقب قاسما مشتركا في القرارات التي اتخذتها الوزارة، ولا سيما المدير العام اللواء احتياط اودي شني. الشكاوى ضد شني حادة. فالمدير العام يوصف كمن أخذ لذاته تفويضا أوسع مما يسمح له في واقع الامر عمل خلافا للادارة السليمة بل وللقانون. لندنشتراوس لا يشتبه بالمدير العام بمخالفات لطهارة المقاييس او التحيز في صالح شركة ما بل يتهمه بتقصير فظ للاجراءات. فحتى لو كانت مصلحة الدولة تقف خلف قرارات المدير العام (شني يعمل، على حد طريقته، بنية توسيع التصدير الامني الاسرائيلي، الذي يدخل الى الدولة مالا كثيرا)، فليس لهذا أي مبرر في نظر المراقب.

في نهاية المطاف، لا يدور الحديث هنا عن اخضاع القواعد من أجل حاجة عملياتية عاجلة، بل عن المال. هذه الخطوات، حسب فهم المراقب، تمت بعلم واضح من قيادة الوزارة، والتي رغم ذلك واصلت التحرك الى الامام متجاهلة الادارة السليمة. وهكذا فان الوزارة تتجاهل واجب التشاور الذي ينطبق عليها مع وزارة الخارجية قبل ابرام بعض الصفقات في خارج البلاد وتفرض على الصناعات الامتناع عن المنافسة بينها في دول مختلفة، خلافا لقواعد العطاءات.

وزير الدفاع، ايهود باراك، لا يتلقى هذه المرة انتقادا في التقرير، ولكن يخيل أنه يمكن ان نجد هنا خطوطا مشابهة لقضية التبذير في سفريات الوزير الى الصالون الجوي في 2009. ومثلما في الحالة اياها، باراك لا يحرص على الدخول الى التفاصيل، ومرؤوسوه يفهمون بان لديهم يدا حرة – وعندها يتم تجاوز قواعد الادارة السليمة. وزارة الدفاع سبق أن تلقت ضربات لا بأس بها وورطت الدولة في جملة من المشاكل بسبب السلوك غير المرتب مثلما في قضية طائرة فالكون للصين (والتي اغضبت الامريكيين وأحدثت أزمة خطيرة بين الدولتين).

رقابة هزيلة وانعدام الشفافية

اخطر من هذه هي قضية التحصين ضد الصواريخ المضادة للدبابات، والتي قطع فيها جهاز الامن التزود بمنظومة "حيتس دوربان" من انتاج الصناعات العسكرية. ويصف المراقب تذبذبا غريبا في القرارات، فحوصات متسرعة وجزئية، رقابة هزيلة وانعدام للشفافية والتوثيق المرتب من جانب هيئات وزارة الدفاع المختلفة.

المدير العام شني، كما يقضي لندنشتراوس خرج ايضا عن صلاحياته حين قرر بان تكون رفائيل المقاول الرئيس لمشروع التحصين. ويبدي المراقب تفهما لاحساس العجالة الذي وجه قيادة وزارة الدفاع في قراراتها، ولكنه يذكر ايضا بان هذه صفقات بالمليارات. وهذه، في نهاية المطاف ليست سوى المشكلة الصغيرة نسبيا. فللقرارات بالتسلح في هذه الحالة كفيلة بان تكون آثار مباشرة ايضا على حياة الناس، بسبب جودة التحصين الذي يحظى به جنود الجيش الاسرائيلي.