خبر لا تستخفوا بالطنطاوي -يديعوت

الساعة 08:35 ص|29 ابريل 2012

لا تستخفوا بالطنطاوي -يديعوت

بقلم: سمدار بيري

لا يستطيع أحد عندنا، وهذا يشمل أكابر العالِمين، ان يفهم ما الذي يُطبخ حقا تحت السطح في مصر. فلينهض فورا من يستطيع ان يعطينا جوابا مقنعا عن سؤال مليون الدولار وهو: من سيكون الرئيس القادم.

ان الأيدي التي تحرك القِدر من وراء الستار بلبلت خبراء الاستخبارات تماما. فمصر الجديدة منذ أُبعد مبارك عن القصر تُحدث الدراما بايقاع قاتل. فالتنحية والمحاكمة، والمخلوع على سرير المرض، والمظاهرات باسم الديمقراطية بازاء بحر من المنقبات، والثقب الاسود في سيناء، وصعود الاسلاميين وانهيار اجهزة الامن والوعود بالحفاظ على اتفاق السلام والتهديد بفتحه، والهجوم على مبنى السفارة وعملية تخليص حراسها، والجريمة الهائجة في الشوارع والاعلام الذي تاه، والمجابهة مع واشنطن، وثلاثة متنافسين أقسموا فوق كل شاشة ألا يرشحوا أنفسهم للرئاسة والغاء ترشيحهم، وازمة اقتصادية مهددة وبطالة، ومستثمرون هربوا، وسياحة تحتضر. ولم نتحدث بعد عن شباب الثورة الذين لُطموا على وجوههم وعن النساء اللاتي تدهورت مكانتهن وعن اطلاق النار في ملعب كرة القدم وعن الفهم الشامل لكون هذا الامر ليس ربيعا عربيا.

أوصي في خضم الاضطراب الكبير بعدم الاستخفاف بالجنرال الطنطاوي، وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري الأعلى. فهو هاديء ومتباعد لكنه يتغلغل الى العمق. ويُصر خبراء في البلاد على أنه يُظهر ضعفا وعلى ان الشارع يُملي على المجلس العسكري اتجاهات الريح، وعلى أنه لا توجد خطة منظمة وعلى ان مصر قد تنهار في انتفاضة ثانية أشد خطرا. لكن الطنطاوي قد نجح الى اليوم منذ كان الانقلاب في ان يحرز بحنكة كبيرة كل الأهداف التي حددها لنفسه.

يُصور رسم كاريكاتوري نشر في نهاية الاسبوع في صحف القاهرة نجوم المنافسة على الرئاسة: وهم علمانيان هما عمرو موسى، وزير الخارجية والامين العام للجامعة العربية سابقا، وأحمد شفيق وهو طيار حربي ووزير الطيران وهو ممن كان يرعاهم مبارك وكاد يُسقَط من الترشيح بسببه. وفي مواجهتهما المرشحان الاسلاميان – محمد مرسي، الأمين العام لحزب "الحرية والعدالة"، والمنفصل عن حركة "الاخوان المسلمين" عبد المنعم أبو الفتوح الذي يحظى بتأييد عالٍ. وفوقهم الطنطاوي بالبزة العسكرية كأنه ريح القدس. من الذي سيفوز؟ الله وحده يعلم، لكن المؤكد ان الطنطاوي لا ينوي التخلي.

بخطوة لم يسبق لها مثيل حشد ضابط رفيع المستوى مؤتمرا صحفيا هو الاول في نوعه للكشف عن الانجازات الاقتصادية لاجهزة الجيش. وتتحدث المعطيات المدهشة من تلقاء نفسها: فقد نجحت آلة الجيش المزيتة في ان تنتج بالهام من الطنطاوي، شبكة تزويد مستقلة من مصانع غذائية ومنسوجات وتربية ورفاه وصحة وأرباحا مالية لا يمكن تجاهلها.

ما معنى هذا؟ ان الطنطاوي لا يفتح فقط باب امبراطورية اقتصادية ضخمة بل يوميء قائلا: لا تحاولوا تجريبنا ولا تحلموا بابعادنا وأن تفكروا في أنكم تستطيعون تسوية أموركم من غيرنا. فانه يمكن الغاء اتفاق الغاز وربما يمكن ترتيب الامور في عوز من غير المساعدة الامريكية، لكن لا يمكن محو مكانة الجيش.

ان الحملة الدعائية الرئاسية ستنطلق غدا في طريقها وستمتليء الشوارع بملصقات تحمل صور المرشحين الـ 13، وستحترق شاشات التلفاز من وهج الوعود. وسيكون ذلك مفرحا لكنه سيؤلمنا ايضا، فهنا وهناك سيغرقون المصوتين بكراهية اسرائيل وبالتهديد بتجميد السلام لأن الوعود من هذا القبيل تصغي اليها الآذان إصغاءا حسنا.

عند الطنطاوي واعضاء المجلس العسكري برنامج عمل مملوء حتى الاول من تموز، فعليهم الاهتمام بصوغ الدستور الذي يقتطع من سلطات الرئيس، وان يُبعدوا المتظاهرين عن الميدان ويُعيدوا انشاء الشرطة، ويُهدئوا جأش البدو في سيناء بميزانيات تطوير تبلغ ملايين كثيرة، ويواجهوا الحكم على مبارك في الشهر القادم (لأنه يتوقع هياج للجماهير مهما تكن العقوبة)، وأن يُدبروا الامور لمصلحة ذاك الذي سيجلس على مقعد الرئيس.

في خضم علامات السؤال أُخمن ان يكون الرئيس القادم واحدا من المرشحين الذين قد تم احراز اتفاق خفي عليه بين المجلس العسكري الأعلى ورؤساء المعسكر الاسلامي.