خبر ألاعيب أرض- يديعوت

الساعة 09:25 ص|27 ابريل 2012

ترجمة خاصة

ألاعيب أرض- يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: أصبحت حكومة اسرائيل منذ زمن شريكة كبيرة في الدوس على سلطة القانون في المناطق المحتلة وأصبح المستوطنون كما هي عادتهم يستهينون بقرارات محكمة العدل العليا وقرارات الحكومة - المصدر).

حينما هاجت النفوس، وصارت تصريحات عدد من وزراء الثمانية أكثرفأكثر تطرفا لم يستطع دان مريدور ضبط نفسه، وحينما حان دوره ليتكلم أرسل شعاع نور الى سُحب الحماسة الوطنية التي تلبدت حوله وأوضح للجالسين في الغرفة وعلى رأسهم رئيس الوزراء أنه يوجد هنا صدام مع سلطة القانون. بل انه عرّف الوضع الذي دُفعت اليه الحكومة بأنه واحدة من أصعب ساعات تطبيق القانون في اسرائيل لا أقل من ذلك.

اجتمعت الثمانية يوم الاثنين مساءا لتتباحث في مستقبل حي الاولبانه في بيت ايل الذي بُني على ما يسمى في محكمة العدل العليا "جبل عرطيس". وقد قُدم التوجه الى محكمة العدل العليا بدعوى ان البيوت بنيت على ارض فلسطينية خاصة في 2008. وفي الاول من أيار 2011 التزمت الدولة بأن تُطبق أوامر هدم عشرة مبان في غضون سنة – أي الى يوم الثلاثاء القريب.

واعتمادا على هذا الالتزام أمرت محكمة العدل العليا بمحو الاستئناف، ومع كل ذلك استقر رأي الثمانية على طلب التأجيل ثلاثة اشهر اخرى.

طوبى لمن يُصدق. ان الوزراء قد اعترفوا بقرارهم في واقع الامر بأنهم احتالوا على القضاة بصورة سافرة. فقبل سنة أقنعوا المحكمة بأن الامر سيعالج وانه يمكن اسقاط الاستئناف وهم الآن يوضحون لها أنهم لم يقصدوا الى ذلك في الحقيقة.

كان للمستوطنين اربع سنين ليعالجوا القضية، وأُعطيت الحكومة سنة كاملة لكن لم يحدث أي شيء. وفجأة في آخر لحظة توجه المستوطنون الى المحكمة كي تفحص مرة اخرى قانونية شراء جزء من الاراضي ولم يفعلوا هذا هم وحدهم، فقد أظهرت الحكومة فجأة الابداع وأصبحت قرارات محكمة العدل العليا في أحسن الحالات بدء تفاوض. وقد جعلت حكومة اسرائيل نفسها شريكة كبيرة في الدوس على سلطة القانون.

لا عجب ان كثيرين من خبراء القانون – في مكاتب الحكومة المختلطة، وفي الادارة المدنية وفي النيابة العامة العسكرية وفي وزارة الدفاع ومن ضمن ذلك المستشار القانوني للحكومي – يسيرون في خجل. فهم يدركون جيدا لماذا يشاركون في إبداء الآراء الاستشارية "المختصة" التي يضطرون الى كتابتها. وهم يعلمون جيدا ان الاستيلاء على ارض خاصة جناية وسلب. وهم يدركون ايضا ان المستوى السياسي غير قادر ببساطة على ان يصمد للضغط "الوطني"، وأنه يشارك على علم باحلال السلب واحراج المحكمة.

وهم يعلمون الى ذلك ايضا ان السالب لا ينوي ان يعيد المسلوب، وان كل الحيل القانونية تأتي فقط لكسب الوقت الى ان يموت السارق أو الكلب.

حينما يكون الحديث عن سكان يهودا والسامرة وغزة يصاب المستوى السياسي بالشلل. وقد شعر الوزراء خشية ان تشوش محكمة العدل العليا عليهم مزاجهم ويُسقطوا عن الحكومة العلامة "الوطنية"، شعروا بأنهم مُجبرون على تعويض المستوطنين، فضغط نتنياهو وتعاون باراك واستقر رأي الثمانية هذا الاسبوع على احلال ثلاث مستوطنات عانى انشاؤها تشويشات قانونية، وهي: سنسانه وبروخين ورحاليم. وهم يسمون هذا "تصوير وضع قائم واصلاحا تقنيا".

هُدمت ونشأت ثم هُدمت ونشأت

يجب كي نفهم أبعاد الظاهرة ان نبدأ بالأعداد الكبيرة. يوجد في يهودا والسامرة اليوم 121 مستوطنة يهودية يسكنها 342.471 انسانا. ويعيش ثلثهم تقريبا في مدينتين حريديتين هما بيتار العليا وموديعين العليا، وهما خارج الخلاف السياسي.

بين سكان يهودا والسامرة كلهم يسكن 7 آلاف فقط بؤرا استيطانية غير قانونية، لكنهم ليسوا المشكلة. فالمشكلة التي تهدد استقرار الحكومة اليوم ومكانة اسرائيل الدولية وسلطة القانون تضيق لتصبح بضع مئات من اليهود يسكنون 200 بيت بُنيت على ارض فلسطينية خاصة. انها 200 بيت في الحاصل العام. في شباط 2011 على أثر تراكم أقضية محكمة العدل العليا استقر رأي الحكومة على اخلاء كل تلك البيوت الـ 200 حتى نهاية 2012. وقد شارك في الجلسة رئيس الوزراء ووزير الدفاع وبوغي يعلون (الذي يدعو اليوم الى اسقاط الحكومة اذا تم تنفيذ القرار)، وبني بيغن والمستشار القانوني للحكومة. وكان ذلك قرارا سخيا، فقد تحدث عن امكانية شراء الاراضي لمنع الاخلاء وعن اخلاء بالموافقة.

لم يعد أحد يتحدث عن اخلاء الثمانين أو التسعين بؤرة استيطانية، والمستوطنات غير القانونية التي تظهر في تقرير تاليا ساسون أو عن تلك المستوطنات الـ 26 التي أُنشئت بعد آذار 2001 والتزمت الحكومة لرئيس الولايات المتحدة أن تخليها.

الحديث كما قلنا آنفا عن الـ 200 مبنى وبعضها كرفانات وبعضها بيوت غير كاملة مفرقة في مستوطنات شتى. وقد رفعت الحكومة يديها منذ زمن وهي تتجاهل المستوطنات غير القانونية التي أُنشئت على اراضي الدولة، لكن في الاماكن التي يُتحدث فيها عن ارض خاصة ورفع فيها المالكون دعاوى قضائية – أصبح يجري نضال مع كل ذلك.

التزمت الدولة اذا ان تنهي الى 30/12/2011 اخلاء 25 مبنى في جفعات آساف و11 مبنى في رمات جلعاد ومبنيين في متسبيه يتسهار وقد هُدمت متسبيه يتسهار ونشأت ثم هُدمت ونشأت وهكذا دواليك. وفي رمات جلعاد توصلوا الى اتفاق فانتقل المستوطنون الى ارض بديلة قرب البؤرة الاستيطانية غير القانونية. أما سكان جفعات آساف فقد حصلوا بحسب طلب من الدولة على تأجيل الى تموز 2012 في هذه الاثناء.

في أيار 2011 التزمت الحكومة في محكمة العدل العليا ان تُتم اخلاء البؤرة الاستيطانية "بني أدام" الى نهاية 2011، وقد أُخليت البؤرة حقا التي كانت تشتمل على خمس كرفانات.

ومن جهة ثانية أمرت محكمة العدل العليا في آب 2011 باخلاء ميغرون بعد ان رُفع فيها في 2006 استئناف بسبب سلب اراض، وكان يفترض ان تخلى البؤرة الاستيطانية في 31/3/2012 ولم يحدث ذلك.

دخلت في هذه النقطة قصة بائسة تسمى مجلس "يشع". فالجميع – الحكومة ووزارة الدفاع والادارة المدنية – يتظاهرون بأن لهم عنوانا. وكأن الاتفاق مع مجلس "يشع" هو بمنزلة قرار يلزم المستوطنين جميعا بيد ان هذا لم يعد صحيحا منذ زمن، وتتلاعب الجهات كلها بمقولة "يُخيل إلي".

ان اسم اللعبة الحقيقي اليوم في الضفة هو "كل وغد ملك". فكل مجلس اقليمي هو مملكة وكل مستوطنة هي حكومة. ومجلس "يشع" في أحسن الحالات هو وحدة اعلام.

أُنشئت ميغرون على علم على ارض فلسطينية خاصة لتكون بؤرة استيطانية ترمي الى حماية هوائي هواتف محمولة. وأصبحت اليوم مستوطنة فيها 50 مبنى ونحو من 250 ساكنا. وقد خصصت الحكومة الحالية للمباحثات في اخلائها من الساعات أكثر مما خصصت لميزانية الامن لمواجهة التهديد الايراني. ففي عيد الفصح فقط أجرى باراك ونتنياهو ثلاث مشاورات وحدهما تتعلق بالمباني غير القانونية.

وأجرى اعضاء اللجنة الوزارية لقضية ميغرون والتي تشمل نتنياهو وباراك ويعلون وبيغن، ووزراء الثمانية ايضا، ما لا يحصى من المباحثات في هذا الشأن. ولم يعد يُتحدث عن عدد الساعات التي أُنفقت في مكتب منسق العمليات في المناطق وفي الادارة المدنية وعند مستشار شؤون الاستيطان وعند المستشار القانوني وفي أمانة سر الحكومة.

تم اهدار آلاف الايام في حين من الواضح للجميع ان المجموعة التي تسكن ميغرون لا تنوي تنفيذ أي اتفاق ولا ذاك الذي أتمته مع مجلس "يشع". وتتحدث الاتفاقات طوال الطريق عن اخلاء بالموافقة. فلا أحد يريد ان يرى يهوديا يضرب يهوديا. لكن كل اتفاق يقع بعيدا وراء جبال الظلام.

على سلسلة الجبال هذه فقط

قبل ثلاث سنين تم الاتفاق بين الحكومة ومجلس "يشع" على ان تطور الدولة على نفقتها منطقة بديلة في أدام مزراح (وهي مستوطنة جماهيرية في المجلس الاقليمي بنيامين) وأن ينتقل سكان ميغرون الى هناك. وبناءا على موافقة خطية من مجلس "يشع" توجه المستشارون القانونيون الى محكمة العدل العليا من اجل تأجيل الحكم بالاخلاء. وقد دفع هذا الالتزام الى الأمام ايضا باجراءات التخطيط في الموقع الجديد.

أوجب قرار محكمة العدل العليا في آب 2011 على السكان الجلاء لكنهم أعلنوا بأنهم لا ينوون الانتقال. هذا الى كون مباني ثابتة اخرى قد بُنيت في اثناء التفاوض مع الوزير بيغن، فهدمها الجيش بالقوة وهو شيء أثار غضبا شديدا من المستوطنين على الجيش.

تلقى بني بيغن تعيينا خاصا لعلاج هذا الشأن وأجرى مع السكان تفاوضا لاشهر كي يوافقوا على الجلاء الى جفعات هيكيف التي تقع على سلسلة الجبال نفسها. والحديث عن منطقة مخصصة للسياحة والتجارة لا للسكن، ومن اجل تغيير الغرض من الارض يجب ليّ القانون وتغيير خطة بناء قطرية وبناء بنية تحتية ومبانٍ ثابتة، وكل ذلك يحتاج الى وقت. أما الحسابات في المقابل فقد أُجريت. ويتبين ان الانتقال من ميغرون غير القانونية الى ميغرون الجديدة سيكلف الدولة 30 مليون شيكل (والحديث كما تذكرون عن 250 شخصا ومنهم اولاد).

كان يمكن ان تُبنى في أدام مزراح فورا مبان ملتصقة بالارض لأن المال قد صُب من قبل على البنية التحتية، لكن ناس ميغرون سائرون في غيّهم.

ان الاصرار على جفعات هيكيف قد أنتج واحدة من الوثائق الأشد إهانة لحكومة اسرائيل. توجهت وزارة الدفاع آنذاك الى محكمة العدل العليا وطلبت تأجيل اخلاء ميغرون اربع سنين اخرى. ولسبب ما وقع على الوثيقة منسق العمليات في المناطق فقط، وينقصها توقيع المستشار القانوني ومستشار شؤون الاستيطان في وزارة الدفاع، كما ينقص ان يضرب المستشار القانوني للحكومة الطاولة بيده. وقد دحرجت القاضية بينيش ممثلي النيابة العامة عن الدرج كله. وأُعطي المستوطنون مهلة الى آب فقط.

جلس ممثلو وزارة الدفاع الى رؤساء مجلس "يشع" وسألوهم: ما هو هذا الشيء الغريب؟ فمستوطنو ميغرون بهذا الاصرار يضرون بأنفسهم. كانوا يستطيعون الجلوس تحت أشجار الكرمة في بيوت ملتصقة بالارض حلال تماما. وأجابهم ناس "يشع": توجد أهمية لأن تبقى المستوطنة على سلسلة الجبال نفسها، فالامر أمر روح معنوية، بيد ان هذه الروح المعنوية تكلف دافع الضرائب ملايين وتسبب ضررا سياسيا والاسوأ أن هذه الروح المعنوية تعني استهانة طويلة بالمحكمة، وقد قيل في هذا ان الشعور الوطني هو آخر ملاذ للوغد.

ليكن واضحا ان بديل جفعات هيكيف عُرض على قيادة "يشع" وعلى الامريكيين قبل ثلاث سنين. ورفض رؤساء "يشع" آنذاك وسكان ميغرون المكان. والآن أصبح مريحا لهم فجأة، من اجل كسب الوقت. لكن لا تقلقوا فهم لن ينتقلوا الى هناك ايضا بموافقتهم. أمهلتهم المحكمة الى آب كي تنتهي السنة الدراسية، لكن هذا لن يحدث. والحكومة ستُهين المحكمة العليا في آب ايضا.

المستشار لا يساعد

في 2010 تم تقديم "قرار محكمة العدل العليا بيت ايل"، الذي يتناول بناء خمسة مبان داخل المستوطنة برغم علم لا لبس فيه بأنها بُنيت على ارض فلسطينية خاصة. وكان الحديث، لمزيد الدقة، في الحقيقة عن هياكل مبانٍ لم ينته بناؤها. وفي نيسان 2011 أبلغت الدولة محكمة العدل العليا ان المباني ستُهدم في غضون سنة – إما على أيدي أصحابها وإما على يد جهاز الامن. وسجلت محكمة العدل العليا هذا الابلاغ أمامها، وما تزال المباني قائمة الى اليوم. ولم تعد منذ زمن هياكل بل أصبحت بيوتا مسكونة.

يتناول قرار قضائي آخر يتعلق بالبناء على ارض خاصة في بيت ايل، يتناول بيوت "الاولبانه"، والحديث هناك عن موقعين في أحدهما كرفانات وفي الثاني مبان ثابتة. ومن الواضح لسكان البيوت الخمسة المختلف فيها، في أحسن الحالات، أنهم يسكنون "ارضا غير منظمة". لكنهم يستمدون طول الوقت من اعضاء كنيست ووزراء يهمسون اليهم قائلين لا تتحركوا ويعدونهم قائلين: سنُشرع شيئا ما، وسنهتم بأن تستطيعوا البقاء.

من الصحيح اليوم أنه يسكن المنطقة المرشحة للهدم نحو من 30 عائلة. واقترحت الدولة ان تنقلهم الى منطقة كانت في الماضي منطقة عسكرية مجاورة مساحتها 20 دونما من اراضي الدولة.

يزعم المستوطنون ان الدولة أجازت انشاء الحي ويجب عليها الآن ان تجد حلا عادلا ومناسبا. لكن المستشار القانوني للحكومة يهودا فينشتاين لا يُسهل الامور على رئيس الحكومة ولا يجد له أي حل قانوني يُمكّنه من احلال الحي.

في يوم الاثنين اجتمعت الثمانية وأوجدت حلا وهو تعيين لجنة من خبراء قانونيين تنظم شيئا ما يُمكّن الجميع من السير مع مع الشعور بغير مع تجاهل محكمة العدل العليا. ويُطلب في الاثناء مهلة لثلاثة اشهر اخرى.

وينتظرهم قريبا قرار محكمة العدل العليا "عمونة" في 2008. فاذا لم يستكمل الى نهاية العام شراء الاراضي التي تقع عليها المباني الخمسون فانه يفترض ان تخليها الدولة. وبحسب طلب محكمة العدل العليا يفترض ان تبلغ الحكومة خلال وقت معقول ان هذا سيحدث حتى نهاية 2012، فما احتمال ان يحدث هذا؟ انه احتمال ضعيف.

ان بيت الماكفيلا الذي أُخلي عشية الفصح ينتمي الى فئة اخرى من الاخلال بالقانون، فقد استقر رأي المستوطنين هناك على الاستهانة بالسلطات استهانة أقوى وعلى ان يدخلوا المبنى حتى من غير ان يحصلوا على الرخص المطلوبة من جهاز الامن. فلشراء ملك في المناطق يجب الحصول من الادارة المدنية على "إذن صفقة" وبعدها على "رخصة صفقة" تُصدق بها قانونيتها، لكن المستوطنين لم يفعلوا لا هذا ولا ذاك، فلا حاجة اليه، أليسوا أسياد البلاد.

والآن بعد ان أُخلي البيت وأُغلق صاروا يعالجون الاوراق. وأصر الجهاز هنا خاصة على ألا يستهين به أحد. ونقول بالمناسبة ان المحكمة رفضت في المدة الاخيرة صفقة مشابهة حاولت اربع عائلات في تل الرميدة إتمامها.