خبر ليس صاحبا- معاريف

الساعة 09:23 ص|27 ابريل 2012

ترجمة خاصة

ليس صاحبا- معاريف

بقلم: سارة ليفوفتش - دار

(المضمون: عمرو موسى المرشح المتصدر للرئاسة المصرية اكتسب شعبيته من موقفه المتصلب تجاه اسرائيل – المصدر).

عمرو موسى وان كان لا يزال لم ينتخب رئيسا لمصر الا ان السياسة المناهضة لاسرائيل المعلنة لديه تحتل منذ الان مكانا محترما في السياسة المصرية. في بداية الاسبوع أعلنت الحكومة المصرية المؤقتة عن الغائها اتفاق الغاز بين اسرائيل ومصر. وهكذا حققت أحد البنود في برنامج موسى السياسي – وهو الذي كان وزير الخارجية المصري والامن العام للجامعة العربية ويعتبر الان المتنافس المتصدر في السباق للرئاسة المصرية – والذي يعنى باعادة النظر لاتفاق الغاز بين الدولتين. "اذا انتخب موسى رئيسا فقد يستخدم ضدنا وسائل لم نرها بعد"، يقول البروفيسور يورام ميتال من جامعة بن غوريون. "من ناحيته، اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر ليس أمرا مقدسا ويمكن ادخال تعديلات فيه كالتواجد الامني في سيناء. وهو كفيل بان يوجه انتقادا حادا ومستمرا لاسرائيل في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، يخفض مستوى العلاقات وينقل مساعدة مدنية لحماس في قطاع غزة، الامر الذي لم نره من قبل".

لموسى، 76 سنة، يوجد تاريخ طويل من الصدامات مع اسرائيل. علاقاته باسرائيل كانت كفاحية جدا لدرجة ان دافيد ليفي وصفه بانه الرامبو المصري. موسى، كما تجدر الاشارة، لم يخفِ ابدا عداءه لاسرائيل. وقد قال ان موظفي وزارة الخارجية الاسرائيلية يعانون من تخلف عقلي ومجنون فقط أو جاهل يؤمن بالسلام مع اسرائيل. وقد اتهم دولة اسرائيل بالعمليات التي قتل فيها اسرائيليون، ادعى بانه لا يمكن الثقة ببنيامين نتنياهو، سخر من شمعون بيرس، ودعا الى مقاطعة ارئيل شارون.

"استخباراتكم ليست ذكية جدا"، قال للصحفيين الاسرائيليين في المؤتمر الاقتصادي في دافوس. ليس هذا فقط. بل ان موسى تساءل بصوت عال لماذا لا ينبغي ان يكون لايران قنبلة ذرية. "لماذا نوقفهم؟"، سأل في مؤتمر في لندن. في أعقاب أحداث اسطول مرمرة قال موسى ان اسرائيل هي السبب في الثقب الاسود في المنطقة وأعلن بان اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر والذي وقع في كامب ديفيد لم يعد ذي صلة في عصرنا، بعد التغييرات التي مرت بها مصر.

وحتى من يميل الى الاتفاق مع موسى على طريقة حل سياسي يتضمن تنازلا عن القدس وعودة الى خطوط 67، يصعب عليه أن يقبل اسلوبه. "صعبة عليه اسرائيل"، يقول يوسي بيلين، الذي يعرف موسى جيدا. "صعب عليه التطبيع الكامل. فهو انسان مرير بطبعه، وبعض من هذه المرارة موجهة لاسرائيل". البروفيسور ايتمار رابينوفتش، الذي عرف موسى عندما كان سفيرا لاسرائيل في الولايات المتحدة، يضيف "بانه أقام معنا حوارا ونقاشا، ولكنه عرف كيف يكون جد حازم وبالتالي ليس لطيفا أيضا".

تاريخ من المواجهات

"الحوار مع موسى لم يكن سهلا دوما"، يتذكر دافيد سلطان الذي كان سفير اسرائيل في مصر. "فهو يتمتع بسرعة بداهة ولغة. جوابه جاهز على لسانه حتى قبل ان تنتهي من طرح السؤال. في اتصالاته مع اسرائيل كان هو الذي فاقم غير مرة المشاكل بين الدولتين. أحد سفراء الولايات المتحدة في مصر اشتبه به بانه حتى لا يريد أن يدفع العلاقات مع اسرائيل الى الامام".

السفير السابق، البروفيسور شمعون شمير، يقول ان موسى وان كان "شخصا كفؤ، سياسيا ودبلوماسيا ممتازا، ولكنه لا يستطيب اسرائيل على نحو خاص". تسفي مزال، الذي عمل هو ايضا كسفير في مصر يضيف بان "شعبيته نبعت من مواقفه المتصلبة تجاه اسرائيل. فقد كان هو الذي الى جانب الرئيس مبارك قرر ان يكون السلام مع اسرائيل سلاما باردا".

في الايام الاخيرة تتصاعد قوة موسى في الاستطلاعات قبيل الانتخابات للرئاسة المصرية والتي ستعقد في نهاية ايار. في الاسبوع الماضي رفضت لجنة الانتخابات العليا في مصر ثلاثة مرشحين كبار: عمر سليمان، نائب الرئيس المصري السابق، خيرت الشاطر، ممثل الاخوان المسلمين وحازم ابو اسماعيل، مرشح السلفيين. ومن بين المرشحين الـ 13 للرئاسة، يعتبر موسى المرشح المتصدر.

العطف الذي يحظى به موسى ليس مفاجئا. ففي العام 2004 نشرت على الانترنت عريضة تدعو موسى الى التنافس في الانتخابات للرئاسة. عشرات الالاف وقعوا عليها. "بعد شهرين من سقوط مبارك بدأ موسى حملته الانتخابية للرئاسة"، يقول البروفيسور ميتال. "فقد توجه للشباب، لليبراليين، للمؤسسة الرسمية، لعديمي الانتماء الحزبي، للاسلاميين الذين لا يؤيدون احزابا اسلامية. للاغلبية الساحقة من المجتمع. برنامجه يشدد على مكافحة الفقر، على الغاء جهاز الامن الداخلي وعلى اعادة الامن الشخصي. وهو يركز في المواضيع الداخلية. بعد أن ينتخب ستطرح مواضع الخارجية وعلى رأسها المشكلة الفلسطينية".

موسى، متزوج وأب لاثنين، محامي في مهنته، تربى في عائلة غنية في القاهرة. وهو مسلم علماني، تعلم القانون في جامعة القاهرة وعمل لفترة قصيرة كمامي. في نهاية سنوات الخمسين انضم الى السلك الدبلوماسي المصري وأدى سلسلة من المناصب. فقد كان مدير دائرة العلاقات الدولية، سفير مصر في الهند، عضو في الوفد المصري الى الامم المتحدة في نيويورك وسفير مصر في الامم المتحدة.

في العام 1991 عين في منصب وزير الخارجية وامتنع على مدى فترة طويلة عن زيارة اسرائيل. وعندما وصل في زيارة قصيرة في آب 1994 رفض زيارة مؤسسة "يد واسم" للكارثة والبطولة بدعوى أن اسرائيل تفرض عليه جدولا زمنيا لا يروق له. "الزيارة كانت عاجلة"، حاول ان يبرر رفضه في مقابلة صحفية، بعد ثلاثة اشهر من الحادثة الدبلوماسية، "وفجأة جاءوا وقالوا لي انك ملزم بزيارة "يد واسم". هذا هو الامر الاهم في زيارتك. هذا أثار جنوني. بدلا من أن يتفق الطرفان على التفاصيل انتم تحاولون فرض شيء ما عليه. لا تحاولوا ان تفرضوا علينا شيئا. بدلا من ذلك تحدثوا الينا". ووافق موسى على أن يزور فقط موقع التخليد للاطفال في "يد واسم" وليس في كل الموقع، ولكنه رفض وضع اكليل واعتمار قبعة دينية. "فقد خاف أساس من صوره مع القبعة الدينية في "يد واسم"، يشرح بيلين، "أنا أفترض بان مثل هذه الصورة كانت اليوم ستحطم له فرصته لان ينتخب رئيسا".

الزيارة الى اسرائيل والتي بدأت بجدال كان في أساسه طقسيا، انتهى بجدال مبدئي أكثر. على مدى ولايته كوزير للخارجية، طالب موسى اسرائيل بالانضمام الى ميثاق منع نشر السلاح النووي، وهكذا شمل اسرائيل مع ايران في مسألة النووي وقال انه اذا كانت لاسرائيل تطلعات نووية، فلا يوجد ما يمنع الا يكون لايران تطلعات كهذه. "لا يمكن تحقيق السلام في المنطقة دون رقابة نووية"، قال في مؤتمر صحفي في نهاية زيارته القصيرة الى اسرائيل.

"لقد كان عدوا صعبا جدا لاسرائيل في كل اللجان التي عنيت بالموضوع النووي"، يتذكر تسفي مزال. "روح غير طيبة تهب في وزارة الخارجية المصرية"، قال اسحق رابين في 1995، بعد جدال آخر مع موسى في الموضوع النووي.

"موسى هو مناهض لاسرائيل في كثر من المجالات، هذا ليس الامر الوحيد"، يروي عوزي عيلام، الذي كان مديرا عاما للجنة الطاقة الذرية. "في المجال النووي كان بوقا للسياسة المصرية. الرئيسا مبارك والسادات طالبا ايضا بتجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي، وان لم يكونا على هذا القدر من الحدة مثل موسى".

باسلوب ناصر

الحدة التي اشار اليها عيلام لم تكن دبلوماسية كما يمكن التوقع من وزير الخارجية. مسؤول كبير في وزارة الخارجية يتذكر حديثا موضوعيا بل وحتى أديبا مع موسى، ولكن تصريحاته تجاه المسؤولين الاسرائيليين ودولة اسرائيل بقيت قاسية وفظة. موسى وصف شمعون بيرس "بالثرثار"، ارئيل شارون "بالخرقة الحمراء"، قال انه لا يصدق السياسيين الاسرائيليين وشن حربا حادة ضد حكومة نتنياهو في الولاية الاولى. "نتنياهو يهدم السلام"، هاجم موسى في مقابلة في 1996. "لا يمكن الثقة بنتنياهو، فهو يخدع الجميع، بما في ذلك الرأي العام الاسرائيلي"، قال لاسرائيليين وصلوا في زيارة الى مصر في تموز 1997 وهاجم ايهود باراك بصورة مشابهة: "باراك طعن المسيرة السلمية في الظهر".

كأمين عام للجامعة العربية هاجم شارون في كل فرصة وقال انه مع شارون كرئيس للوزراء لا يتوقع تقدما في اتجاه السلام. في 2003 بعد العمليات في الكنس في اسطنبول قال ان تجاهل العدوان المستمر لاسرائيل سيوقع ضحايا مدنيين آخرين وطلب من العرب الا يشجبوا الهجمات على المدنيين الاسرائيليين. "اسرائيل لا بد ستذوق ضربات الفلسطينيين اذا واصلت احتلال المناطق العربية"، حذر. وأعرب موسى في الماضي عدة مرات عن تأييده للانتفاضة وكان شريكا في دعوة الجامعة العربية الى قطع العلاقات مع اسرائيل الى أن توقف أعمالها العدوانية. في مؤتمر الحاصلين على جائزة نوبل في الاردن في 2008 صرف موسى النار نحو بيرس حين قال انه "فنان في الاقوال واسرائيل فقط تطلق تصريحات السلام".

"موسى هو رجل مركب، ذكي جدا، متهكم"، يقول يوسي بيلين. "لديه دافع ايديولوجي وفهم عميق في موضوع الوحدة العربية والعالم العربي، والذي هو فهم ناصري في جوهره. من جهة هو متصلب ومرير تجاه اسرائيل وبعض من العطف عليه في مصر ينبع من تحفظاته تجاه اسرائيل، ومن جهة اخرى، يمكن الحديث معه والوصول معه الى تفاهم. فهو برغماتي جدا، يعرف العالم ويعرف أمريكا جيدا. اذا كان رئيسا، سينجح في ادخال مصر الى النادي العالمي. وهو يعرف زعماء العالم وهم سيتنفسون الصعداء اذا ما انتخب رئيسا. اذا ما انتخب موسى رئيسا سيحافظ على السلام، ولكنه لن يشجع التعاون طالما لم يكن سلام مع الفلسطينيين. لا تنتظر اسرائيل مفاجآت خاصة أو خيبات أمل. نحن نعرفه ونعرف من هو".

بيلين يعرف موسى منذ 22 سنة. "صديق مشترك عرفنا على بعضنا البعض عندما كان سفيرا في الامم المتحدة وأنا نائبا لوزير الخارجية. قالوا عنه انه مرشح للعظمة وبالفعل بعد وقت غير بعيد أصبح وزيرا للخارجية. واصلنا اللقاء حتى بعد أن اصبح امينا عاما للجامعة العربية، وان لم يكن في مكتبه. فقد اعتقد بان هذا ليس مناسبا ان يلتقي امين عام الجامعة العربية مع اسرائيليين في مكتب الجامعة في القاهرة. لم يكن شخصا حميما، لا يخلق صداقات ولديه الكثير من الانتقادات على اسرائيل. من جهة اخرى، يفهم المزايا الاستراتيجية لمصر منذ اتفاق السلام".

"في احدى الاغاني الشعبية في مصر يوجد بيت يقول: "أنا أكره اسرائيل واحب عمرو موسى"، يقول البروفيسور شمير. "هذا يعبر عن موقفه من اسرائيل وعن الشكل الذي ينظر فيه في مصر تجاه هذا الموقف. فهو معاد لاسرائيل، ولكنه يفهم مصالح مصر. وهو ينتمي الى جيل مبارك الذي احاط نفسه باناس برغماتيين يعرفون العالم".

"هو يرى في اسرائيل خصما وليس عدوا"، يشرح البروفيسور ربينوفتش. "لقد كان شريكا صعبا للمسيرة السلمية. اراد لاسرائيل ان تخرج من المسيرة السلمية كدولة تقف على قدميها، ولكن الا تنافس مصر على الهيمنة في المنطقة. خشي أن تنتهي المسيرة السلمية في أن تكون اسرائيل دولة ذات نفوذ كبير. خاف أن تكون اسرائيل تتخلى عن المناطق ولكنها تشتري الهيمنة في المنطقة. كما أنه محظور النسيان لموقفه بالنسبة للنووي. فمن شأنه أن يؤيد خطا ايرانيا يعارض النووي الاسرائيلي".

"جولة الانتخابات الثانية ستكون شديدة على نحو خاص"، يتوقع البروفيسور ميتال. "من الصعب الافتراض انه سيحظى بأكثر من نصف الاصوات في الجولة الاولى وسيصعد الى الجولة الثانية فيما يتحد ضده كل المعسكر الاسلامي. اذا صار رئيسا، فان موقفه الانتقادي تجاه اسرائيل سيكون الموقف الرسمي لمصر. المعنى هو الكثير جدا من الضغط على اسرائيل وقد يكون هذا حرجا في حالة أزمة اخرى بين اسرائيل والفلسطينيين. ومع نتنياهو سيتعامل كرئيس وزراء اسرائيل وليس كصديق له. لا تتوقعوا منه علاقات حميمة بينهما".