خبر الفلسطينيون ملوا الحديث عن كرة القدم- هآرتس

الساعة 08:45 ص|25 ابريل 2012

الفلسطينيون ملوا الحديث عن كرة القدم- هآرتس

بقلم: اوفير بار زوهر

(المضمون: منظمات المصالحة في أزمة: المزيد فالمزيد من الفلسطينيين والشركاء الدوليين يرون في لقاءات الحوار مع الاسرائيليين تطبيعا للاحتلال ويهجرون نشاطات الحوار -  المصدر).

قبل بضعة أيام اطلق منتدى العائلات الثكلى مشروع "شق في الحائط"، على سبيل تطبيق فيس بوكي يسمح للفلسطينيين والاسرائيليين الحديث مع بعضهم البعض بشكل مباشر. وللتغلب على قيود اللغة فانه يترجم المكتوب من العربية الى العبرية وبالعكس. في المداولات التي سبقت اطلاق المشروع اعطي وزن كبير لقيود النقاش في التطبيق: هل مواضيع النقاش التي بادر اليها رؤساء المشروع ستتضمن ايضا مباريات كرة القدم من السبت الماضي وتجارب من العمل، أم ربما – فقط السبل العملية لانهاء الاحتلال. في الفترة الاخيرة يتعزز في منظمات السلام الاعتراف في أن امكانيات الحوار بين الاسرائيليين والفلسطينيين تتقلص بشكل مقلق، ومحصورة أساسا بمواضيع في قلب النزاع.

"استغرقنا وقت للوصول الى توافق على المضمون – اسماء المجموعات في التطبيق، أي مضامين وأي رسائل ونقاشات ستكون"، يشرح المدير العام الاسرائيلي لمنتدى العائلات الثكلى، نير اورن. "من ناحيتي العمل على شق في الحائط يظهر كم ينبغي اليوم أن نكون حذرين، بل حذرين جدا". قبل نحو شهر كان اورن في لقاء مع فلسطينيين. "كان لقاءا جد جيد وتلقوا بتفهم قصتي الشخصية"، يتذكر. "ولكنهم سألوني أنتم 15 سنة في الميدان. ماذا حصل؟ بماذا تغيرت حياتي؟".

المشكلة التي اصطدم بها المنتدى ذات صلة بعموم منظمات السلام التي تعمل على الحوار بين الشعبين. في الجانب الفلسطيني يتعاظم الميل لاعتبار كل نشاط لا يضعضع بشكل مباشر الاحتلال بأنه تطبيعا للوضع القائم، الذي يعارضونه. وكنتيجة لذلك تتقلص بشكل كبير قدرة المنظمات على خلق حوار بين الطرفين وتقيدهم في حالات عديدة بخطاب داخلي فقط في المجتمع الاسرائيلي. "المجالات آخذة في الضيق أكثر فأكثر"، يشرح اورن. "نحن ننجح في القيام بالنشاطات ولكن بالتأكيد بات هذا أصعب بكثير".

اليوم، بات تأجيل، تقليص بل وحتى الغاء المناسبات المشتركة مسألة عادية. هكذا في كانون الاول الماضي كتبت في "هآرتس" عميرة هاس عن الغاء نقاش بادرت اليه مجلة "فلسطين اسرائيل" عن تأثير الربيع العربي على النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. وذلك بعد أن اندفع قبل اسبوع من ذلك متظاهرون فلسطينيون نحو فندق الامبسادور في القدس حيث عقد الاجتماع الاول لـ "الكونفدرالية الاسرائيلية – الفلسطينية".

كما أن أمسية كان سيعقدها منتدى العائلات الثكلى في بداية الشهر القادم في بيت ساحور نقلت الى داخل نطاق اسرائيل – بسبب الضغط المحلي: وبدلا من مشاركة نحو 300 فلسطيني سيأتي نحو 80 فقط. في طليطا قومي في بيت جالا جرت في الماضي نشاطات حوار كل شهر، اما الان فقلت هذه بشكل دراماتيكي لدرجة انه لم يعد تقريبا حدوث مثل هذا النوع من النشاطات.

رون بوندك، الرئيس المشترك لمنتدى منظمات السلام الفلسطينية – الاسرائيلية، والذي يجمع عشرات المنظمات يقول ان "جزءا من النشاطات يستمر تحت الرادار، والمنظمات ببساطة أبقت نفسها في الظل. اضافة الى ذلك نحاول التوجه الى نشاطات مقبولة بالفعل – مثل لقاءات الاطفال في نشاطات من المدارس المختلفة سيعتبر تطبيعا ولكن لقاء رجالات يعملون في الصحة هو أمر على ما يرام، وكذا لقاء مزارعين يساعد على تصدير التوت الى اوروبا يمكن أن يكون مقبول". وهو يضيف بانه "كلما مرت الايام فان هذا يتسلل أكثر فأكثر الى المنظومة الفلسطينية". وعلى حد قوله كلما بات الواقع أسوأ من ناحية الفلسطينيين والخيار السياسي ينغلق، فان هؤلاء الاشخاص يتعززون: "ضرب في وجه متظاهرين هادئين هنا، نار هناك او تصريح لليبرمان، هذا يضعف اولئك الذين يدعون بان في اسرائيل يوجد شريك".

مدير عام حركة صوت واحد في اسرائيل، تل هاريس، يقول ان للوضع الحالي تأثير كبير على المنظمة. "في السنة الماضية جاءت محافل فلسطينية الى الحرم الجامعي عندما للقاء الشباب والحديث في مستوى العيون في المواضيع الجوهرية للنزاع، أما اليوم فهذا اكثر اشكالية بكثير. كانت لنا خطط كبرى لان نقيم مع سياسيين فلسطينيين ومع نشطاء سلام في الطرف الفلسطيني نشاطا موازيا لمجموعة ضغط الدولتين، اردنا أن نعقد لقاءات وجولات أما الان فكل شيء مجمد"، يروي.

تفكير مشترك

        منظمة حاليا لم تتضرر من هذا الميل هي "مكافحون في سبيل السلام". الناطق بلسان الحركة، آفنر هورفتس، يروي بان "نشاطاتنا تتقرر في تفكير مشترك وتركز على أمور هي احتجاجية ضد الاحتلال". ولامسية الذكرى البديلة التي عقدتها امس الحركة – بمشاركة عائلات ثكلى اسرائيلية وفلسطينية – دعي نحو 40 فلسطينيا. وحسب هورفتس، فان "الغالبية العظمى من المشاركين هم اعضاء مقاتلين في سبيل السلام وهم على علم بالمضامين والجوهر ويسرهم المجي". بسبب الطلب الكبير، انتقل الحدث هذه السنة – الذي يعقد للسنة السابعة على التوالي – من مسرح تموناع الصغير في جنوب تل أبيب الى هنغر 11 في الميناء. ويصطدم هذا الحدث بالذات بمعارضة اسرائيلية: النائبة ليا شمبتوف من اسرائيل بيتنا طلبت الغاءه، ومجموعة على الفيس بوك دعت الى الوصول للتظاهر ضده. رئيسة الشركة التي تدير الميناء، نوعامي آنوخ قالت "اننا كشركة حكومية نعتقد بان كل محاولة لربط ضحايا الجيش الاسرائيلي مع القتلى الفلسطينيين تشكل مسا شديدا بسكان الدولة، بذكرى الضحايا وبالعائلات الثكى. لاسفنا، الحدث يجري في مكان تجاري خاص في الميناء وليس لدى الشركة أي سبيل قانوني لمنعه".

        وقال من أجرينا معهم المقابلات لغرض هذا التقرير انهم لا يعرفون في هذه المرحلة عن منظمة أوقفت عملها بسبب الوضع ولكن الامر بالتأكيد يمكن أن يحصل. ويقول هاريس: "اذا استمر هذا الميل فبالتأكيد سيلقي هذا بظلال ثقيلة على معنى استمرار منظمة كمنظمتنا. اذا كنا هيئة يتقلص نشاطها وينحصر بعمل داخلي فقط في الطرف الاسرائيلي او الفلسطيني فلن تعود حاجة الينا".

        التبرعات في خطر

        الوضع يهدد حتى التبرعات من الخارج والتي تصل الى المنظمات، وفي بعض الاماكن يعترفون بانه بالفعل توجد مصاعب أكبر لتجنيد التبرعات هذه الايام. ويشرح مدير عام مبادرة جنيف غادي بلتينسكي يقول ان "المتبرعين لا يحبون كثيرا دعم حملات سلبية، وأسهل بكثير تجنيد المال لرسالة متفائلة مما لرسالة متشائمة. ألطف من ناحيتهم التجند لمساعدة المفاوضات والنجاح. المنظمات الاكبر تنجح في البقاء مع مستوى نشاط معقول ولكن المنظمات الصغيرة توجد في مشكلة أكبر. كما أن التشريعات والتهديد بالتشريعات لم تساعد وأبعدت المتبرعين. لا اعتقد أن معسكر السلام يقف أمام الاغلاق ولكنه يجتاز تغييرا، الرسائل وبحجم النشر وباهتمام الناس على حد سواء".

        بالقدرة على تجنيد التبرعات تمس ايضا الأزمة الاقتصادية العالمية. بلتينسكي يشرح بان "هذه اساسا تبرعات من صناديق اوروبية قلصت ميزانيات المساعدة للشرق الاوسط". أما بوندك فيقول: "يوجد مال أقل للدول منذ 2008 ونحن نشعر بهذا بشكل ملموس". بوندك وتل هاريس على حد سواء يقولان انه تضاف الى الازمة ايضا ظاهرة التعب الخطير من الحل الذي لا يأتي للوضع السياسي. "هناك هيئات واناس خاصون يستثمرون المال منذ 20 سنة في هذا الموضوع ولم يخرج من هذا المال أي سلام"، يقول هاريس. ويجمل بوندك فيقول: "نحن نوجد تحت عدة طبقات من التهديدات – الوضع الاقتصادي، التعب من النتيجة، مناهضة التطبيع، كله معا يعمل ضدنا".

        رون غرليتس، المدير المشارك في منظمة "سيكوي" قلق من تدهور محتمل للوضع في الخريطة الاسرائيلية الداخلية ايضا: "خطرنا هو ان الربط بين العرب واليهود في اسرائيل يصل الى نفس المكان. اذا كانت الميول التي يقودها ليبرمان ستستمر فسنصل الى نفس الوضع. هنا أيضا توجد اصوات ضد التطبيع ويوجد عرب اسرائيليون كفوا عن الحديث مع اليهود، وسياسة هذه الحكومة تعزز مواقفهم – مع كل موجة تشريع ضدهم، كتلة اخرى من العرب تقول انهم متطرفون ولا يمكننا أن نتدبر أمرنا معهم. ما يحصل في المناطق يبين الى أين يمكن لنا أن نصل في أسوأ الاحوال".