خبر سلسلة التفاعل العالمي- هآرتس

الساعة 08:57 ص|22 ابريل 2012

 

بقلم: أمير أورن

اعتاد اللواء اسرائيل تال ان يتحدث عن حادثة حدثت في الجيش الاسرائيلي في مطلع خمسينيات القرن الماضي حينما كان يُطلب الى الضباط ان يوقفوا سياراتهم العسكرية في وحداتهم أو في مواقف مركزية لا بصورة تثير الحسد قرب بيوتهم. ولاحظت دورية للشرطة العسكرية عند منتصف الليل سيارة تم وقفها بخلاف الأوامر العسكرية. ووجد الضابط الذي استعملها في تلك الليلة وحوكم، فاعترف في محاكمته بالحقائق وأوضح قائلا: تعرفت الى شابة واتفقنا على ان أنقلها من بيتها الى السينما فوقفت لحظة وصعدت اليها وتبين لي أنني استطيع ان أحصل على ما أريد حتى بغير السينما، ونسيت السيارة وبقيت هناك طول الليل.

حينما تسعى ايران الى تطوير قدرة ذرية عسكرية، فما الذي تريده؟ هل الذرة بالنسبة اليها هي الفيلم أم المتعة الليلية التي تليه؟ هذا في الحقيقة هو السؤال الذي سيحدد مصير المحادثات معها. عوقب ذلك الضابط عقابا سهلا وغُرم غرامة رمزية مقابل متعته. واذا كان هدف الايرانيين النهائي والمطلق هو السلاح الذري فستكون الغاية الوحيدة للمحادثات هي ان يقضوا الوقت في تلذذ الى ان يتبين هل يجدد براك اوباما استئجار البيت الابيض لاربع سنين اخرى. واذا كان هدفهم الحقيقي في المقابل سياسيا (بقاء نظام آيات الله) واستراتيجيا (اعترافا بمكانة ايران باعتبارها قوة من القوى العظمى) واذا كانوا مستعدين مقابل ذلك للتجارة بالذرة فان قدرتهم على المحايلة والمساومة ممتازة لأن الحماسة العالمية لمنع ازمة متفجرة تمنح الاستعداد للتجرد من السلاح الذري الايراني الثمن الأبهظ. وان ادعاء بنيامين نتنياهو لقب مخترع مكافحة الذرة الايرانية يشبه زعم ال غور أنه هو الذي اخترع الانترنت. قبل عشرين سنة حينما كان نتنياهو عضو كنيست عاديا في الليكود الذي كان في المعارضة، بدأ رئيس الحكومة ووزير الدفاع اسحق رابين والجيش الاسرائيلي والجماعة الاستخبارية يتناولون التهديدات الايرانية بتطوير سلاح ذري يوجه على اسرائيل.

ان ثورة الخميني في 1979 أخرّت ولم تُعجل برنامج ايران الذري. وقد حذر تقرير استخباري سري صدر عن وزارة الدفاع الامريكية في صيف 1976 من ان طموح الشاه الذري قد يعطيه في منتصف الثمانينيات بنية تحتية لانتاج منشأة ذرية. وتقدم الشاه آنذاك في جميع المسارات فكان هناك نظام مفاعلات طاقة تُمكّن من وجود دائرة وقود محلية وتخصيب ومواد انشطارية وصواريخ ومختبرات ومفجرات. ومع تنحيته عن الحكم وبدء حرب ثماني السنين مع العراق تم تجميد برنامج ايران الذري عشر سنين على الأقل.

في ذلك التقرير الامريكي "تعقب الانتشار الذري"، تقع اسرائيل بعد التكريم الى جانب ايران، لكن الصفحات الست التي أُفردت لها خضعت للرقابة كاملة. واختار الكاتب الجنرال صموئيل ولسون الدول الـ 14 التي استعرضها التقرير لأنها جميعا "أبدت رغبة قوية في الحصول على سلاح ذري، أو أنها تملكه أو أنها ستملك في القريب المنشآت الذرية الضرورية لانتاج مادة انشطارية" تُستعمل في السلاح الذري.

واشتملت قائمة الدول الـ 14 على الارجنتين والبرازيل والهند وايران واسرائيل واليابان وليبيا وباكستان وجنوب افريقيا وكوريا الجنوبية واسبانيا والسويد وتايوان والمانيا الغربية. ومنذ ذلك الحين وافقت الارجنتين والبرازيل على الامتناع معا عن احراز السلاح الذري، وتجردت جنوب افريقيا من سلاحها الذري وأصبحت الهند وباكستان قوتين ذريتين ظاهرتين. وكان الامريكيون هم الأولين في النادي الذري وتسلح السوفييت في مقابلهم وهم الذين يخشاهم الصينيون الذين يخشاهم الهنود ، والباكستانيون هم أعداؤهم اللدودين. وشارك الامريكيون البريطانيين في أسرارهم؛ وطور الفرنسيون مشروعهم الذري المستقل. ووقع التخلي عن قدرة ذرية مستقلة في مجابهة تهديد ذري (اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان في مقابل الصين وكوريا الشمالية) مقابل مظلة ذرية امريكية فقط.

ان خلاصة تحدي طهران لامريكا – مع الخضوع لفيتو روسي وصيني بل فرنسي في مجلس الامن – هي تحويل ايران من عدو الى خصم؛ وخفض العداء لها الى مجرد منافسة وذلك من غير ان تخشى شريكة تقليدية كالسعودية من تخليهم عنها. اذا كانت الذرة للايرانيين وسيلة لا هدفا فان ما يُتوقع ان يتبين في الاشهر القريبة هو انه يمكن احرازها.