خبر ذلك الشخص من الغور – هآرتس

الساعة 08:54 ص|22 ابريل 2012

 

بقلم: جدعون ليفي

من حسن الحظ ان الاحتلال الاسرائيلي يتيح لنا بين الفينة والاخرى عددا من المشاهد الفكاهية التي تكسر روتينه الذي يسبب اليأس. ان صورة المقدم شالوم آيزنر المستديرة غير المهندمة وهو يخطو في طريقه لتلقي علاج طبي وهو يشتكي من ألمه ويُظهر لعدسات التصوير ذراعه المضمدة ويده الجريحة وكأن الحديث عن جرح شديد في العظم تضحكنا الى درجة الدموع؛ ولا يقل عنها اضحاكا زعم ان المتظاهرين هم الذين كسروا يد المقدم؛ ومن المسلي ان نسمع واحدا من قادة المستوطنين يقول ان المتظاهرين أوقفوا السير في "شارع دان – ايلات"؛ ومما يثير الاستهزاء ان نسمع آيزنر يقول: "ربما كان من الخطأ المهني استعمال السلاح أمام عدسات التصوير"، وانه فعل ما فعل "للوفاء بالمهمة ولأحمي جنودي"؛ ومن المضحك ان نسمع مدير جهاز العلاقات العامة في الجيش الاسرائيلي روني دانيال يهدد بأن الناس إثر القضية "لن يريدوا ان يصبحوا ضباطا في الجيش الاسرائيلي" (وكأنه ليس من الجيد ألا يكون ناس مثل آيزنر ضباطا في الجيش الاسرائيلي)، ولا يقل عن ذلك اثارة للاستهزاء ان نسمع رئيس هيئة الاركان بني غانتس يقول ان عمل آيزنر "يعارض قيم الجيش الاسرائيلي" (وكأن ضباط الجيش الاسرائيلي وجنوده لا يسلكون هذا السلوك كل يوم في المناطق لكن بعيدا عن عدسات التصوير). ويُضحكنا ايضا حتى عصف النفوس المفرط الذي نشأ إثر الضرب بعقب البندقية. لماذا، ماذا حدث؟ آه، كانت هناك عدسات تصوير.

أضربة بعقب البندقية؟ نشرت منظمة "بتسيلم" في نهاية الاسبوع فيلما قصيرا آخر صوره التلفاز الفلسطيني في ميدان الدراجات الهوائية: حيث بدا آيزنر يضرب ببندقيته كل ما يتحرك تقريبا وكأنه حارس شخصي في مرقص ليلي. وقد ذاق خمسة متظاهرين الضرب بعقب بندقيته من الأمام ومن الخلف ايضا. ويكشف الفيلم القصير ايضا عن "عنف" المتظاهرين و "خطرهم" على سلامة الجنود: فقد بدأ أحدهم باستعمال دواسة دراجته.

بُث مقطع الفيديو هذا في ليلة السبت في التلفاز في وقت قريب رمزيا من تقديم تقرير عن شغب آخر عنيف في ملاعب كرة القدم. لم يكن زعران الملعب يختلفون كثيرا في سلوكهم عن آيزنر. فهنا بزة الجيش الاسرائيلي وهناك لباس أبناء اللد وبوعيل رمات غان، وجِد أنتَ الفروق. وعلى أثر الشغب في الملعب تم وقف الدوري؛ ولن يوقف شغب آيزنر شيئا سوى بعض إبطاء في حياته المهنية.

لكن بعد ان انتهينا من التلذذ بالمشهد الفكاهي يعود الواقع الذي يسبب الكآبة ويضربنا على وجوهنا. ان التفكير في ان ضابطا مثل آيزنر الذي تبين الآن أنه لم يعمل عن استشاطة مؤقتة عاصفة، كان يفترض ان يتولى لولا ذلك الخلل المؤسف لعدسات التصوير، ان يتولى منصب نائب قائد مدرسة الضباط، ويجب ان يقلق هذا الجيش الاسرائيلي نفسه قبل كل شيء. لكن قضية آيزنر تعلمنا قبل كل شيء فصلا آسرا عن صورة المجتمع في اسرائيل. فبعد نشر الشريط فورا كيّف هذا المجتمع نفسه بحسب خطوطه الهيكلية الثابتة: فقد توج اليمين آيزنر فورا بطلا قوميا، وعبرت بقايا اليسار عن زعزعة ويجوز لنا ان نُقدر ان أكثر الجمهور اعتقدوا ان آيزنر ظُلم ولا نعلم لماذا.

ان الغريزة البشرية الأساسية لكل انسان من اليمين أو من اليسار بازاء صور ضابط يضرب بقسوة متظاهرا مسلحا بدراجته الهوائية كان يجب ان تجعله يرد بزعزعة. وكان يجب ان تكون الغريزة الأساسية لكل ديمقراطي مشابهة لأنه ما صلة اليمين واليسار هنا؟ ولماذا لا يُزعزع اليمين من الزعرنة؟ ولماذا أصبح آيزنر بطله؟ ان ضرب العرب أصلا – وهم ليسوا بشرا، شيء معتاد، لكن اذا كان ضرب شاب دانماركي أشقر الشعر جميل العينين بعقب البندقية على وجهه لم ينجح في ان يثير هنا الرد الانساني الواجب، فهناك شيء مريض جدا اذا. صحيح ان جهاز غسل الدماغ السياسي أشرب أنفسنا في السنين الاخيرة بواسطة وسائل الاعلام ايضا، افتراض ان كل نشيط سلام هو ارهابي، وان كل متطوع في المناطق فوضوي وان كل موجه نقد معادٍ للسامية، ومع كل ذلك فاننا نظن ان الشعب يريد أكبر قدر من العنف بكل من لا يُكيّف نفسه معه.

ان نهاية القضية واضحة وتثير الكآبة. فالمقدم آيزنر سيُعوض بعد من "الظلم" الذي وقع عليه في الجيش الاسرائيلي أو في موقع آخر؛ وعداوة (وعنف) ضباط الجيش الاسرائيلي وجنوده للمتظاهرين وبخاصة المصورون ستزيد أكثر؛ وسيتمسك الجمهور باعتقاده ان الجيش الاسرائيلي هو أكثر جيوش العالم اخلاقية.