خبر متلازمة الشعب المختار- معاريف

الساعة 08:54 ص|22 ابريل 2012

 

بقلم: مناحيم بن

بالذات لاني أومن بحق اسرائيل وأعشق بلاد اسرائيل والمستوطنات، التي بنيت في معظمها على أرض فارغة (بخلاف جامعة تل أبيب، مثلا، التي بنيت على القرية العربية الشيخ مؤنس)؛ بالذات لاني نفسي أسكن في مستوطنة في السامرة ومسحور بالبيت وبالمشهد اللذين اعيش فيهما – فاني أتعذب وأخشى من كل ظلم نحيقه بالفلسطينيين ومن كل تعالٍ تجاه غير اليهود؛ ظلم وتعالٍ واهانة من شأنها أن تجلب علينا الدمار، الطرد، الاخلاء.

وأنا أقصد ضمن امور اخرى جانبا واحدا من الفعلة العنيفة والبشعة للمقدم شالوم آيزنر الذي ربما لم يُؤبه به بما فيه الكفاية: الضابط الكبير سمح لنفسه بان يضرب البندقية في وجه غريب اشقر شاب، يشبه الملاك، بشكل ما كان ربما ليسمح لنفسه به لو كان الحديث يدور عن شاب يهودي؛ بمعنى، خلف هذه الفعلة (التي كان من شأنها أن تنتهي بشكل أكثر جسامة بكثير، لو كانت الاصابة بالعين او في الجبين، مثلا) قبع نوع من الموقف المستخف، المحتقر، الكاره، غير الانساني، ممن ليس يهوديا. إذ خلافا لما روى لنا شمعون بيرس في خطابه في احتفال يوم الكارثة، فليس صحيحا حقا أن الشعب اليهودي في قسم منه، وبالتأكيد في قسمه معتمر القبعات الدينية، لا يرى نفسه متفوقا على شعوب اخرى.

في كل تبجيل لليل السبت نحن يفترض أن نقول: "تباركت انت أيها الرب ملك العالم الذي اخترتنا من بين كل الشعوب". ليس في ذلك ضير طالما أننا نفهم بان الرب اختارنا لمهامة معينة (مهامة انقاذ العالم حسب عدد من المفسرين)، وان هذا الاختيار ينطوي على معاناة كبيرة وثمن عال يدفعه اليهود على مدى كل الاجيال. ومع ذلك، عندما يترجم احساس الاختيار هذا الى موقف فتاك ومهين تجاه غير اليهود، وكأن بهم مجرد حطام بشر، فاننا لا نعرض للخطر فقط غيرنا، بل وأنفسنا ايضا.

فعندما يلاحظ العالم عنصريتنا الجوهرية (وقد لاحظها في قسم منه حتى الان) فانه سينبذنا حقا، وعندما ينبذنا العالم حقا، فلن نتمكن من الاحتفاظ بيهودا والسامرة أو القدس بل وربما ليس بكل اسرائيل بأسرها. وعليه، فانه عندما يضرب ضابط يهودي أزعر ذو كرش، ولحية ويعتمر قبعة، ببندقيته غريبا اشقر رقيقا وغير عنيف ظاهرا، فاننا في مشكلة.

الحل ليس محاولة نذلة للدفاع عن المقدم شالوم آيزنر، بل بالاعتذار الكبير. محظور باي شكل ضرب متظاهر غير عنيف بكعب البندقية في وجهه، اذا لم يكن عرض حياتك من قبل للخطر. بسيط جدا. هذا هو العكس التام للبندقية المقدسة. هذا هو العكس التام لطهارة السلاح. هذا فعل نذل تجاه من ليس ابن شعبك ودينك ولغتك. وعليه فان القبعة على رأس المقدم شالوم آيزنر ذات مغزى وتدنس اسم الرب. ماذا يعني "تدنيس اسم الرب"؟ يعني أن تعتمر قبعة وكأنك تعمل باسم الرب وتقوم بفعلة مضادة للرب على نحو ظاهر، مثلما فعل آيزنر. يعني ان تعتمر قبعة وتذكرنا بأمور مناهضة للاغيار فظيعة تنتشر في التلموذ وفي كتابات العقلاء ("خير الاغيار – القتيل"، كتب في التلموذ المقدسي. لا يوجد ما يمكن عمله).

مثال آخر نذل عن المعاملة المفرقة، المهينة والمدمرة تجاه غير اليهود نشر في "هآرتس" يوم الاربعاء الماضي، عشية يوم الكارثة. يدور الحديث عن عائلة فلسطينية من 11 نفس من بيت حنينا، لا يختلف أحد بانها تسكن في المكان لسنوات عديدة، اخليت بأمر من المحكمة الاسرائيلية بدعوى أن الحديث يدور عن مُلك يهودي اشتري في السبعينيات. وحتى لو كان الادعاء اليهودي بان البيت والارض حوله اشتريا قانونيا، وحتى لو لم يثبت ادعاء العائلة الفلسطينية الفقيرة بان وثائق الشراء اليهودية زائفة  وأنها اشترت البيت في 1935 ومنذئذ تسكن في المكان، فلا تزال فكرة اخلاء عائلة من 11 نفسا من بيتها، وحبس الاب وابقاء أغراض الام واطفالها خارج البيت – هو فعل غير انساني ولا يطاق.

اذا كنت أعارض اخلاء ميغرون (وانا اعارضه)، فبالتأكيد اعارض ايضا اخلاء عائلة فلسطينية عديمة الوسيلة من بيتها. ما ينبغي عمله في كل الحالات من هذا النوع هو التعويض بسخاء لاصحاب الملك، اذا ما أثبتوا ذلك، من صندوق حكومي خاص، وابقاء الساكنين في منازلهم. لا نطرد اليهود، لا نطرد الفلسطينيين. حكم واحد يكون للجميع. حكم العدالة الطبيعية.