خبر الخضر و بناته ..ديمه طهبوب

الساعة 08:45 م|20 ابريل 2012

من الممات الى الحياة و من الضيق الى السعة، ومن الأسر الى الحرية، ومن الوحشة الى الأنس، ومن الفرقة الى اللقاء عاد الخضر العدناني الفلسطيني ليعانق سماء فلسطين وأرضها بأمر ربه بعد أن ظن من يثقون بالحسابات والأيام والمعطيات والظواهر أن لا حياة ولا حرية ولا تلاقي.
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
ستة وستون يوما فوق قدرة الاحتمال البشري بكل المقاييس العلمية والطبية كانت حقا برعاية ربانية لا يفقهها الا أحفاد إبراهيم عليه السلام الذي علم أن هناك غذاء وشرابا غير ما يستهلكه البشر ونبهنا فما انتبهنا على كثرة ما قرأنا حتى رأينا بأم أعيننا قوله تعالى ماثلا في بشر "وهو الذي يطعمني ويسقين" بل و حديث رسوله صلى الله عليه وسلم يوم أخبر عن نقص الطعام في آخر الزمان فسأله الصحابة وماذا يفعل الناس؟ فأجاب يهللون ويحمدون ويكبرون وذلك يجزىء عنهم مجزأة الطعام أي يسد مكانه، وسيرة الصحابي الأسير خبيب بن عدي الذي أخبرت عنه المرأة التي كان أسيرا في بيتها فقالت "لقد رأيته يأكل من قطف عنب وما بـمكة يومئذٍ ثمرة، وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله".
لا بد أن في معجزة حياة الخضر العدناني شيء لا يعرفه إلا خضر عدنان الذي ربما نحل جسده فيما نرى الا أن قلبه ظل ممتلئا بل وفائضا بصنوف غذاء لايعرف مذاقه إلا من جربه من أهل غذاء الروح الذي يصبّر الجسم الضعيف النحيل ويمده بطاقة الصمود.
هذه كانت قصة الأمس تشبهها قصة كانت ترويها جدتي عن رجل مبارك في قرية اسمها الخضر من قرى فلسطين...
قصة رحلة الموت كانت قصة البارحة أما قصة اليوم فهي قصة ألف ليلة و ليلة الفلسطينية، قصة ألف شهيد و شهيد، قصة ألف أسير وأسير وألف انتصار وانتصار هي قصة تنتهي ككل القصص الخيرة للناس الطيبين الذين يعيشون في ثبات ونبات ويزينون الدنيا بالصبيان والبنات تحت أعلام الحرية والنصر، هي ليست أسطورة ولا قصة خيالية بل هو وعد الله لعباده المؤمنين.
قصة اليوم قصة بنات الخضر الفلسطيني في حضن والدهن، قصة تلخصها ضحكة أب وكأنه ما رأى في حياته حزنا ولا ألما قطا، وقصة طفلتين مؤنستين غاليتين لا يعرفن من الدنيا سوى هذا الحضن الدافىء الآمن وكأنهن ما فارقنه يوما.
هو مشهد خالد لا يجب أن ينسى، هي قصة أخرى يجب أن تخلد مثل قصة الخضر وسيدنا موسى عليه السلام يوم قال له الخضر: اصبر فإن صبرك محمود العاقبة وكل بلاء سينتهي الى رحمة من الله "رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا".
الخضر الفلسطيني وفي حضنه زهرتين جميلتين صورة تبشرنا بأن القدس ستتحرر والأسرى سيتحررون وبأن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرا وأن نتيجة امتحان هذه الأمة إحدى الحسنيين: إما نصر وإما شهادة.
صورة خضر عدنان مع ابنتيه صورة لكل محزون او يآئس أو متخاذل تقول أن طريق النصر قريب لمن ضحى و قدم و سبق.
و نحن موعودون ان كنا مؤمنين أن سيرتنا و صورنا ستحوي الكثير الكثير من "وأخرى تحبونها نصر من الله و فتح قريب".
فسبحان من أحيا عظام الخضر وروحه وقلبه وآتاه أهله ومثلهم معهم رحمة منه سبحانه وذكرى للعابدين.