خبر جرائم خارج الفيديو..أمجد عرار

الساعة 08:22 ص|20 ابريل 2012

فيديو جديد تداولته المواقع الالكترونية خلال الأيام الماضية، يحمل فضيحة جديدة لجيش الاحتلال “الإسرائيلي” . ومعنى الفضيحة هنا لا يتعلّق بندرة وقوع الحدث بل بتوثيقه بالصورة الحيّة . الفيديو الجديد يُظهر ضابطاً كبيراً في جيش الاحتلال، ينهال ضرباً ببندقيته على متضامن دنماركي كان ضمن نشطاء دوليين آخرين في منطقة الأغوار الفلسطينية التي تعاني من ممارسات عنصرية صهيونية بشعة، حيث يستغل المحتلون ابتعاد المنطقة عن عيون الإعلام للاستفراد بها . فككل بقاع العالم التي تحتوي مناطق بعيدة عن المركز، تعاني منطقة الأغوار من غياب شبه كامل عن وسائل الإعلام التي تنجذب بقوة العادة نحو مراكز النشاط السياسي، وتهمل بؤراً تشهد انتهاكات جسيمة . ففي هذه المنطقة يلاحق الاحتلال المزارعين في رزقهم وأرضهم، ويطارد البدو ويخرّب مضاربهم ومشارب دوابهم، وإن تحمّلوا ولم يرحلوا يرحّلهم بقرار متبوع بالقوة العسكرية وبغطاء من أدواته القضائية المجيّرة تماماً .

 

هذه المعطيات تمنح مبادرة المتضامنين، رفاق المتضامن الدنماركي اندرياس يانسون، الذين تواجدوا في المنطقة أهمية استثنائية، وفي الوقت ذاته مزيداً من الاحترام والتقدير لأناس جاؤوا قاطعين آلاف الكيلومترات لكي يقولوا للاحتلال: كفى ظلماً وعنصرية، لن تمر هذه السياسة بصمت، وحتى لو صمت كثيرون، فهناك أحرار تشدّهم إنسانيتهم للذهاب إلى آخر نقطة في الأرض لنصرة المظلوم وإغاثة الملهوف (أظن هذه المفردة ليست دنماركية) .

 

لو لم يعترف القادة “الإسرائيليون” بارتكاب أحد ضباط جيشهم جريمة التنكيل بيانسون، لما كان من الأهميّة بمكان أن نحتج بالفيديو، ليس لأن عسكر الاحتلال لا يفعلون أبشع منها، بل لأن التصوير بشقّيه الفيديوي والفوتوغرافي ليس دليلاً يعتد به في إثبات أي شيء، حيث إن التلاعب بهذه الوسائل سهل من الناحية التقنية، وإمكانات التركيب والفبركة فيه لا حدود لها .


كل إنسان في العالم يشاهد الشريط المصور ويسمع اعتراف قادة “إسرائيل” بصحّته، يجد نفسه مدفوعاً للتساؤل عن عدد الجرائم المشابهة التي تحصل بعيداً عن عدسة الكاميرا، ولن يحتاج إلى جهد كبير كي يفترض أولاً، ثم يتأكد ثانياً ودائماً، أن ما يقع من هذه الجرائم في شباك التصوير نقطة في بحر ما يفلت منها . وللتذكير فقط نسأل: كم جريمة تشبه جريمة اغتيال الطفل محمد الدرة في حضن والده، ولم تحظ بمصوّر يلتقطها خلسة؟ سيكون سؤالاً وجيهاً إن سأل أحد عن سبب اعتراف قادة الكيان الصهيوني بجريمة كهذه، فيما هو يستطيع التشكيك بالفيديو، وسيكون سؤالاً منطقياً إن سأل أحد عن سبب الكشف عن مثل هذه الممارسات والجرائم على أيدي “إسرائيليين” من خارج دائرة مناهضي الاحتلال أحياناً . الجواب أن قادة الكيان يريدون أن يسقطوا أكثر من عصفور بحجر واحد, من جهة يوصلون رسالة بأن لديهم من “الشفافية” و”شجاعة” الاعتراف ما يجعلهم لا يترددون في كشف “أخطاء” ضباطهم وجنودهم، وبالتالي فإن اعترافهم بواقعة يمنحهم “مصداقية” في إنكار عشرين . ومن ناحية ثانية، يوحون للعالم بأن الوقائع المعترف بها تمثّل حالات فردية أو شاذة، وليست نهجاً أو سياسة، وبالتالي يعلن الاحتلال عن تحقيق وتوقيف الضابط وربما وضعه في السجن، ثم لا رقيب يرصد ما يحصل بعد ذلك حيث يدخل المعني السجن من باب ويخرج من باب آخر، وينتهي الأمر في شقه المخفي بترقية العسكري مرتكب الجريمة، وإلا ما معنى عودة أرئيل شارون، المسؤول عن مجزرة صبرا وشاتيلا، إلى العمل السياسي ووصوله إلى رئاسة الحكومة “الإسرائيلية”؟