خبر مصر: تفاقم أزمة المستبعدين من سباق الرئاسة

الساعة 05:54 ص|19 ابريل 2012

القاهرة

أبو إسماعيل اتهم اللجنة العليا للانتخابات بـ«شق الصف السلفي» واعتبر قبول دعوتها «خيانة»

رزحت العاصمة المصرية، أمس، تحت وطأة أزمة المستبعدين من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها نهاية الشهر المقبل. وبينما واصل المرشح السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل، المستبعد بصفة نهائية من سباق الرئاسة، اعتصامه أمام مقر اللجنة العليا للانتخابات وسط المئات من أنصاره، شن المرشح الإخواني خيرت الشاطر هجوما عنيفا على المجلس العسكري وأعضاء اللجنة العليا قائلا إن «المجلس العسكري غير جاد في تسليم السلطة» وأنه «يسعى لوضع رئيس يحكم البلاد من خلاله».

ويواجه تيار الإسلام السياسي مأزقا عميقا بعد سلسلة من الإخفاقات أمام الرأي العام، ويقول مراقبون إنه مقبل على أزمة جديدة بعد تباين وجهات النظر بشأن مرشح التيار الإسلامي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإصرار أبو إسماعيل على «تصعيد أزمة استبعاده»، واتهامه اللجنة العليا للانتخابات بمحاولة شق الصف السلفي بدعوة قيادات سلفية للاطلاع على الوثائق التي تثبت جنسية والدته، قائلا إن «دعوتهم إلى اللجنة تعد خيانة».

وكان تيار الإسلام السياسي قد حقق قبل ثلاثة أشهر انتصارا حاسما في الانتخابات البرلمانية، بحصوله على أغلبية غرفتي البرلمان، لكنه تعرض لهزات عنيفة على أثر حكم قضائي أوقف عمل الجمعية التأسيسية للدستور التي هيمنوا على عضويتها، بينما لا تزال المحكمة الدستورية العليا تنظر سلامة انتخابات البرلمان برمتها. ووقفت القوى الرئيسية التي تمثل التيار السلفي، أمس، موقفا محايدا تجاه تطورات أزمة أبو إسماعيل، الذي قالت لجنة الانتخابات إنها تيقنت من حصول والدته على الجنسية الأميركية، وهو أمر يخالف شروط الترشح الواردة في الإعلان الدستوري المعمول به حاليا. وقال حزب النور السلفي الذي يمثل أكبر الفصائل السلفية، إنه «لو علم صدق أبو إسماعيل لأعلن مناصرته»، مشيرا على لسان متحدثه الرسمي نادر بكار إلى أن الموقف بالنسبة لجمهور السلفيين لا يزال «ملتبسا». وناشدت قيادات سلفية أنصار أبو إسماعيل بضبط النفس والتزام السلمية والصبر.

وتتولى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية مسؤولية إدارة العملية الانتخابية، وتتكون من خمسة قضاة يمثّلون الهيئات القضائية المختلفة. وقرارات اللجنة محصنة من الطعن عليها أمام أي جهة بموجب المادة 28 من الإعلان الدستوري. ورفضت اللجنة تظلمات 10 مستبعدين من الانتخابات، أبرزهم أبو إسماعيل، بالإضافة لعمر سليمان نائب الرئيس السابق، وخيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان.

ومن جانبه، أكد المستشار فاروق سلطان، رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية، أن قرار استبعاد عشرة مرشحين بشكل نهائي من سباق الرئاسة الحالي قانوني، لمخالفتهم شروط الترشح المحددة في قانون الانتخابات الرئاسية.

وقال سلطان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة استقبلت تظلمات المرشحين العشرة على قرار الاستبعاد الأولي واستمعت إلى مرافعات كل واحد منهم، ولم تر أي سبب جديد يغير موقف استبعادهم من الانتخابات»، مشيرا إلى أن الأسانيد والأسباب القانونية التي بنت اللجنة عليها قرار الاستبعاد الأولي لم تغيرها تظلمات المرشحين، وبالتالي انتهت اللجنة إلى عدم قانونية ترشحهم للانتخابات.

وحول إمكانية تحريك اللجنة بلاغا ضد أبو إسماعيل بتهمة التلاعب في الأوراق، قال المستشار سلطان إن «اللجنة لم تناقش هذا الأمر بعد، ولكن سنبحث في اجتماع اللجنة المقبل كافة الجوانب المتعلقة بقرار الاستبعاد وفقا للقانون وحتى يحصل الجميع على حقوقهم».

وفي ما يتعلق باعتصام أنصار أبو إسماعيل أمام لجنة الانتخابات، قال المستشار سلطان إن هذا الاعتصام لن يؤثر على عمل اللجنة وإنهم يواصلون أعمالهم الطبيعية وفقا للإجراءات المحددة ما لم يتجاوز المعتصمون القانون بالاعتداء على اللجنة أو أحد العاملين فيها، مشيرا إلى أن اللجنة ستبدأ خلال الأيام المقبلة تشكيل اللجان العامة في المحافظات التي ستشرف على الانتخابات الرئاسية.

وشن خيرت الشاطر، القيادي الإخواني المستبعد، هجوما على المجلس العسكري الحاكم، واللجنة العليا للانتخابات، وقال الشاطر في مؤتمر صحافي أمس إن «المجلس العسكري غير جاد في تسليم السلطة ويسعى لوضع رئيس يحكم البلاد من خلاله»، مبديا ريبته من أهلية اللجنة والثقة بإمكانية إجرائها انتخابات نزيهة.

وأعلن الشاطر دعمه المطلق لمرشح جماعة الإخوان البديل الدكتور محمد مرسي، وقالت مصادر مطلعة داخل مكتب الإرشاد لـ«الشرق الأوسط» إن مرسي يمكنه الاستعانة بالشاطر لتحقيق مشروع النهضة. وأشار الشاطر إلى أن قرار استبعاده «يدل على أن نظام مبارك لا يزال يحكم، وأن المستشار سلطان لا يزال لديه ولاء للمخلوع الذي عينه في رئاسة المحكمة الدستورية العليا، بل إنه يمارس نفس نهج المخلوع في سرقة مصر وفسادها»، على حد قوله.

ومنذ العفو عن الشاطر العام الماضي، تقول جماعة الإخوان إنه يتولى مسؤولية إعداد برنامج اقتصادي وسياسي لنهضة البلاد التي تعاني أزمات اقتصادية حادة، ويعيش نحو 40 في المائة من سكانها تحت خط الفقر. وعزز استبعاد الشاطر جهودا تبذلها قيادات تاريخية داخل جماعة الإخوان لسحب ترشيح مرسي، رئيس حزب الإخوان، لصالح مرشح إسلامي توافقي، لتقليل الأثر السلبي الذي منيت به الجماعة بعد تراجعها عن تعهد سابق لها بعدم الدفع بمرشح رئاسي.

وقال قيادي إخواني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن هناك مشاورات تجري في الوقت الراهن للتوافق على مرشح إسلامي.. «هذه الجهود لم تسفر عن قرارات حتى الآن، لكن لا يزال أمامنا وقت كاف». لكن هذه الجهود تتناقض وإصرار مكتب إرشاد «الإخوان» على المضي قدما في المنافسة على المنصب الرفيع، بحسب مراقبين.

ومن المقرر أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة يوم 26 الحالي. وحتى اللحظة، يوجد 13 مرشحا رسميا، أبرزهم عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية، والقيادي الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح، والفريق أحمد شفيق رئيس وزراء مصر الأسبق، والقيادي الناصري البارز حمدين صباحي.

ويقول مراقبون إن استبعاد عمر سليمان والشاطر من سباق الرئاسة يقلص من فرص توافق القوى الثورية حول مرشح رئاسي. وسعت شخصيات وأحزاب ليبرالية ويسارية لدفع مرشحين محسوبين على التيار الثوري للتوافق حول مرشح رئاسي لخوض الانتخابات. وشكلت هذه القوى مجموعة من مائة شخصية لبحث سبل تشكيل ما سمي «مجلس رئاسي ثوري». وقال عضو بالمجموعة إن الخريطة السياسية التي تشكلت بعد استبعاد المرشحين الكبار، منحت المرشحين الحاليين إحساسا بتنامي فرصهم في الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن مجموعة المائة كانت تجد صعوبة في إقناع المرشحين حتى في ظل وجود سليمان والشاطر.. «الآن وقد خرج هؤلاء من سباق الرئاسة، يتمسك المرشحون بالمضي قدما في السباق».