خبر الشعب الفلسطيني المقاوم ومخاطر قوانين الاعتقال الإداري الصهيوني

الساعة 02:24 م|13 ابريل 2012

بقلم : أكر م عبيد

بمناسبة يوم الأسير في سجون الاحتلال الصهيوني آثرت الكتابة في ملف هام من ملفات جرائم الحرب والفصول الإجرامية الصهيونية ومخاطرها على شعبنا الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال الصهيوني الذي يتمثل في الاعتقال الإداري دون أي تهمة تذكر أو محاكمة عادلة الذي ورثته سلطات الاحتلال الصهيوني عن الاحتلال البريطاني صنيعة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة

لذلك فقد تميزت الهيكلية القانونية في الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة منذ إعلان قيامة عام 1948 حتى اليوم عن غيرها من بلدان العالم بأنها منظومة قانونية تستند لقانون الطوارئ العسكري الذي يعتبر من أسوأ قوانين الاحتلال في العالم الذي يشرع كل أشكال الإرهاب في إدارة الصراع مع الشعب الفلسطيني بشكل عام ومع أسراه ومعتقليه في السجون الصهيونية وعائلاتهم لإذلالهم وقهرهم وكسر إرادتهم الصمودية وخاصة

 أن سياسة القضاء الصهيوني لا تستند لإسس قضائية أو معايير قانونية دولية عادلة كما يتبجحون  لأنها مستمدة من أحكام قانون الطوارئ البريطاني الصادر 1945 الذي ورثته عن سلطات الاحتلال البريطاني في فلسطين المحتلة

لذلك لم تكتفي سلطات الاحتلال البريطاني بصياغة وعد بلفور المشؤوم لبدء الخطوة الأولى من مسيرة الآلام لأكبر جريمة حرب في العصر الحديث لم يشهد التاريخ مثيلا لها في المنطقة بل تعمدت بسن أسوأ القوانين العنصرية في العالم وفي مقدمتها الاعتقال الإداري الذي يجيز اعتقال الفلسطينيين دون تهمة أو محاكمة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد دون محاكمة والتي تم تجديدها من خلال سلطات الاحتلال الصهيوني العسكرية  عام 1979 التي سجلت محاكمها العسكرية اكبر عدد من المعتقلين الإداريين في تاريخ الاحتلال خلال الانتفاضة الشعبية السلمية الفلسطينية الأولى عام / 1987 / حيث وصل عدد المعتقلين عشرين ألف معتقل إداري لغاية عام / 1994 / بعد عام من توقيع اتفاق أوسلو التصفوي في حين سجلت المحاكم العسكرية الصهيونية نفس العدد بعيد انطلاقة انتفاضة الأقصى الثانية   

نعم إنها الحرب العدوانية الشاملة والممنهجة المعلنة والمستمرة على شعبنا الفلسطيني من الاحتلال البريطاني البغيض إلى الاحتلال الصهيوني الذي حول شعبنا بأكمله إلى شعب أسير تحت أبشع احتلال استيطاني عنصري توسعي لا ينتهي بالشق العسكري لان أبشع تداعياته كانت ومازالت تتمثل بمأساة الاعتقال الإداري وما ترتب عليها من محاولات لإذلال المعتقلين وأهانتهم لا بل لإذلال وإهانة ذويهم معتقدا ومتوهما انه بهذا السلوك الإجرامي سيكسر الإرادة الصمودية لشعبنا الفلسطيني المقاوم لإخضاعه للشروط والاملاءات الصهيوامريكية الاستسلامية

لذلك فان الاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمه أو محاكمة يعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الإطلاع عليها ويمكن حسب الأوامر العسكرية لسلطات الاحتلال تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة حيث يتم استصدار أمر إداري لفترة أقصاها ستة شهور في كل أمر اعتقال قابل للتجديد بالاستئناف لعدة مرات

لذلك فهو عقاب وأجراء سياسي يعبر عن سياسة حكومية لسلطات الاحتلال الصهيوني باستخدامها الاعتقال الإداري كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين وهو إجراء محظور في القانون الدولي

ويقتصر إصدار أوامر الاعتقال الإداري على الحاكم العسكري الصهيوني للمنطقة فيما يقع إصداره ضمن صلاحيات وزير الدفاع الإسرائيلي للمعتقلين من سكان القدس

و يمنح القانون الصهيوني للقائد العسكري صلاحية إجراء أية تعديلات على الأوامر العسكرية المتعلقة بالاعتقال الإداري بما يتلاءم والضرورة الأمنية  دون الأخذ بالحسبان أية معايير دولية لها علاقة بحقوق المعتقلين ويستند في غالبية حالات الاعتقال الإداري على مواد سرية – بموجب التعديل الثاني للأمر بشأن الاعتقال الإداري المعدل عام 1988 تحت رقم 1254 بالضفة

ويتم محاكمة الفلسطينيين في محاكم عسكرية صهيونية لا تراعي أصول المحاكة العادلة المنصوص عليها في القانون الدولي والتي تحفظ لهم حقهم في المساواة أمام القانون وخاصة المثول أمام محكمة مختصة ومستقلة وحيادية ومنشأة بحكم القانون ونظرا لان الاعتقال الإداري يتم دون محاكمة فعلية مراجعة ملفات الاعتقال الإداري في محكمة رقابة قضائية من قبل قاض عسكري وليس لجنة لأن المحكمة تقوم باستدعاء مندوب المخابرات عند بحث كل ملف لعرض البيانات السرية بالتفصيل من قبله أمام القاضي في السابق

وتم التنازل عن هذا الإجراء خلال فترة إعادة احتلال الجيش الصهيوني لمدن الضفة الغربية عام 2002 ويرجع قرار استدعاء ممثل المخابرات من عدمه اليوم للقاضي وهذا يعني أنه في الغالبية المطلقة من الحالات يقوم القاضي بالإطلاع على ملخص البينات ضد المعتقل وليس كافة المواد السرية ولا تتاح له الفرصة لمناقشة رجل المخابرات في كيفية حصوله على المعلومات، وكيفية فحصها للتأكد من صحتها

يحتجز معظم الإداريون الذكور حاليا في معسكر عوفر / النقب / مجدو، كفار يونا وتحتجز الأسيرات الفلسطينيات المعتقلات إداريا في كل من سجن هشارون- تلموند ونفي ترتسا. وقد أجازت محكمة العدل العليا للسلطات الإسرائيلية(عام ) إصدار أوامر اعتقال إداري دون تحديد مكان الاحتجاز بأمر الاعتقال نفسه

لا شك في أنّ الإضراب التاريخي لبعض الأسرى عن الطعام وفي مقدمتهم الأسير القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، خضر عدنان، الذي استمر 66 يوماً في سجون الاحتلال الصهيوني أعاد تسليط الضوء على قانون الاعتقال الإداري المجحف بحق الفلسطينيين وها هي الأسيرة هناء الشلبي تسير على خطى عدنان وقد أنهت 44 يوماً من الإضراب المفتوح عن الطعام منذ اعتقالها في 16 شباط الماضي احتجاجاً على اعتقالها وطريقة التحقيق معها وتفتيشها وهي عارية وعلى طر يقهم عشرات المضربين

و اليوم يتطلع الأسرى في يوم الأسير إلى الحرية والتخلص من براثن سجون الاحتلال الصهيوني مطالبين أبناء شعبهم وشرفاء أمتهم وكل احرار العالم الوقوف إلى جانبهم والى جانب عائلاتهم وأطفالهم والتصدي للمفاهيم والمعايير العنصرية الصهيونية القائمة على تجزئتهم وتصنيفهم وفرض الاشتراطات الأمنية والسياسية على قضيتهم
 وبالرغم من ذلك ما زالوا قامات وهامات شامخة في مواجهة إدارة السجون الاحتلالية العسكرية وقوانينها العنصرية  لأنهم جنود الحرية ورجال مقاومة مشروعة ناضلوا ضد الاحتلال..وليسوا مجرمين أو إرهابيين كما تصفهم حكومة الاحتلال

لذلك ليس غريبا ولا مستغربا على السلطات الصهيونية المحتلة ومحاكمها العسكرية التعاطي مع الأسرى في سجونها كأرقام أو أصفار وليس بشرا لهم حقوق إنسانية وقانونية وجزءا من قضية وطنية ينتمون إلى هوية وشعب يناضل في سبيل تحرره وتقرير مصيره

إن الجريمة الإنسانية والجنائية التي تجري بحق الأسرى لا تجد لها إطارا يسأل عنها أو يحاسب من ارتكبها بعدما هرولت سلطة معازل أوسلو للمفاوضات العبثية وتجاوزت كل الثوابت الوطنية الفلسطينية وفي مقدمتها قضية الأسرى ولهذا تمادت سلطات الاحتلال في غيها وطغيانها للتنصل من التزاماتها القانونية والإنسانية تجاه الأسرى والمعتقلين ولابد أن تتحرك كل فصائل العمل الوطني المقاومة وكل شرفاء الأمة وأحرار العالم ومؤسساتهم المعنية بحقوق الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني وفي مقدمتها لجان حقوق الإنسان والصليب الأحمر وكل اللجان والمنظمات العربية والإقليمية والدولية المعنية لفتح معركة قانونية مع سلطات الاحتلال الصهيوني لتدويل قضية الأسرى والتوجه لاستصدار فتوى قانونية من محكمة لاهاي حول المكانة القانونية للأسرى باعتبارهم أسرى حرب هذه ستشكل الخطوة الإستراتيجية الأولى على طريق توفير الحماية للأسرى وإعادة الاعتبار لمكانتهم الوطنية والسياسية والإنسانية كأسرى حرب في إطار حركة تحرر وطني وليسوا أرقاما أو مجرمين في القوانين الاحتلالية الصهيونية .

[email protected]