خبر ايران تريد مكانة دولة عظمى نووية -هآرتس

الساعة 08:29 ص|12 ابريل 2012

ايران تريد مكانة دولة عظمى نووية -هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: السؤال الاهم سيكون هل ستنجح القوى العظمى وبالاساس روسيا والصين في اقناع ايران بصياغة شروطها بشكل تعتبر اساسا لازالة تهديد الهجوم الاسرائيلي على ايران وتوفير ما يكفي من الاجواء لمواصلة الخطوة الدبلوماسية – المصدر).

        بعد سنة وأربعة أشهر من اللقاء الاخير بين ممثلي القوى العظمى وايران، في السبت القريب القادم سينعقد في اسطنبول منتدى الخمسة زائد واحد (الدول الخمسة الاعضاء في مجلس الامن الى جانب ألمانيا) في محاولة لاقناع ايران بوقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم. قبيل الاجتماع – الذي في البداية لم يكن واضحا اذا كانت ايران ستوافق على عقده في اسطنبول على خلفية الخلاف بين تركيا وايران في المسألة السورية – أوضح رئيس سلطة النووي الايراني، فريدون عباسي بان ايران ستواصل تخصيب اليورانيوم الى مستوى 20 في المائة، ولكن فقط بالكميات اللازمة لاغراض البحث الطبي وبعد ذلك ستتوقف تماما عن التخصيب.

        عرض هذا الموقف يشكل تلميحا أول بان ايران مستعدة لان تلطف قليلا حدة موقفها السابق، ولكن ليس واضحا اذا كانت في جعبتها اقتراحات اخرى. قبيل القمة يطلب الرئيس الامريكي براك اوباما من طهران "خطوات ملموسة" تشير الى أنها لا تتطلع الى تحقيق سلاح نووي كشرط لموافقته على برنامج نووي لاهداف سلمية. صحيح أن اوباما لم يفصل ما هي تلك الخطوات، ولكن يخيل أنه يقصد تفكيك منشأة التخصيب في بوردو، موافقة ايران على الرقابة في المنشآت التي ليست حتى الان تحت الرقابة، وبالاساس اخراج اليورانيوم المخصب من ايران – الخطوة التي رفضتها ايران حتى الان.

        قبل نحو سنتين فقط وقعت ايران على اتفاق مع تركيا والبرازيل قضى بانه ضمن امور أخرى تودع طهران في تركيا كمية 1.200 كغم من اليورانيوم المخصب (بمعدل 3.5 في المائة – المستوى الادنى). ولكن رغم الاتفاق، كان يفترض باليورانيوم المخصب ان يبقى بملكية ايران بحيث يمكنها أن تستعيده في كل وقت.

        بين هذين الموقفين الاوليين – الايراني والامريكي، سيجري الحوار بين الطرفين. وذلك في الوقت الذي سيوضع على الطاولة ايضا اقتراح روسي وبموجبه توافق ايران على تقليص تخصيب اليورانيوم بشكل تدريجي، حسب جدول زمني وجدول كميات متفق عليه. وبمقابل تنفيذ كل مرحلة ترفع عنها العقوبات بشكل تدريجي. ومع أن ايران أعلنت قبل بضعة اشهر عن ان الخطة الروسية يمكن أن تشكل نقطة منطلق للحوار – حتى الان لم تنطلق من طهران موافقة مطلقة عليها.

        اللقاء في اسطنبول يجري تحت ضغط عقوبات غير مسبوقة يفرضها الغرب على ايران، وتتسبب بتخفيض كبير في حجم استهلاك المواطنين الايرانيين. ومع ذلك، فان هذه لا تزال لا تحدث أزمة اقتصادية في الدولة أو توقظ الجمهور للخروج الى الشوارع. وأمس أعلن الرئيس الايراني، محمود أحمدي نجاد بانه دولته يمكنها أن تعيش حتى لثلاث سنواته دون أن تبيع قطرة واحدة من النفط. اما وزير النفط في الدولة رستم قاسمي، فأفاد بان ايران قررت ألا تبيع مزيدا من النفط لليونان. هذا التصريح ينضم الى تصريح آخر قبل نحو شهرين، عن وقف بيع النفط لفرنسا وبريطانيا. ولكن هذا كان تصريحا فارغا من المضمون وذلك لان هذه الدول على أي حال لا تستورد النفط من ايران.

        اعلان أحمدي نجاد ليس مجرد تبجح واستخفاف استعراضي بسياسة العقوبات. فلدى ايران احتياطات من العملة الصعبة بحجم نحو 120 مليار دولار، مقابل دينها الخارجي الذي يبلغ 23 مليار دولار فقط، نحو 6.5 في المائة من الانتاج القومي الخام، حجم لا يخرج على نحو خاص عن المعايير الدولية. صحيح أن الاقتصاد الايراني يعتمد بـ 80 في المائة من حجمه على تصدير النفط، ولكن حتى مع العقوبات تجدها قادرة على مواصلة تصدير المنتج سواء للصين والهند أم لتركيا. ومع أن أنقرة خفضت حجم مشترياتها من ايران، ولكن مصدر نحو 20 في المائة من استهلاكها لا يزال الدولة الفارسية.

        بالمقابل، لم تعد ايران تنجح في تجنيد استثمارات أجنبية مباشرة، ويبدو ان برنامج التنمية للعشرين سنة القادم – وبموجبها ستحتاج ايران الى استثمارات اجنبية سنوية بحجم 25 مليار دولار – ستدخل الى التجميد اذا لم يطرأ تغيير على سياسة العقوبات. حقيقة أن هذا الاسبوع ينخفض سعر النفط، هي الاخرى لا تساعد الاقتصاد المحلي. كما أن الفائض الموجود في السوق، ولا سيما على خلفية زيادة الانتاج في السعودية يبشر بمصاعب في ميزانية طهران.

        في نفس الوقت، بدأت ايران خطوات عملية لتقليص تأثير العقوبات. ضمن امرو اخرى نشرت قائمة 600 منتج استهلاكي ومنتج ترف، محظورة الاستيراد وقائمة اضافية من المنتجات ليست منتجات اساس ولن تتمتع بتخصيص عملة صعبة لشرائها، وهكذا بحيث أن كلفتها للمستوردين ستكون أعلى بنحو 50 في المائة مما كانت حتى الان.

        الضغط الاساس للعقوبات يشعر به أساسا المواطنون: كل يوم تقل قيمة العملة التي في حوزتهم (في الاشهر الاخيرة هبط الريال الايراني بنحو 55 في المائة)؛ بناء شقق جديدة توقف ونتيجة لذلك ارتفع جدا ايجار الشقق؛ فتح اعمال تجارية جديدة بات بطيئا؛ معدل البطالة الرسمي، 12 في المائة، أعلى بكثير عمليا؛ والتضخم المالي هو الاخر يرتفع وحسب المعطيات الرسمية يصل الى اكثر من 20 في المائة.

        صحيح أن هذه صورة وضع قاتمة، ولكن لا تزال بعيدة عن تحديد الانهيار الاقتصادي الذي قصدته اسرائيل حين طالبت بفرض عقوبات شالة. مقياس هام آخر لنجاح العقوبات – عصيان مدني أو مظاهرات على الاقل – لم يجد تعبيره بعد. حاليا، اساس الانتقاد  الداخلي ضد احمدي نجاد يوجه للشكل الذي يدير به اقتصاد الدولة: استخدام مبذر للاموال العامة لبناء مشاريع زائدة، اخفاق في تمويل شبكة المترو في طهران أو خطة دعم حكومي مبذرة.

        اذا كان هناك خلاف في مسألة النووي، فهو لا يجد تعبيره العلني وكذا منتقدي الرئيس، بمن فيهم المعارضة، يواصلون اعتبار المشروع مشروعا وطنيا لا يجب التنازل عنه.

        على هذه الخلفية من المتوقع لايران أن تبدي في اسطنبول موقف دولة لا تتأثر بالعقوبات او بالتهديدات، وان تطرح شروطا "لاحترام مكانتها كقوة عظمى نووية"، كما أوضح في بداية الاسبوع رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني، علاء الدين بورجردي. السؤال الاهم سيكون هل ستنجح القوى العظمى وبالاساس روسيا والصين في اقناع ايران بصياغة شروطها بشكل تعتبر اساسا لازالة تهديد الهجوم الاسرائيلي على ايران وتوفير ما يكفي من الاجواء لمواصلة الخطوة الدبلوماسية.